لم تتوصل المحادثات النووية الحالية في جنيف بين إيران والقوى العالمية إلى اتفاق بعد، في الوقت الذي اكدت فيه القوى الغربية ان "لديها هدف واضح يتمثل في ضرورة منع إيران في كل الأحوال من التسلح نوويًا والمفاوضات هنا تخدم هذا الهدف". القوى الست الكبرى وايران السبت في جنيف في يوم ثالث من المفاوضات حول الملف النووي الايراني على امل التوصل الى اتفاق ينهي عقدًا من التوتر ويبعد خطر حرب، في الوقت الذي قال فيه كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين إن إيران والقوى العالمية الست ما زالت منقسمة. وفي اشارة الى ارادة للتوصل الى اتفاق، اختار وزراء خارجية خمس دول الانتقال الى جنيف لمساندة مفاوضيهم في الاجتماع الذي كان يفترض الا يستمر اكثر من يومين ، فيما لحق بهم في وقت لاحق من المفاوضات وزيرا الخارجية الروسي والصيني. ونقلت وكالة الانباء الروسية ريا نوفوستي عن سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي قوله "ننوي التوصل الى نتيجة طويلة الامد ينتظرها العالم كله"، مؤكدًا ألا احد من المشاركين يرغب في مغادرة جنيف "بدون نتيجة ايجابية". وسيقدم اتفاق في جنيف وصف "بالمؤقت" قبل "اتفاق نهائي"، فرصة للجانبين لاثبات حسن النية. وتتمحور المحادثات "البالغة التعقيد" بين ايران ومجموعة الدول الكبرى 5+1 حول اقتراح ايراني يدل على تغيير في النهج بشأن هذا الملف منذ انتخاب الرئيس حسن روحاني في اغسطس الماضي. وبحسب هذا الاقتراح الذي لم يعلن مضمونه توافق ايران على تعليق كلي او جزئي لتخصيب اليورانيوم الذي يجري حاليًا بنسبتي 3.5 بالمائة و20 بالمائة ويمكن ان يسمح بانتاج سلاح ذري اذا بلغت نسبة التخصيب 90 بالمائة. وأشار وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله إلى أن المحادثات النووية الجارية بين إيران والقوى العالمية لم تتوصل إلى اتفاق بعد، مطالبًا بعدم ترك شيء دون بذل محاولة من أجل التوصل إلى حل، مضيفًا: "لدينا هدف واضح يتمثل في ضرورة منع إيران في كل الأحوال من التسلح نوويًا والمفاوضات هنا تخدم هذا الهدف". ورأى فيسترفيله أن المفاوضات تمر الآن بمرحلة "صعبة لكنها مهمة". وتابع الوزير الألماني حديثه قائلًا :"لقد تبادلنا الآراء على مختلف المستويات لكن من الممكن التأكيد على أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بعد بيد أنه لولا أننا لدينا الأمل في وجود فرصة للاتفاق لما كنا هنا". من جانبها، قالت بريطانيا على لسان وزير خارجيتها وليام هيغ، امس السبت، إنه لا تزال هناك قضايا مهمة بحاجة لحل في المفاوضات بشأن برنامج إيران النووي وإنه من غير المؤكد إمكان التوصل لاتفاق خلال هذه الجولة من المحادثات رغم "إحراز تقدم جيد للغاية" حتى الآن، فيما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إنه ليس لديه "أي يقين" حتى الآن بأن اتفاقًا سيبرم بين طهران والقوى الكبرى في جنيف.وقال فابيوس لإذاعة فرانس إنتر "هناك نص مبدئي قبلنا به (...) ليس لدي أي يقين بأننا سنتمكن في الوقت الذي أتحدث فيه معكم من إبرام" اتفاق. وأضاف وزير خارجية فرنسا إن "مفاعل آراك واليوارنيوم المخصب أبرز عقبات المفاوضات مع إيران". وقال الخبير في القضايا الاستراتيجية فرنسوا هيسبورغ لوكالة فرانس برس "كما في كل القضايا، الشيطان يكمن في التفاصيل". واضاف "لا اعتقد ان الدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي ستنجح في التوصل الى اتفاق يوافق فيه الايرانيون على وقف كامل للتخصيب. قد يقبلون بوقف التخصيب بنسبة عشرين بالمائة وكل المسألة تتركز في معرفة ما سيفعلونه باليورانيوم المخصب بنسبة 3.5 بالمائة". وصرح سفير ايران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية امس ان ايران تتوقع توقيع اتفاق مع المدير العام للوكالة التابعة للامم المتحدة يوكيا امانو اثناء زيارته الاثنين الى طهران لبحث الملف النووي الايراني. وقال رضا نجفي للتلفزيون الرسمي ان "جمهورية ايران الاسلامية قدمت اقتراحًا جديدًا يتضمن خطوات ملموسة ونتوقع ان توضع اللمسات الاخيرة على النص الاثنين وان يتوصل الطرفان الى اتفاق". وحذر إميلي لانداو أحد الخبراء الإسرائيليين في مجال حظر الانتشار النووي والحد من التسلح والأمن الإقليمي في الشرق الأوسط من أن إبرام هذا الاتفاق مع طهران ينطوي على مخاطر. وشكك الخبير وهو أحد الباحثين البارزين في معهد "الدراسات الأمنية الوطنية" في تل أبيب والمعلم في جامعتي "حيفا" و"تل أبيب" في مدى أهمية التنازلات الإيرانية وما إذا كانت حقًا ستوقف برامجها النووية. وأضاف :"وبشكل عام أنصح المجتمع الدولي بأن يتوخى الحذر بشكل كبير بشأن أي اتفاقيات جزئية أو مبدئية مع إيران". ووتابع :" الآن إيران قريبة جدًا من إنتاج قنبلة نووية وليس هناك وقت حقًا لتلك الأنواع من المناقشات.وإذا نفد صبر أي شخص ويريد إعادة فرض العقوبات على إيران سيقول الكثير من الأشخاص لا يمكنكم القيام بذلك، إنكم تقوضون العملية الدبلوماسية كلها. وبعد ستة أشهر، سيكون هناك مناقشات لا نهاية لها بشأن ما إذا كانت إيران استجابت أم لا". نتانياهو الغاضب واجرى الرئيس الامريكي باراك اوباما اتصالًا هاتفيًا مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي كان عبر عن غضبه الشديد من امكانية ابرام اتفاق موقت مع ايران حول برنامجها النووي المثير للجدل، في خلاف علني غير مألوف مع الولاياتالمتحدة. واشار البيت الابيض الى شعور نتانياهو بالاحباط من سعي مفاوضي الدول الكبرى الى تحقيق اختراق مع ايران في المفاوضات الجارية في جنيف والتي تثير آمالًا في التوصل الى انهاء هذا الخلاف النووي بشكل سلمي. وقال البيت الابيض ان الرئيس الامريكي اجرى اتصالًا هاتفيًا برئيس الوزراء الاسرائيلي لاطلاعه على المستجدات في محادثات جنيف. وقال بيان البيت الابيض ان "الرئيس اطلع رئيس الوزراء على المستجدات في مفاوضات جنيف واكد التزامه القوي منع ايران من امتلاك سلاح نووي". واضاف ان "الرئيس ورئيس الوزراء اتفقا على ان يبقيا على اتصال بشأن هذه المسألة"، مؤكدًا ان اوباما كرر التزامه منع طهران من الحصول على قنبلة ذرية.