مع بدء العد التنازلي لإعلان ميزانية المملكة للعام القادم 2014م، والتي من المنتظر إعلانها خلال الأيام القليلة المقبلة أن تكون ميزانية 2014 م الأكثر إنفاقا تقديريا في تاريخ المملكة. وقد اعتادت القيادة الرشيدة على الإنفاق بسخاء، وهو ما وصفه المراقبون ب«الإنفاق التوسعي»، وقالوا إن هذا التوجه يتمثل في ثلاثة قطاعات هي «التعليم والصحة والنقل»، وذلك من أجل حل مشاكل هذه القطاعات بشكل جذري حاليا وفي المستقبل. وأنفقت الحكومة خلال العام الحالي نحو 820 مليار ريال على العديد من ملفات التنمية والتطوير، ويعد قطاعا التعليم والصحة من أكثر القطاعات التي حظيت بحجم كبير من هذا الإنفاق، وسط توقعات بأن تواصل البلاد خلال العام المقبل 2014 إنفاقها الضخم على المشروعات الحيوية والملفات التنموية. ومن المتوقع أن تواصل الدولة سياستها المتحفظة في تقديراتها الجديدة لموازنة عام 2014، خصوصا أن أسواق النفط العالمية قد تشهد خلال هذا العام عودة إيران إلى التصدير من جديد، عقب توصلها مؤخرا إلى اتفاق مع الدول العظمى في جنيف حول ملفها النووي من جهة، وإمكانية عودة ليبيا إلى التصدير بشكل أكبر للأسواق الخارجية من جهة أخرى في حال استقرار أوضاع البلاد. كما هو متوقع، ستكون أرقام ميزانية العام القادم 2014م متحفظة في تقديراتها، خصوصا في ظل توقعات زيادة الإنتاج النفطي في أمريكا الشمالية، والعودة التدريجية لنفط إيران، واستقرار الوضع في ليبيا، ما يؤشر بانخفاض أسعار النفط. وستواصل الميزانية الجديدة في إعطاء الأولوية في تخصيص النفقات القطاعية إلى قطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية والتنمية الاجتماعية. وهناك قطاعات أخرى تحتاج إلى مزيد من الإنفاق؛ مثل قطاع الإسكان وقطاع الخدمات والمتمثل في المياه والكهرباء والصرف الصحي، علما بأن الميزانيات السابقة حققت فوائض مالية كبيرة تجاوزت في نهاية عام 2012 مبلغ تريليوني ريال؛ نتيجة لزيادة إنتاج النفط وارتفاع أسعاره، ومن جهة أخرى زادت المصروفات بمعدل سنوي فاق 10% في السنوات الأربع السابقة، حيث الفائض المحقق لهذا العام يصل إلى 290 مليار ريال مع وصول إجمالي إيرادات الميزانية النفطية وغير النفطية إلى 1.16 تريليون ريال. من الأجدى أن يتم تحويل جزء كبير منه لزيادة الإنفاق على المشروعات الحيوية والصناعات المختلفة، ولتحقيق ذلك ولكي نتفادى عمليات التعثر في إنجاز المشروعات يجب أن تتم الاستفادة من الشركات العالمية، بعيدا عن الاعتماد على الشركات المحلية فقط. * أستاذ المحاسبة بجامعة الطائف