اعتبر خبراء اقتصاديون قرار أوبك إبقاء سقف الإنتاج عند مستوى 30 مليون برميل يوميا حتى منتصف عام 2014 ، مؤشرا إيجابيا في اتجاه الدول المنتجة لاستقرار الأسعار، وكذلك لدعم النمو الاقتصادي والسعي نحو مساعدة الاقتصاد العالمي للخروج من حالة الركود التي يعيش فيها، مؤكدين أن الدول المنتجة تتحرك بمسؤولية تجاه الاقتصاد العالمي. وقالوا إن قرارات أوبك لم تكن مفاجئة، فالمؤشرات لإبقاء مستوى الإنتاج برزت من المواقف التي خرجت قبل عقد الاجتماع الأخير، الأمر الذي ساهم في إحداث انفراجة و أعطت ارتياحا في السوق النفطية، بحيث ساهمت في استقرار الأسعار سواء قبل الاجتماع أو بعده، مستبعدين في ظل الأوضاع الحالية ارتفاع الأسعار في السوق النفطية، فالتوقعات لا تتحدث عن زيادة في القيمة السوقية للنفط، وذلك بالرغم من دخول فصل الشتاء وزيادة استهلاك وقود التدفئة في المناطق الأكثر برودة في العالم. وأوضج الدكتور تيسير الخنيزي «خبير نفطي» أن قرارات أوبك الأخيرة شكلت محفزا قويا للاقتصاد العالمي في مواصلة الانتعاش، لافتا إلى أن أوبك تراعي في جميع القرارات التي تتخذها منحى التداعيات والأزمات التي يعيشها الاقتصاد العالمي، مضيفا، أن التداعيات الناجمة عن قرارات أوبك مرتبطة بعوامل متعددة منها قراءة دقيقة للسوق، فأي تغيير في مستويات الإنتاج يعني المساعدة في إحداث أزمة في المعروض، وبالتالي فإن الدول المنتجة تسعى من خلال القرارات إلى رعاية المصالح المشتركة سواء بالنسبة للدول المستهلكة أو المنتجة، بمعنى آخر فإن قرار إبقاء سقف الإنتاج دون تغيير حتى منتصف 2014 ينطلق من قناعة الدول المنتجة بأن المستوى العالمي يسهم في تلبية الطلب العالمي ولا يشكل عنصر قلق بحدوث أزمة معروض في الوقت الراهن، لاسيما وأن المعروض حاليا متوازن إلى حد بعيد. وقال إن قرارات أوبك الأخيرة تشكل داعمة قوية في إبقاء الأسعار عند المستويات المتوازنة، بيد أن الأمور مرهونة بالتطورات على الأرض، لاسيما وأن فصل الشتاء يشهد زيادة كبيرة في استهلاك الطاقة في الدول المستهلكة، بمعنى آخر إذا سجلت درجات الحرارة نزولا كبيرا بخلاف المتوقع، فإن النفط مرشح للارتفاع بشكل واضح، فيما ستبقى الأسعار دون تغيير يذكر في حال جرت الأمور دون مفاجآت، لافتا إلى أن المملكة باعتبارها من أكبر الدول المنتجة في أوبك تسعى من خلال سياستها الثابتة لإبقاء الأسعار عند المستويات العادلة أو المقبولة سواء بالنسبة للمنتج أو المستهلك، فالمملكة طوال العقود الماضية وخلال الأزمات الكثيرة التي شهدتها المنطقة أو إبان الأزمات العالمية، اتخذت مسارا واضحا يتمثل في ضخ السوق بالنفط وسد النقص الحاصل من خلال استغلال الطاقة الفائضة الموجودة لديها، موضحا، أن السياسة الثابتة للمملكة أعطت انطباعات إيجابية بقدرتها على مساعدة الاقتصاد العالمي ومنع حدوث نقص في المعروض، فقد مارست نفوذها الاقتصادي في تكريس سياسة استغلال الطاقة من الناحية السياسية والتعامل مع السلعة الاستراتيجية بمبدأ العرض والطلب. واستبعد الخنيزي أن تسهم العوامل السياسية السائدة حاليا في إحداث تغييرات تذكر، نظرا للتحولات الكبيرة التي تشهدها الساحة السياسية في أعقاب الاتفاق الإيراني الأوروبي بشأن الملف النووي والتحرك نحو حلحلة الملفات بالطرق السلمية واستبعاد الخيار العسكري. أما الدكتور علي العلق أستاذ المالية والاقتصاد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن،قال إن قرار أوبك بإبقاء سقف الإنتاج عند مستوى 30 مليون برميل يوميا حتى النصف الثاني من العام المقبل مرتبط بالقراءة الدقيقة لمعطيات السوق، مؤكدا، أن السوق النفطية تشهد إمدادات كبيرة من الدول من خارج المنظمة، وبالتالي فإن تحرك أوبك باتجاه رفع سقف الإنتاج يمثل مخاطرة كبيرة، تنعكس بصورة مباشرة على المستويات السعرية في نهاية المطاف، لافتا إلى أن التوقعات تتحدث عن استقرار أسعار النفط عند 100 دولار للبرميل حتى نهاية العام المقبل، بمعنى آخر فإن أوبك سعت من خلال استمرار سقف الإنتاج للدول المنتجة لامتصاص جميع محاولات إغراق السوق بكميات كبيرة من الطاقة من الدول من خارج المنظمة، مشيرا إلى أن العوامل السياسة الهادئة تمثل عامل استقرار في السوق النفطية العالمية، لاسيما بعد التطورات الإيجابية المتعلقة بالملف النووي الإيراني، وبالتالي فإن الدول المنتجة من أوبك تهدف من وراء قرارها الأخير تكريس حالة الاستقرار السعري للنفط. وقال أن العراق وإيران تسعى من خلال تطوير بعض الحقول أو الاستفادة من الأجواء السياسية في رفع سقف إنتاجها في منتصف العام المقبل، مما يعني إيجاد توزيع جديد للحصص وفق المعطيات الجديدة، مضيفا، أن أوبك اتخذت قرارا صائبا بعد زيادة الإنتاج خلال النصف الأول من العام المقبل، لاسيما وأن القرار يسهم في استقرار السوق وعدم المجازفة بقرارات من شأنها التأثير على الأسعار سلبيا، نظرا لوجود إنتاج من خارج المنظمة غير ملتزم بقرارات والحصص الإنتاجية للأعضاء، وبالتالي فإن مواصلة ضخ كميات إضافية يمثل مخاطرة ليست في صالح الدول المنتجة التي تحاول خلق حالة من التوازن وتغليب المصالح المشتركة سواء بالنسبة للمنتج أو المستهلك. واستبعد العلق زيادة النمو الاقتصادي في العام المقبل بشكل يسهم في زيادة الطلب العالمي، فالمؤشرات الاقتصادية لا تتحدث عن نمو يتجاوز النمو الذي سجله الاقتصاد العالمي في عام 2013، وبالتالي فإن الأسعار مرشحة للإبقاء عند مستويات 100 دولار خلال العام المقبل، مما يعني أن أوبك ستواصل المحافظة على سقفها الإنتاجي خلال العام المقبل، إذ لا توجد مؤشرات حقيقية لدى المنظمة في رفع طاقتها الانتاجية، مبينا، أن التطورات السياسية تمثل عاملا اساسيا في تحريك المستويات السعرية للنفط، بمعنى آخر فإن الأسعار قابلة للتغير في حال عودة عدم الاستقرار السياسي للمنطقة مجددا، لاسيما وأن التطورات السياسية الناجمة عن الحلول السلمية للملفات الساخنة في المنطقة ساهمت كثيرا في استقرار أسعار الطاقة في السوق العالمية، وبالتالي فإن عودة الأمور للمربع الأول يعني تكبيد الاقتصاد العالمي للمكاسب التي حققها جراء تحرك المجتمع الدولي نحو خلق مناخ إيجابي للسيطرة على المناطق الساخنة في المنطقة وتغليب الخيارات السلمية على الخيار العسكري في أكثر الملفات سخونة في المنطقة وهو الملف الأيراني النووي. وكانت منظمة البلدان المصدرة للبترول اتفقت الأربعاء على إبقاء مستوى الإنتاج المستهدف دون تغيير عند 30 مليون برميل يوميا في النصف الأول من 2014.