قصة زواج وارتباط عمر، بعضها تبدأ كلاسيكية تقليدية، وبعضها مصادفة بلا تخطيط، ولكن المحصلة في نهاية الأمر زيجة سعيدة، وارتباط أزلي ينتهي ثمره بالبنين والبنات والاستقرار والحياة الهانئة. تقول بهجة: إذا كانت المشاعر حقيقية وصادقة فهي لا ترتهن بعمر أو وقت أو مكان أو ظروف أو مستوى اجتماعي أو جمال.. هذه مسائل قدرية فقد كنت في الصف الأول متوسط وفي جيرة الحي الذي سكنت فيه مع أسرتي شباب وبنات، حيث تتداخل الحياة الاجتماعية وتذوب الفوارق أيا كانت وكانت مصادفة ذلك اليوم أن ذهبت مع والدتي لزيارة الجيران، تواصل بهجة حكايتها وتضيف: فجاة دخل علينا بالمصادفة أحد أبناء هذه الأسرة، كان في الصف الثالث ثانوي وقتذاك، ولم يكن يعلم أن في البيت ضيوفا، وفوجئ بوجودنا أنا ووالدتي فخرج سريعا، لم يتعد وجوده غير ثوان. بعد أيام رأيته وأنا في طريقي إلى مدرستي، كان يأتي سريعا لتحية والدي ثم يمضي في طريقه، وبدت صورته تتزاحم في مخيلتي خاصة أنه يحرص كثيرا على عادته يوميا تحية والدي والسلام عليه حتى كان ذلك اليوم حيث قرر والدي اصطحابي إلى المستشفى للمراجعة.. صعدت إلى السيارة وتذكر والدي أنه نسي محفظته فعاد إلى داخل المنزل. تتذكر بهجة تفاصيل الموقف وتقول: فوجئت به يفتح الباب ويمد لي ورقة ثم ذهب مسرعا إلى حال سبيله. في هذه اللحظة تجمد الدم في عروقي وغضبت لأول وهلة لكني وضعت فيه حسن النية فأخفيت القصاصة الصغيرة في حقيبتي بعيدا عن عيون والدي.. ذهبنا إلى المستشفى وعدنا.. كنت في حالة ذهول وظلت تفاصيل الموقف في خاطري في كل تلك الليلة ولم أنم ليلتها من فرط المرض والتفكير واعتذرت في صباح اليوم التالي عن مدرستي فقد كنت مرهقة.. وقفت في شرفة المنزل ووجدته يجلس أمام بيت أسرته وبعد ثوان رن جرس الهاتف فقفزت إلى السماعة. أخذ يحدثني بأدب جم وأخلاق عالية، وعبر عن نفسه سريعا وأفصح عما في نيته وحدثني عما يدور في خاطره كانت الوسيلة الوحيدة وقتذاك هي الاتصال على هاتف المنزل، وبعد مرور شهر صارحني برغبته بالزواج مني فأجبته: ما زلنا طلابا، فكرر علي طلبه متسائلا هذه المرة: هل أنت موافقة من حيث المبدأ فأجبت بنعم.. فقال إذن نستعد للخطبة وأنتظر انتهاء دراستك وفراغي من دراستي. شرحت له أن أسرتينا لن تقبل بهكذا خطوة خاصة أن الدراسة عند الجميع خط أحمر، فقال إنه لن يستسلم ولن يتنازل عن نيته الحسنة.. قال لي اصمدي معي لمدة أسبوعين.. فصمدت. بعد أسبوعين من المكالمة، حضرت والدته وفاتحت والدتي بالأمر لكن الوالدة صدتها بالقول: ابنتي صغيرة وأن الزواج مازال مبكرا عليها. لكن الطرف الآخر أصرت لتؤكد أن البداية ستكون خطبة ريثما أكمل دراستي لكن الفكرة لم ترق للوالدة حتى إنها لم تخبر الوالد برأيها وموقفها.. ومع ذلك لم يستسلم فجاء والده يقابل والدي فرفض متذرعا بذات الحجج التي ساقتها والدتي واستمرت عملية الشد والجذب لنصف عام تقريبا ومازالت أسرتي على موقفها الرافض.. لكن الأمور سارت على مايرام بعد فترة قصيرة إذ وافقت أسرتي على مضض بفكرة الخطبة على أن تكون الملكة بعد الثانوية والزفاف بعد إكمالي للمرحلة الجامعية وفي هذه الفترة الانتقالية يعد العريس عدته للوظيفة ومستلزمات الفرح وخلافها. وضعت أسرتي شروطا صارمة أمامي أولها أن أكمل دراستي بتفوق وأن أي تعثر يعني تأجيل الفرح وفسخ الخطبة وكان من الشروط ألا يحادثني ولا يراني إلا بعد الملكة أي بعد ثلاث سنوات وافقت على الشروط كما وافق هو على التعليمات وتمت الخطوبة وقراءة الفاتحة، وعندما نجحت في سنة أولى متوسط تخرج هو من الثانوية والتحق بالجامعة وزاد نشاطي ومثابرتي حتى تخرج هو من الجامعة وتفرغ في عمله، كما أنهيت أنا الثانوية وتمت الملكة وأصبح يزورنا ويساعدني في دراستي الجامعية فتخصصت في اللغة الإنجليزية ويوما عن يوم يزداد تعلقي به واحترامي له، والآن أنا في آخر ترم لي في الجامعة وعند تخرجي سوف نبدأ في إجراءات الزفاف، فقد أوفى مع والدي بكل ما قاله