كما كان متوقعا، فشلت مفاوضات جنيف بين إيران والقوى الكبرى في التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي المثير للجدل، وبعد يومين من المناقشات لم يتوصل المفاوضون إلى شيء محدد حتى الآن، بسبب تعنت طهران وإصرارها على الاحتفاظ بحق تخصيب اليورانيوم، باعتباره «خطا أحمر» بعدما جاءت التعليمات من المرشد على خامنئي، رغم أن الوفد الإيراني قبل في الجولة السابقة عدم الحديث عن هذه القضية «التخصيب» في الاتفاق الذي كان قاب قوسين أو أدنى من التوصل إليه حسب تصريحات غربية وأمريكية، لكن الإيرانيين يلعبون لعبة «قتل الوقت»، وإلا ما معنى أن يعلن عباس عرقجي الذي يقود فريق المفاوضين الإيرانيين في جنيف أن بلاده فقدت ثقتها في حسن نية الدول الكبرى في التوصل إلى اتفاق. إن الدبلوماسية الإيرانية لاتزال تراوح في مكانها، رغم ذهاب أحمدي نجاد، وانتخاب حسن روحاني الذي سارع البعض إلى وصفه بالرجل المعتدل، ومن هنا نقول إن الرأي العام العالمي لم تعد تنطلي عليه مثل تلك الأوصاف التي يسارع الإعلام بإسباغها على بعض الشخصيات، إن العالم ينتظر من طهران أفعالا حقيقية تتجاوز لغة الخطاب «الخشبي» الذي لم يعد أحد يصدقه، إن على إيران أن ترفع يدها عن سوريا وعن منظمة حزب الله الإرهابية، إن المطلوب من طهران الشيء الكثير، وعليها أن تعي أن هذه الفرصة قد لا تتكرر في المستقبل القريب، لذا يتعين عليها ألا تخاطر بها، رغم أن كل المعلومات الواردة من جنيف تؤكد أن إيران تراوغ وتتهرب من الاستحقاقات المطلوبة للتوصل إلى الاتفاق المنتظر. وإذا كانت المفاوضات السابقة في جنيف بين السابع والتاسع من نوفمبر لم تقد إلى اتفاق، وأن مفاوضات اليومين الماضيين وقعت في نفس الفخ، ولم تحصد سوى الفشل بسبب التصلب الإيراني، فإنه لا ينبغي على القوى الكبرى أن تستمر في جنيف إلى ما لا نهاية.