سوق الجردة ببريدة الذي يُعد من أقدم الأسواق التاريخية بمنطقة القصيم، موقع انطلاقة "العقيلات" من أهالي القصيم الذين تكبدوا المشاق وسطروا مسيرة عطرة خلدت ذكراهم في نفوس أهالي الجزيرة العربية والوطن العربي لما اتصفوا به من شجاعة وإقدام وصبرٍ على مشاق الأسفار البعيدة وأسهموا في ازدهار التجارة بين القصيم والكويت والعراق والشام ومصر. سوق الجردة أحد معالم مدينة بريدة التي لم تتغير منذ 38 عاما، بحسب حديث محمد المبارك كبير بائعي السوق ل "الوطن"، ويضيف أن لديهم ما يباع بالملايين وأن السوق يحتضن التحف والآثار وشيئا من الماضي، إلا أن الباعة يتذمرون من تجاهل المسؤولين لهذا التاريخ والإبقاء على هذا الوضع العشوائي، وتابع "منذ تأسيس هذا السوق الشعبي منذ 38 عاما إلا أنه ما يزال يسير على عكاز بسبب افتقاده للرعاية من أمانة المنطقة التي كان يجب أن تعيد ترتيب السوق في مكان يليق به"، مشيرا إلى أن الهيئة العامة للسياحة والآثار أيضا تتحمل المسؤولية لعدم تدخلها للحفاظ على هذه التحف والقطع الأثرية التي تباع بثمن بخس بسبب الحاجة أحيانا. وقال إن مرتادي هذا السوق الشعبي هم كثر وعلى طول الموسم، وإن ما يباع هنا في الغالب يشمل القطع النحاسية الأثرية التي يعود البعض منها إلى عهد الدولة السعودية الأولى. وأوضح سعيد بن صالح الحربي، أحد الباعة، بالسوق أنه لا يمتلك مكانا لعرض مقتنياته سوى "صندوق" سيارته الوانيت الخاصة به، حيث يتكئ بجانبها ليستقبل زبائنه، مبينا أنه يمتلك قطعا أثرية يفوق عمرها مئتي عام ويعود تاريخها للدولة السعودية الأولى منها "صينية للولائم"، وأنه توارثها أبا عن جد ولم يعرضها للبيع بعد اكتشافه قيمتها الكبيرة، وتابع: في بادئ الأمر عرضتها للبيع حيث وصل سعرها إلى150 ريالا، أما بعد اكتشافي لملكيتها فأدركت أنها لا تقدر بثمن، فضلاً عن وجود قطع أثرية تعود إلى قرون عدة وأخرى ثمينة لا تقدر بثمن. وتساءل عن دور المتاحف وهيئة السياحة والآثار تجاه هذه المقتنيات. من جانبه، كشف أبو سراج، أحد الباعة بسوق الجردة، وجود الكثير من المصاعب التي تواجههم عند عرض مبيعاتهم خصوصا مع اختلاف الأحوال الجوية وأنهم في كل الأحوال بلا مأوى رغم كبر سنهم، وأنهم لا يستطيعون الصبر على الشمس والبرد والحر والصيف ما لم ينظر بوضعهم وتخصيص مكان يمكنهم من التعايش مع الظروف الجوية. وحول اهتمام هيئة السياحة والآثار بالموقع والآثار المعروضة للبيع، رد أبو سراج بالقول "تنشد عن الحال؟ هذا هو الحال"، في إشارة إلى القصور الشديد الذي يعاني منه هذا السوق الأثري. واتفق معه حماد الهويريني وزاد أن سوق الجردة الشعبي لا يعتبر مكانا اقتصاديا فحسب، بل كذلك يعتبر سياحيا لا ينبغي للهيئة العامة أن تكف يد الاهتمام عنه، مبينا أن غالبية رواد السوق الدائمين هم المتقاعدون الذين يجتمعون ويحتسون القهوة العربية والتمر السكري معا وسط أجواء أخوية وبجلسات بسيطة تغمرها السعادة دائما. وطالب الهويريني بضرورة تهيئة المكان بشكل ملائم لهؤلاء المتقاعدين ليحقق لهم الرعاية والاهتمام.