أكد محللون اقتصاديون أن توجيه الموارد المالية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة هي أهم ما يميز ميزانية الخير للعام 2012، فالحكومة ما زالت تصر على الإنفاق التوسعي لاستكمال مشروعات التنمية وهذا أمر إيجابي، إلا أنه يحتاج إلى إدارات تنفيذية فاعلة لاستكمال خطط البناء والتنمية. وأشاروا ل»الرياض» أن تحديد المصروفات ب690 ملياراً يعني زيادته عما كان مقررا في العام 2011 بنسبة 19 في المائة، وهذه الزيادة تقل عن الإنفاق الحقيقي للعام الحالي ولكن تاريخيا الميزانية تتجاوز دائما الإنفاق التقديري. وقال المستشار الاقتصادي الدكتور فهد بن جمعة أن الميزانية العامة لعام 2012 تعتبر أكبر ميزانية تقديرية في تاريخ السعودية، حيث قدرت المصروفات عند 690 مليار ريال والإيرادات عند 702 مليار ريال أي بفائض قدرة 12 مليار ريال، لكن تقدير الإيرادات كانت متحفظة بناء على سعر 56 دولاراً وعند إنتاج متوسط 9 ملايين برميل يوميا أو متوسط تصدير (7 ملايين برميل يوميا). وأضاف «إيرادات الميزانية العامة بلغت 1.11 تريليون ريال لعام 2011 بزيادة 106% عن التقديرية، بينما بلغت المصروفات 804 مليارات ريال وبزيادة 39% عن التقديرية، لذا يكون الفائض في الميزانية قدره 306 مليارات ريال. وعن مقارنة ميزانية 2012 مع 2011 التقديرية أشار بن جمعة إلى أن الانفاق ارتفع 19% ما يجعلها أكبر ميزانية تاريخيا، بينما الإيرادات المتوقعة سوف تصل إلى 702 مليار ريال أي بزياده 30% عن العام الماضي وبفائض قدره 12 مليار ريال. وقال إن إجمالي إيرادات السعودية النفطية وغير النفطية يبلغ 1.12 تريليون ريال تقريبا أي بفائض في الميزانية الحالية 205 مليارات، لكن الانفاق الحكومي الفعلي ارتفع إلى 804 مليارات ريال. وذكر أن هذه الإيرادات ساهم فيها بقاء أسعار النفط العربي الخفيف فوق متوسط 105 دولارات للبرميل حتى نهاية العام وارتفاع الإنتاج بمتوسط صادرات قدرها 7 ملايين برميل يوميا. وتوقع أن تكون الإيرادات النفطية في 2012 أقل من 2011، حيث ستصل الإيرادات النفطية إلى 827 مليار ريال على أساس أن سعر النفط سوف يبقى في نطاق 90 دولاراً. من جانبه قال المحلل الاقتصادي فضل البوعينين أن الميزانية جاءت قياسية بما احتوت عليه من إيرادات، ومصروفات حقيقية للعام 2011، حيث حققت إيرادات 1.11 تريليون ريال ومصروفات بلغت 804 مليارات ريال وهو ما يفوق بكثير الأرقام المتوقعة مطلع العام الحالي. ونوه بأن زيادة المصروفات بما يقرب من 224 مليار ريال، أي ما نسبته 39 في المائة عما خطط له، يؤكد الحرص على استثمار الإيرادات الحكومية في مشروعات التنمية، ويؤكد أيضا أن الحكومة تنتهج نهج التعديل المستمر على سياسة الإنفاق بما يتوافق مع الإيرادات المحققة؛ وبذلك تحقق هدف التحوط، دون المساس بسياسة الدعم ومشروعات التنمية؛ وبخاصة مشروعات الحرمين الشريفين. وتابع «نحن نتحدث عن مبالغ مالية ضخمة يمكن لها أن تساعد في تحسين أداء الاقتصاد، وتنمية قطاعات الإنتاج، وضمان استمرار الانتعاش، هذه الوفرة المالية التي أنعم الله بها على هذه البلاد ستقود إلى معالجة الكثير من مشاكل البنية التحتية التي ما زالت تحتاج إلى الجهد البشري والإنجاز أكثر من حاجتها إلى الأموال، كما أنها ستقود إلى تنفيذ الخطط المالية الملحة، والمشروعات التنموية، وستدعم دون أدنى شك احتياطات الدولة واستثماراتها التي يُعول عليها كثيرا في تنمية الموارد المالية المستقبلية». وأوضح بنفس السياق أن توجيه الموارد المالية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة هي أهم ما يميز ميزانية الخير للعام 2012، فالحكومة ما زالت تصر على الإنفاق التوسعي لاستكمال مشروعات التنمية وهذا أمر إيجابي، إلا أنه يحتاج إلى إدارات تنفيذية فاعلة لاستكمال خطط البناء والتنمية. وذكر أن تحديد المصروفات ب690 ملياراً يعني زيادته عما كان مقررا في العام 2011 بنسبة 19 في المائة، وهذه الزيادة تقل عن الإنفاق الحقيقي للعام الحالي، إلا أن تعديل الإنفاق خلال العام 2012 سيعيدها دون أدنى شك لتحقيق نموا عما حققته العام 2011. وأبان أنه ما زالت السياسية التنموية هي الغالبة على أبواب الميزانية على أساس أن قطاعات التعليم، الصحة، المياه، النقل والبلدية قد استأثرت بأبواب الصرف الحكومي للعام القادم، إضافة إلى حصول قطاع الإسكان على جزء مهم من فوائض الميزانية التي تم تحويلها فعليا لمؤسسة النقد العربي السعودي. وقال البوعينين «الميزانية الأضخم في تاريخ المملكة تؤكد على القوة الاقتصادية المحورية للدولة، كما أنها في الوقت نفسه تعكس ملاءتها المالية ومقدرتها على التطور والنمو بما يتوافق مع تطلعات القيادة وطموح المواطنين». وقال إنه يجب أن يكون التركيز الأكبر على كفاءة الميزانية لا أرقامها، أو الإنجاز على أرض الواقع، وهذا هو الهم الأكبر الذي يحمله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، لافتا إلى أن العبء الأكبر يقع على الوزراء في إدارة هذه المخصصات المالية، وإنجاز المشروعات الملحة التي يمكن أن تساعد كثيرا في استكمال البنية التحتية في مدة زمنية قصيرة.