تولى يورغي برانده حقيبة الخارجية في أوسلو في شهر أكتوبر الماضي بعد تشكيل الائتلاف الحكومي الجديد وهو عضو بالبرلمان النرويجي منذ عام 1997 وشغل آخر منصب له كمدير مكلف للمنتدى الاقتصادي الدولي الأمر الذي جعله يلتقى العديد من المسؤولين السعوديين ويعمل على تقريب وجهات النظر بين أوسلووالرياض.. وفي حوار ل«عكاظ» شدد بورغي برانده على العلاقات الجيدة والاستراتيجية التي تربط بين المملكة العربية السعودية ومملكة النرويج ملفتا الى أن افتتاح سفارة السعودية في أوسلو عام 2010 من شأنه تنمية العلاقات التي حسب قوله تمثل أولوية للدبلوماسية النرويجية.. وحول دور أوسلو في انعاش عملية السلام أكد أن بلاده مستمرة في دعم مشوار السلام و تؤيد بنود المبادرة العربية للسلام ولا ترى بديلا لخيار الدولتين.. وعن الأزمة السورية رأى ضرورة في عقد مؤتمر للسلام بشأن سورية في نفس الوقت اعتبر أن الأسد فاقد لشرعيته لقيام جيشه بقتل المواطنين السوريين.. ونفى الوزير النرويجي أي تطلعات للنرويج بتدمير الأسلحة الكيماوية السورية على أراضيها.. من جانب آخر أوضح أن استئناف الحوار حول الملف النووي الايراني يعتبر أمرا مهما جدا منوها بحرص بلاده على الحفاظ على أمن واستقرار الخليج والى تفاصيل الحوار : كانت أوسلو بداية انطلاق خطوات من أجل دعم عملية السلام في الشرق الأوسط.. اليوم يختلف الأمر.. فهل ماتت فكرة أوسلو؟ - بالطبع لا .. فكرة أوسلو ما زالت على قيد الحياة.. اذ إننا نجد أن الأطار الذي بنيت عليه خطوات استئناف المفاوضات بين الأسرائيليين والفلسطينيين هو اتفاق أوسلو عام 1993 أما الاطار الثاني الذي له أهمية كبيرة جدا هي مبادرة السلام العربية والتي أعلنتها المملكة العربية السعودية قبل عشر سنوات وكانت بمثابة اضافة هامة لمبدأ الدولتين والسلام وهي اليوم تشكل ركنا أساسيا لأعادة عملية السلام على الأرض. وبدون دعم الدول العربية والدور الريادي للمملكة العربية السعودية سيكون من المستحيل تحقيق اتفاق سلام دائم بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية.. وفي كل الأحوال فإن النرويج تعتقد أنها ربما تكون الفرصة الأخيرة بعد مدة طويلة تهدف لاتفاق مبنى على بنود أوسلو والمبادرة العربية للسلام غير أن سياسة الاستيطان الاسرائيلية ستجعل تحقيق هذا الهدف أكثر صعوبة فضلا عن الثمن الباهظ لما تقوم به اسرائيل من مد بناء المستوطنات على نفس الأراضي التي ينبغي أن يتم اعلان الدولة الفلسطينية عليها. وهكذا فان مبادرة أوسلو ما زالت حية ولكن بالطبع ليس الى الأبد.. فالوقت يجري منا ونحن نلاحظ ارهاقا معينا من الدول المانحة للسلطة الفلسطينية والفلسطينيين.. إذا كانت الفكرة ما زالت على قيد الحياة فما هو الدور النرويجي للحفاظ عليها؟ - نحن نؤيد مبادرة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لإنعاش المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية ولنا دور نقوم به بصفتنا عضو برئاسة لجنة الاتصال الخاصة بمساعدة الشعب الفلسطيني وقمنا بحث جميع الدول المشاركة في اللجنة بدعم الجانب الفلسطيني من أجل بناء مؤسسات قوية مستديمة للدولة الفلسطينية المرتقبة وبذلك يمكن تحريك عملية السلام باتجاه التصور المطروح في المبادرة العربية للسلام. وفي كل الأحوال لا ينبغي أن نتجاهل أن الوضع يختلف عما كان عليه في عام 1993.. اليوم يمكن للأطراف المعنية بعملية السلام اللقاء والتشاور على مستوى رسمي وعلني.. في عام 1993 كان محظورا على اسرائيل مقابلة مسؤولين فلسطينيين ومنظمة فتح كانت متهمة بأنها منظمة ارهابية.. اليوم اعتبر الساحة ممهدة وليست بحاجة لدور أوسلو السابق.. فاسرائيل والسلطة الفلسطينية بحاجة الى وسيط قوي وبرأيي أن الولاياتالمتحدة بمقدورها أن تقوم بهذا الدور. هناك تفاوت في الآراء حول الترتيبات الجارية لعقد مؤتمر جنيف 2 للأزمة السورية.. ما هو موقف بلادكم؟ - من المهم جدا التوصل الى حل سياسي في الأزمة السورية الا أنه من المقلق ما يدور في الساحة من قتال لا سيما ما يقوم به الجيش السوري وهو الأمر الذي يجعلنا نقول إن الأسد ولأن جيشه يقتل المواطنين السوريين فهو فاقد للشرعية وينبغي له أن يتخلى عن السلطة .. ما يهمنا أيضا أن تتحد المعارضة .. لقد أيدنا ودعمنا الائتلاف الوطني السوري واعتبرناه ممثلا للشعب السوري وكان ذلك في لقاء سابق لمركز العدالة والمسؤولية الخاص بسوريا .. غير أن تقسيم المعارضة خاصة المجموعات المسلحة على الأرض وتزايد التأثير من المجموعات الراديكالية المقربة من القاعدة يشكل أزمة وعرقلة حقيقية لما تسعى اليه جنيف 2 من اتفاق لمرحلة انتقالية للبلاد ما بعد الأسد. قام المبعوث الدولي الأخضر الأبراهيمي أخيرا بجولة لعدة دول في المنطقة كان آخرها سورية.. هل ترون أن مساعي الإبراهيمي ستأتي بنتيجة؟ - كما سبق فإننا نرى أن الحل الوحيد يتسم في مسار سياسي انتقالي كما هو مقترح في بنود جنيف ونحن ندعم الجهود المبذولة التي يقوم بها المبعوث الخاص الأخضر الأبراهيمي.. في نفس الوقت لا ندعم أي خطوة تسلح لأي الأطراف في النزاع كما فرضنا من جانبنا عقوبات صارمة على النظام السوري .. وعلى صعيد الدعم الانساني فنحن نعتبر من أكبر الدول التي تقدم معونات انسانية للسوريين داخل البلاد أو خارجها في دول الجوار . ترأس النرويج وفد المفتشين الدوليين للكشف عن الأسلحة الكيماوية السورية.. هل تنوي النرويج تدمير جزء من هذه الأسلحة على أراضيها؟ - كانت هناك مشاورات بيننا وبين الولاياتالمتحدةالأمريكية حول كيفية تدمير مخزون السلاح الكيماوي في سوريا وقد طلب منا تدمير جزء من هذه الأسلحة وقد درسنا هذا المطلب بجدية الا أننا لا نمتلك المعدات والأجهزة المطلوبة لتدمير مثل هذه الأسلحة كما أننا ليس لدينا امكانات لتخزين المواد العضوية التي يمكن أن تنتج عن هذه الأسلحة الأمر الذي يستدعي التعاون مع دول أخرى بموجب اتفاقية ينبغي ابرامها تتعلق بعملية تخزين هذه المواد ولقد شرحنا للولايات المتحدة أننا على استعداد اذا وفرت الأخيرة الأجهزة المطلوبة لتدمير الأسلحة الكيماوية على أن تحتفظ النرويج فقط بالمواد الغير عضوية لتخزينها. ومن هنا ينبغي التفكير جدية فيما يمكن التعاون فيه في عملية تدمير الأسلحة الكيماوية السورية علما وأن ذلك مرتبط بالقيود القانونية التي تحكم عملية تدمير الأسلحة الكيماوية... والمعروف أن قرار الأممالمتحدة الأخير رقم 2007 ينص على تدمير كامل للترسانة الكيماوية لسوريا والتي تصل الى ألف طن وذلك الى نهاية يوليو من العام القادم . أكدتم على أهمية العلاقات السعودية النرويجية.. ما هو تقييمكم لهذه العلاقات؟ - ان علاقتنا الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية تعود الى عام 1961 حيث كان هناك مندوب دبلوماسي للرياض في أوسلو واليوم تم افتتاح سفارة للممكلة العربية السعودية في النرويج في عام 2010 ونحن نعتبر هذا الحدث مهما جدا وله تأثير ايجابي على تطوير العلاقات بين المملكتين.. والنرويج حرصت على مدى هذه العقود على تطوير العلاقات الجيدة والمبنية على الاحترام التبادل والثقة مع الجانب السعودي وجعلها أولوية للدبلوماسية النرويجية مع أكبر كيان اقتصادي في العالم العربي وهو السعودية.. كما تتواصل الحكومتان في حوار مستديم وبناء في ملفات عديدة .. كذلك في أمور تكون فيها وجهات النظر مختلفة.. غير أن تبادل وجهات النظر أمر مهم وينمي العلاقات بين البلدين. وبرأيي أن أهم الملفات التي تهمنا وتهم الرياض هو السلام في الشرق الأوسط وتنمية المنطقة فضلا عن تأييدنا الكامل للدور الهام للمملكة العربية السعودية كلاعب أساسي على الصعيد الأقليمي والدولي فضلا عن كون السعودية عضو فاعل في مجلس التعاون الخليجي العربي ودورها في مجموعة ال 20 الاقتصادية بصفتها تحظى بأكبر اقتصاد في العالم العربي.. وبالطبع هناك دور السعودية المشارك في لجنة الاتصال لمساعدة الشعب الفلسطيني كدولة مانحة للسلطة الفلسطينية.. وأخيرا نرى أن مكافحة الأرهاب بجميع أشكاله من الملفات التي نحرص على التشاور فيها مع الجانب السعودي.. تحدثتم أيضا عن الملف الاقتصادي في العلاقات النرويجية السعودية.. ما هي؟ - هناك العديد من الأمور وأحدهم هو النفط والطاقة.. فالسعودية تلعب دورا مهما جدا في السوق الدولية وسوق النفط والدولتان تتبادلان الخبرات بصفتهما روادا دوليين في عالم الطاقة والنفط فضلا عن تعاوننا في مجال الطاقة النظيفة والبديلة.. ولذلك نحرص على تبادل وجهات النظر والخبرات في دعم سياسة الأمن الاستراتيجي والتي تهم البلدين. ما هو التعاون الجاري بين المملكتين في مجال مكافحة الارهاب؟ - مكافحة الارهاب تشكل أهمية كبيرة جدا لنا وللمملكة العربية السعودية ونحن نقدر خطوات الملك عبدالله بن عبدالعزيز في هذا المجال واطلاقه لفكرة انشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب وبرأيي أن المرحلة التي نمر بها اليوم في الشرق الأوسط تستدعي تكثيف التعاون في هذا المجال وهو ما نحرص عليه مع مسؤولين من السعودية.. وأود الإشارة أن النرويج أخذت على عاتقها فلسفة التسامح والتعايش بين الأديان والثقافات الأمر الذي نعتقد أنه جزء لا يتجزأ في عملية مكافحة الأرهاب.. ونحن هنا نتوافق مع المملكة العربية السعودية في المبادرة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وهي «حوار الأديان وأتباع الثقافات».. أما على المجال السياسي فنرى أن هذا التوجه يمهد للتشاور بين الأطراف السياسية المتنازعة في الصراعات على الأرض وهذا يتطلب منا أن لا نضع أي حدود اصطناعية في خيار الدبلوماسية والحوار واحترام حقوق الإنسان وحقوق الأقليات. اجتمعت مجموعة 5+1 أخيرا بشأن الملف النووي الأيراني.. ما هو تقييكم لهذا الحدث وما تأثير ذلك على أمن الخليج؟ - نحن نرحب بالاتفاق المؤقت الذي تم التوصل اليه بين المجموعة الدولية وألمانيا وايران وأعتقد أن الاجتماع الأخير الذي عقد في منتصف أكتوبر بين المجموعة الدولية وألمانيا وايران 5+1 كان بداية لا بأس بها ونحن ما زلنا في انتظار المزيد من ايران ... لا أحد يسعى لمنع طهران من الأستخدام السلمي للطاقة النووية ولكن البرنامج النووي الأيراني ما زال غامضا والمجتمع الدولي يرغب في شفافية في التعامل والتعاون مع ايران ومن هنا يبدو الاتفاق الأخير والذي تم توقيعه في جنيف بأنه وضع النقاط على الحروف اذ يسمح لأيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة لا تزيد على 5% وهي خطوة هامة في اطار الطموحات الدولية للتوصل الى اتفاق نهائي خلال الستة اشهر القادمة .. وبالطبع يشكل الملف النووي الايراني أهمية كبيرة لأمن الخليج واستقرار المنطقة .