الحديث عن الأبناء العاقين معمم ومجحف، فمازال مجتمعنا المتماسك يحمل صورا أكثر بهاء عن الأبناء البررة، بنين وبنات، .. نماذج مضيئة وأبناء يحملون على عواتقهم مصروفات البيت كاملة.. بعد ان قال الزمن كلمته في الآباء ووصل بهم الى سن التقاعد. عاشت «عكاظ» ساعات مع ابناء المتقاعدين وبناتهم اذ ظلوا يبرون آباءهم وامهاتهم بكل اريحية ورضا نفس. ولاحظت الصحيفة ان ابرز مطالب هذه الفئة من الابناء والبنات تتمثل في «الأولوية في التوظيف» «بدل سكن» «تأمين طبي» ورفع بدل غلاء المعيشة كلها متطلبات أساسية لأي أسرة بغض النظر عن الفئة التي تنتمي اليها، فما بالنا بأسر مازالت تعيش بروافد عائلية قد تكون هي من يقع عبء الصرف على كاهلها.. منهم من يحمل صك إعالة على أهله ولا يجد من هذا الصك اي ميزات كما يقول احدهم. سمر، واحدة من مئات البارات باسرهن تقول ل «عكاظ» انها تعودت منذ ايام دراستها في المرحلة المتوسطة على القيام بكل شؤون المنزل من سداد فواتير الكهرباء ومراجعة فرع الضمان بالقنفذة.. حرصت على تدوين وتسجيل طلبات المنزل بدءا من المطبخ وحتى ادوات السباكة والكهرباء واليوم اكملت اتفاقها مع سائق الكلية الذي سينقلها بسيارته يوميا الى الجامعة. تقول سمر «إخوتي الكبار تزوجوا واستقلوا بعائلاتهم وتركوني وحيدة مع ابي وامي واخوتي الصغار ويعتمد والدي علي كثيرا بعد ان كبر في السن فأخوض غمار الحياة مع السائقين المعتمدين لنقل الجماعة في القرية». ذات التجربة مرت بها ريم والجوهرة وتقول ريم انه منذ ان توظف اخوتها الرجال وانتقلوا للمدن بقيت البنات في المنزل لإعالة الاسرة «أتولى ترتيب المنزل ومساعدة والدتي في المهمة وتجهيز اخوتي الصغار لمدارسهم». ويقول المتقاعد احمد ابراهيم «ابو رقية» ابنتي في السابعة عشرة من عمرها وتتولى جميع اعباء المنزل وهي بدور الام والاخت لشقيقاتها الصغيرات. حالة حنان، مديرة متقاعدة في تبوك، تختلف اذ انجبت 11 ولدا وبنتا تزوج منهم اربعة وبعد ان كبرت هي وزوجها في السن لم يعودا قادرين على متطلبات المنزل واحتياجاته. وكان الابن الاكبر يتولى جميع المهام وبعد زواجه لم ينس مهمته وظل بارا بنا حتى بعدما انتقل للسكن في حي آخر مع زوجته كما ظلت الابنة الصغرى نورا ، 19 عاما، تتولى مهام العمل المنزلي وجميع شؤونه. اما راية صالح فقد تزوجت في سن مبكرة ومن حسن حظها ان منزلها يجاور بيت والدتها واسهمت هذه الجيرة في مواصلتها للبر بوالديها رغم انها دخلت سن الاربعين وتولت تربية الصغار حتى تزوج منهم من تزوج وانا بالنسبة لاخواني اعتبر الام الثانية لكن للاسف بعضهم يعتبر ما اقوم به تدخلا في شؤونهم مع «انني عاصرت والدي في ظرف لا يعلمها الا الله». لم ينس طلال ناصر تقديم الثناء والتقدير وكل الوفاء لاخته الكبرى التي تولت خدمته وترعاه منذ ان كان طالبا في المدرسة الابتدائية تعد له الفطائر وتشاطر الوالدة اعباء المنزل وفي الاعياد تلازم البيت حتى تكمل اثاثه وتتفرغ اياما بعيدا عن زوجها ملازمة للوالدة في مرضها. اما محمد فارس 22 عاما من الدمام، فقال «بعد ان تقدم السن بوالدي ترك العمل في شركته الكبيرة المتخصصة في تجارة الاسماك واستلمت المهة اختي الكبيرة بعدما انهت دراستها في الولاياتالمتحدة الاميركية والآن تدير العمل بكل مهارة ودقة ويعجبني فيها انها تشغل نفسها بالعمل حتى في المنزل تراجع الحسابات وتعرضها على الوالد وتوزع الارباح على الجميع بالمساواة والعدل». الأخصائية الاجتماعية والنفسية وجنات الثقفي تعلق على ذلك بالقول نحن مهتمون بفئة اصحاب اليد البيضاء والذين يقدمون لمجتمعاتهم وذويهم خدمات لا يقدمها غيرهم شعارهم العطاء بلاحدود، نقف هنا احتراما وتقديرا لأولئك الأبطال أو ما اسميهم الأبناء البارين. رغم الظروف والحواجز والألم والعجز المادي هم مثل الصقور المحلقة في السماء لتبهر الكون بجميل صنعها.