بما أن البعض يعد «الثقافة الذكورية» ردة فعل ل«العولمة الثقافية»، التي تسعى إلى اختراق الثقافات ومحوها بالكامل، فإن بعض الرجال أرادوا بهيمنة ذكورية الاقتداء بالعولمة الثقافية في محاولات لاختراق ومحو الثقافة الأنثوية، خوفا منها لا تنافسا لها، أملا في إزاحة موقع المرأة الثقافي من التركيبة الحياتية والاجتماعية، وتحويلها من مبدعة إلى مدافعة عن حقوقها الثقافية المسلوبة، وكأن الأمر أصبح معركة بين الرجل الذي اتهمته المرأة بالإقصاء، والمرأة التي وصمها الرجل بإجادة البكاء. هذا التحول المجتمعي ظهر عالميا من جديد قبل أعوام في اتجاه معاكس من الهيمنة الذكورية إلى تحميل المرأة وظائف جديدة لا تناسب فطرتها، فجاء مصطلح «النوع الاجتماعي» أو ما يسمى «الجندر»، للدعوة ظاهريا إلى إلغاء التمييز ضد المرأة، وتبادل الأدوار الوظيفية داخل المجتمع بين كل من الرجل والمرأة، وتكون الأولوية لمن له الكفاءة في أداء تلك الأدوار، وشاع ذلك المصطلح بعد استخدامه في المواثيق والاتفاقات الدولية. ومع أن البعض يرى أن مصطلح «الجندر» لا يمكن أن يكون بديلا عن مفهوم «الجنس»، فإن آخرين يرون ضرورة تغيير الوضع الاجتماعي من «الجنس» إلى «الجندر»، لأنه -حسب قولهم- لا يمكن استخدام «الجنس» إلا في التعدادات الإحصائية فقط، أما «الجندر» فيمكن استخدامه في تحليل الأدوار والمسؤوليات والحاجات الخاصة بكل من الرجال والنساء في كل مكان وفي أي سياق اجتماعي، ولذا نبعت عدة مفاهيم عن مصطلح «الجندر»، مثل: المساواة الجندرية، والعدالة الجندرية، والتحليل الجندري. لذا لابد من الإجابة على الأسئلة: لماذا نستورد ثقافات أخرى في مقابل وجود ثقافتنا التي صنعت الحضارة الإنسانية في حقبات تاريخية سابقة؟، لماذا نؤمن بقيم واردة في وجود قيم إسلامية متماشية مع الروح والعقل معا؟، لماذا نسمح باختراق ثقافي خارجي سلبي مع وجود ثقافة إسلامية إيجابية؟، وهل يستطيع المسلمون الوقوف صامدين أمام تلك الثقافات الواردة؟، ولعل إجابات تلك الاستفهامات لدى المفكرين والمثقفين والباحثين.