أبقت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) على سقف إنتاجها الحالي المحدد ب 30 مليون برميل من الخام يوميا، في ظل محافظة أسعار النفط الخام على مستوياتها المرتفعة قبل الانخفاض المتوقع في الطلب على نفط أوبك العام المقبل. ورأى خبراء اقتصاديون أن قرار أوبك ينطلق من المخاوف السائدة حاليا مع استمرار حالة القلق التي تحيط بالاقتصاد العالمي، نظرا لهشاشة الوضع المالي في منطقة اليورو، كما أن هناك قلقا متزايدا قد يواجه السوق النفطية خلال العام المقبل، متوقعين أن يتقلص الطلب المتوقع على خام أوبك في 2013 إلى 29,7 برميل في اليوم. وقال الدكتور علي العلق أستاذ المالية والاقتصاد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، إن خطوة أوبك متوقعة وليست مفاجئة على الإطلاق، خصوصا أن المعروض ما زال كافيا ولا يوجد نقص في المعروض في السوق العالمية، إضافة إلى أن أغلب الدول الأعضاء في أوبك تنتج حاليا بالطاقة القصوى باستثناء المملكة التي يوجد لديها فائض بمقدار 2 مليون برميل يوميا، وبالتالي فإن الطاقات الإنتاجية الفائضة داخل أوبك محدودة للغاية. وأوضح، أن الدول المنتجة تراقب السوق في الوقت الحالي بدقة للوقوف على آخر التطورات، بهدف اتخاذ القرار المناسب، خصوصا أن الارتفاع الكبير لا يخدم المستهلك والمنتج في الوقت نفسه، ويوقف عجلة النمو، ما يحد من قدرة المستهلك على تخصيص ميزانيات كبيرة لشراء الوقود، إضافة إلى ذلك فإن الارتفاع يحد من المداخيل المالية اللازمة لتطوير الصناعة النفطية، وضخ الاستثمارات اللازمة لمواصلة عملية التنقيب والاستكشاف، وكذلك يضر بالموازنات المالية للدول المنتجة، الأمر الذي يدفع الجميع إلى المحافظة على مستويات معقولة للأسعار. أما الدكتور محمد الرمادي أستاذ المالية والاقتصاد في جامعة الملك فهد البترول والمعادن، فقال إن استمرار صعود الأسعار يضر بالاقتصاد العالمي، خصوصا أن العوامل الاقتصادية لا تدعم مثل هذه الارتفاعات، لاسيما أن الطلب العالمي لم يسجل زيادة غير طبيعية، إضافة إلى أن غالبية الدول المنتجة تنتج بالطاقة القصوى حاليا باستثناء المملكة التي تمتلك طاقة إنتاجية فائضة، مؤكدا عدم وجود نقص في المعروض في السوق العالمية، وبالتالي فإن الارتفاعات الحالية ليست مبررة من الناحية الاقتصادية، مضيفا: أن العوامل السياسية تمثل العامل الأساس وراء الزيادة الحاصلة، لاسيما أن هناك 20 25 دولارا في البرميل الواحد تضاف على السعر نتيجة العوامل السياسية، مبينا أن الملف النووي الإيراني يمثل المحرك الأول والأساس وراء الحركة غير الاعتيادية في أسعار النفط بالسوق العالمية. من جانبه، قال الدكتور تيسير الخنيزي الخبير الاقتصادي: إن أزمة اليورو تمثل عاملا رئيسيا في تحديد مسار أسعار النفط في السوق العالمية، خصوصا أن الدول الأوروبية تستهلك نسبة كبيرة من النفط، وبالتالي فإن تباطؤ اقتصاديات منطقة اليورو ينعكس بصورة أو بأخرى على الطلب العالمي ما يؤثر على السعر في السوق النفطية، مشيرا إلى أن القارة الأوروبية، رغم أهميتها في تحديد مسار أسعار النفط، فإنها لم تعد اللاعب الأساس في الوقت الراهن، لاسيما مع ظهور اقتصاديات دول شرق آسيا مثل الصين والهند وكوريا، وبالتالي فإن تراجع النمو الصناعي في الصين يخلق نوعا من القلق، بيد أن الأمور قابلة للتغيير بين فترة وأخرى، مبينا أن المخاوف من انخفاض أسعار النفط لمستويات دون 100 دولار للبرميل ليست مبررة على الإطلاق. إلى ذلك قال الأمين العام لأوبك عبد الله البدري أمس إن أوبك ليست قلقة من أن أسعار النفط قد تكون مرتفعة أكثر من اللازم، أو من احتمال تزايد المخزونات في النصف الأول من العام المقبل. وأبلغ الصحافيين بعد اجتماع أوبك «أوبك لا تقلق إلا إذا رأت سعرا أعلى من اللازم، أو سعرا أدنى من اللازم». وأضاف أن السعر الحالي للنفط الذي يبلغ نحو 109 دولارات للبرميل «أعتقد أن السعر مقبول للمنتجين والمستهلكين». وردا على سؤال عما إذا كان يساوره قلق من ارتفاع المخزونات بشدة إذ أن الطلب المتوقع على نفط أوبك 29.25 مليون برميل يوميا في النصف الأول من العام المقبل بينما يبلغ أحدث مستويات إنتاجها 3.80 مليون برميل يوميا قال البدري «هناك مخزون يتشكل.. هذا أمر طبيعي». إلى ذلك، نزل خام برنت باتجاه 109 دولارات للبرميل أمس بفعل تزايد مخزونات النفط في الولاياتالمتحدة، كما استمرت الضغوط على الأسعار بفضل مخاوف من تخلف أكبر اقتصاد في العالم عن موعد نهائي للاتفاق على ميزانية العام المقبل واحتمال انزلاقه إلى الركود. وبحلول الساعة 0921 بتوقيت جرينتش نزل برنت 35 سنتا إلى 109.15 دولار للبرميل وفقد الخام الأمريكي الخفيف 39 سنتا ليصل إلى 86.38 دولار للبرميل. وضغط أيضا ارتفاع الدولار الأمريكي 0.1 في المئة أمام سلة عملات على أسعار النفط.