أكد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب وزير الخارجية، رئيس مجلس إدارة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، ورئيس مجلس أمناء جائزة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة أن «المملكة تصافح بجائزة خادم الحرمين للترجمة كل شعوب العالم بود وترحاب، وتحترم كل المبادرات والفعاليات التي تحترم الحوار والتعايش، وتسعى نحو الاستقرار في شتى الميادين والمجالات؛ لأن الترجمة تحمل فكرة التقارب المعرفي بين الشعوب وتشكل جسرا للتواصل بين مختلف الثقافات والحضارات؛ كما تعد إحدى أبرز الوسائل لنقل المعارف والعلوم والآداب ومن أهم روافد الثقافة التي أحرزت انتشارا واسعا ومتنوعا، وأوجبت الضرورات القيام بها ومتابعتها»، جاء ذلك خلال تكريم سموه للفائزين بجائزة خادم الحرمين للترجمة في دورتها السادسة في الحفل الذي أقيم في قصر حاكم مدينة ساو بولو بالبرازيلية، مساء الاثنين الماضي، بحضور حاكم ساوبولو جيرالدوالكمين، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى البرازيل هشام القحطاني، وعدد من النخب البرازيلية والسفراء والمثقفين. الأبعاد الحضارية وقال نائب وزير الخارجية: «إذا كانت الترجمة عملا ثقافيا ينتج عنه تواصل وتحاور طويل الأمد على صعيد الأفراد والجماعات؛ فإنما تعبر أيضا عن أبعاد حضارية قابلة للتعميم والانتشار، عبر تفاعل الثقافات في إطار من العلاقات المبنية على التبادل الثقافي والإبداع بين مختلف الشعوب والثقافات كحوار ضمني بين تجارب الشعوب الثقافية من خلال الكلمة الفاعلة، ونستطيع التأكيد بعد سبع سنوات من انطلاقة هذه الجائزة العالمية أنها قد نجحت في إبراز أهمية الترجمة من خلال توحيد دلالات المصطلحات والمفاهيم؛ لنشر ثقافة إنسانية مشتركة، تقارب ما بين الشعوب، كما آمل أن تكون الجائزة نجحت في استقطاب كبريات الجامعات والمؤسسات العلمية والأكاديمية بجذب أفضل المترجمين من جميع دول العالم، للمشاركة والتفاعل مع أهداف الجائزة للمساعدة في تنشيط حركة الترجمة العالمية». وتابع: «لقد اختيرت جمهورية البرازيل الاتحادية بعناية لتسليم جوائز الدورة السادسة لارتباطها بعلاقات ودية وثيقة بالشعوب العربية في ظل تواجد حوالي عشرة ملايين برازيلي من أصول عربية، ثم لانتهاجها سياسة خارجية فاعلة وثقت فيها علاقاتها مع العالم العربي، ودخلت في حوارات ثنائية وعلى مستوى المنطقة، لدعم التعاون الاقتصادي والثقافي، ما ساعد على إقامة شراكات قائمة على الحوار والتفاهم والثقة والاحترام المتبادل والقيم الإنسانية المشتركة». ولفت إلى أن إقامة احتفال هذه الجائزة في دورتها السادسة في البرازيل يأتي تأكيدا للتواصل العربي البرازيلي، والذي سيؤكده أيضا الاحتفال باليوم العربي ويوم التضامن مع فلسطين الذي سيقام في العاصمة البرازيلية خلال الفترة من 29 نوفمبر إلى 4 ديسمبر من هذا العام. القوة الدافعة من جهته، أوضح المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، في كلمته، أنه الترجمة في كل الثقافات والحضارات، كانت وما زالت وسيلة حضارية ومؤشرا مهما على عظمة الاختلاف، ورقي التنوع، وقوة التواصل مع الآخر، وجسرا ممدودا بين الأمم، ومساحة ثابتة لجغرافية الوجود، آية دالة على عظمة الاختلاف، وروعة التنوع، على امتداد الزمان والمكان، لذلك كان استثمار الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في هذا المجال الحضاري الثري لتنشيط حركة الترجمة من اللغة العربية وإليها، ودعم فرص الحوار الفاعل، وتعزيز التواصل المعرفي بين الدول والشعوب. وقال: «إن رؤية خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وتوجيهاته السديدة في هذا الخصوص منحتنا القوة الدافعة لما تحقق لها من نجاح خلال دوراتها الست، التي انطلقت من الرياض، لتحتضنها تباعا عواصم دولية مهمة: الدار البيضاء، باريس، بكين، برلين، لتحط رحالها في محطتها السادسة في ساو باولو، تلك المدينة الكبرى في أمريكا اللاتينية، وثالثة كبريات مدن العالم، وما نرجوه أن تشكل هذه الجائزة وهذا اللقاء معكم نقطة انطلاقة جديدة في العلاقات الثقافية بالبرازيل، وأمريكا الجنوبية، ونحن على ثقة تامة من استعدادنا لبذل كل ما نستطيع للسير قدما بهذه الإنجازات الثقافية والارتقاء بها إلى المستوى المطلوب والمأمول، ونطمح لتفعيل حركة ترجمة عربية برتغالية قوية يشارك فيها المختصون والمهتمون بهذا المجال، ينبثق عنها عناية خاصة بالترجمة تنتقي وتنتخب ما يترجم، وكذا تقوم بالتنسيق للعمل على وجود ترجمات تثري هاتين الثقافتين العريقتين». وأضاف: «إن أبرز نقاط الجذب لهذه الجائزة العالمية، بالإضافة إلى الدعم المعنوي والمادي، هو انفتاحها على الثقافات واللغات كافة واعتبار الفيصل في ذلك هو قيمة العمل المترجم، وما يضيفه للعلم والمعرفة؛ لذلك نفخر بالإقبال الكبير عليها الذي يعكسه حيازتها مصداقية المبدعين وثقتهم في نهجها، حيث استقبلت خلال الدورات السابقة والحالية (869) مشاركة من (51) دولة، في مختلف الفروع، ب (36) لغة». من جانبه، أكد حاكم مدينة ساو بولو البرازيلية جيرالدوالكمين، في كلمته، عمق العلاقات بين البلدين منذ عام 1963 م، مشيدا بالدور الكبير الذي تؤديه المملكة في تعزيز الثقافة، وخصوصا تعزيز اللغة العربية على المستوى الدولي، حيث يوجد 600 كلمة تستخدم في البرازيل من أصول عربية. وأعرب في ختام كلمته عن تشرف مدينة ساوباولو باحتضان الجائزة التي تكرم المترجمين الذين يجسدون إبداع المؤلفين وينقلونها إلى حضارات أخرى.