لم يتوقع أهالي بريدة أن يتم تجاهل حماية ساحة سوق الجردة التاريخي الذي يعد أشهر الأسواق العربية في بيع الإبل والخيل قبل 400 سنة، قبل أن تتوقف رحلات العقيلات التي كانت تنطلق من هذا السوق حتى الثلث الأخير من القرن الماضي. لكن الأهالي الذين كانوا يطمحون في تحويل السوق إلى موقع تاريخي، يريدون الحفاظ على تاريخ كتب عنه كبار المؤرخين وتناوله المستشرقون في أزمنة مضت، خاصة أن السوق الذي كانت تنطلق منه قوافل الإبل والخيول إلى العراق وبلاد الشام وفلسطين ومصر وتباع هناك ويعود التجار بالمواد الاستهلاكية التي توزع في عموم المناطق المجاورة، تحول إلى مكان لبيع المخلفات والسكراب وحتى المسروقات في بعض الأوقات إلى أن بلغ الحد بأن يأتي أحد الأشخاص إلى السوق وفق مقطع مصور، ليحرج على كلب في ذات الساحة. يتمسك الأهالي بما سبق أن طرحته «عكاظ» على سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار في زيارته قبل سنوات لمركز الحرفيين، حول دور الهيئة في إعادة وهج الجردة، حيث أكد في حينها استعداده لذلك، مشددا على أنها تملك تاريخ يجب الحفاظ عليه. وفيما يأمل إبراهيم المذهان أن يتحول السوق سريعا إلى مزار سياحي، يعتبر عبدالله صالح السلوم، أحد الذين عايشوا حراك السوق وتجمعات التجار في السنوات الماضية، أنه كان جامعة علوم وملتقى حضارات، ليتحول الآن إلى موقع مهمل. ويتحسر أحد المهتمين برصد تاريخ العقيلات وعضو فريق العقيلات عبداللطيف الوهيبي، الحال الذي بلغه سوق الجردة، والذي يعد عالميا وليس محليا لبيع الإبل والمواشي، بل يعتبره الكثيرون أنه المطار الدولي البري، داعيا أمانة القصيم إلى إعادة الهوية الحقيقية للجردة، وأن تحمي الساحة وأن تعيد صياغتها بتسييجها ووضع بناء تاريخي خاص يحاكي تلك المرحلة التي كان ينطلق منها العقيلات الذين لقبهم أحد المستشرقين بلقب (أسود الصحراء)، مبينا أنه لو أزيلت الأشجار وتمت الاستفادة من المساحة ببناء خاص، ويكون ملتقى ومكانا لبيع ما يتعلق بالتاريخ وأن يمنع أن توضع فيه مخلفات المنازل وغيرها، مطالبا أن يشكل لها حماية أمنية خاصة. وأيد الدكتور جاسر الحربش مدير عام الهيئة العامة للسياحة والآثار في القصيم أن تعاد الهوية لسوق الجردة، وقال: «نحن في الهيئة لدينا تجربة ناجحة في الحفاظ على الهوية لوسط المدن أو الأسواق التاريخية في عدد من المحافظات في المنطقة، وفيما يخص الجردة في بريدة فالملف وحسب الاختصاص لدى الأمانة ودورنا في الجانب الفني والتشغيلي الذي يخص الحرف والمنتجات التراثية وقدمنا عرضا بذلك، ونرى أن مشروع وسط بريدة سينجح إذا كان هناك شراكة واضحة بين الأمانة وهيئة السياحة كمسؤول لتطوير المراكز التاريخية ونحن في الهيئة لدينا الرغبة والقدرة ولنا تجارب ناجحة». ولم ينكر مدير إدارة الإعلام و المتحدث الرسمي لأمانة منطقة القصيم يزيد بن سالم المحيميد، المكانة التاريخية لسوق الجردة، وقال «أمانة المنطقة تدرك الشأن التاريخي لهذا السوق، وهو مدرج ضمن عناصر مشروع تطوير وسط مدينة بريدة، الذي بدأ حالياً في منطقة (قبة رشيد) كمرحلة أولى لتنفيذ أعمال التطوير وإزالة المخاطر وتحسين الواجهات، فيما سوق الجردة ضمن المراحل المستقبلية للمشروع وفق خطة العمل العامة، حيث يهدف المشروع لإعادة تأهيل المنطقة المركزية بالكامل والمحافظة على نسقها التاريخي وإبقائها كواحدة من أبرز المعالم بمدينة بريدة». وبين أن إدارة الأسواق بأمانة منطقة القصيم تعمل على أعمال الرقابة لسوق الربيع في (جردة بريدة) بشكل يومي وعلى فترتين صباحية ومسائية، وتكثف أعمال الرقابة خلال المواسم وأوقات الذروة، وذلك للسيطرة على السوق ومنع البضائع غير المسموح بها بالإضافة إلى السيارات الفارغة وإعداد خطط سير للمركبات للموقع بالتعاون مع مرور المنطقة.