حذر وزير الخزانة الأمريكية جاك ليو، من أن عجز بلاده عن سداد التزاماتها المالية سيتسبب في تداعيات اقتصادية خطيرة بينها إلحاق ضرر كبير بالأسواق المالية. وقال ليو أمام لجنة المالية في مجلس الشيوخ، أمس قبل أسبوع من المهلة النهائية لرفع سقف الدين الأمريكي: «إذا لم يتمكن الكونغرس من القيام بمسؤولياته فإن ذلك يمكن أن يلحق أضرارا كبيرة بالأسواق المالية، وبالانتعاش الاقتصادي الحالي، وبوظائف ومدخرات ملايين الأمريكيين»، مبينا أنه في حال عدم تحرك الكونغرس، وأصبحت الولاياتالمتحدة غير قادرة فجأة على سداد فواتيرها فإن ذلك سيكون له تداعيات خطيرة. وأوضح ليو أنه من المهم أن يعيد الكونغرس فتح الحكومة، ورفع سقف الدين، والعمل مع الرئيس على معالجة المشكلات المالية، وحذر ليو من تأثيرات يمكن أن تكون كارثية بسبب العجز عن السداد، بما في ذلك اضطرابات في أسواق الائتمان، وخسارة كبيرة في قيمة الدولار، وارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية بشكل كبير، وتأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمي، وخطر حقيقي من حدوث أزمة مالية، وركود يشبه ما حدث في 2008 أو أسوأ، لافتا إلى أن الأزمة المالية بدأت في توجيه ضربة غير ضرورية للاقتصاد الأمريكي على شكل ارتفاع معدلات الفائدة، وتقلبات الأسواق تصل إلى أعلى المستويات هذا العام. من جهة ثانية التقى وزراء مالية الدول الأعضاء في مجموعة العشرين أمس في واشنطن على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، في محاولة لحماية الاقتصاد العالمي الذي فقد توازنه لأسباب عديدة بينها الولاياتالمتحدة. وقد أسود المشهد العالمي منذ قمة رؤساء دول مجموعة العشرين المنعقدة في سان بطرسبورغ في سبتمبر، بسبب الشلل المالي الأمريكي والمخاوف الناجمة عن خفض إجراءات دعم الاقتصاد في الاحتياطي الفدرالي، البنك المركزي الأمريكي. ولخص صندوق النقد الدولي في توقعاته الاقتصادية الوضع بالقول إن «الاقتصاد العالمي يتقدم بوتيرة بطيئة ومحركات النشاط تتغير ومخاوف التدهور ما زالت قائمة». وأعلنت الحكومة الفرنسية أن «تباطؤ النمو في اقتصادات الدول الناشئة، واحتمال تطور السياسات النقدية في الاقتصادات المتقدمة، وكذلك وضع ميزانية بعض الدول الأعضاء في مجموعة العشرين، ستكون في صلب المناقشات»، مشيرة دون تسميتها إلى الولاياتالمتحدة التي تجعل العالم يحبس أنفاسه. وتعمل الأسواق المالية بفضل الأموال التي توفرها لها بسهولة الخزينة الأمريكية التي تترقب منذ أسابيع وتتساءل حول التوقيت الذي ستقرر فيه الخزينة الإمريكية تجفيف السيولات. وكان لهذه الريبة وقع هام على الدول الناشئة التي انهارت عملاتها، وتذبذبت مؤشرات بورصاتها، وازدادت تكاليف التمويل فيها بعد أن استبق العديد من المستثمرين قرار الخزينة، وأخذوا يسحبون أموالهم، وتباطأ نموها الاقتصادي بشكل عام مع أنه ظل مرتفعا. وحذر خوسيه فينالس مدير دائرة الأسواق المالية في صندوق النقد الدولي أمس الأول من أن تلك الأحداث «تكشف مخاوف جديدة على الاستقرار المالي». وأعلن الصندوق أنها قد لا تكون سوى البداية وأن «استباقات التخلي تدريجيا عن السياسة النقدية المنسجمة، مع الولاياتالمتحدة موضع خلل مالي وهشاشة». وقال مصدر ألماني مطلع الأسبوع الجاري «سنصغي بانتباه كبير لما سيقوله لنا زملاؤنا الهنود والبرازيليون». وسيعلق وزراء مالية الدول الأقوى في العالم بلا شك على تعيين الرئيس باراك أوباما أمس الأول جانت ييلين في رئاسة الخزينة الأمريكية وهو تعيين من شأنه أن يضمن استمرارية السياسة الحالية للأموال الميسورة. وسيدرسون نقطة استفهام ثانية مطروحة على الاقتصاد العالمي بسبب الولاياتالمتحدة: إلى متى سيستمر الشلل المالي للدولة الفدرالية؟ وحتى الآن لم تستلم الأسواق المالية لموجة الهلع لكن توترها يبدو في تزايد، وقدر صندوق النقد الدولي احتمال العجز عن السداد بأنه «ضئيل»، لكن انعكاساته قد تكون كارثية، إذ أن الولاياتالمتحدة قد تسقط مجددا في «انكماش أو أسوأ» من ذلك وفق إنذار كبير الاقتصاديين في المؤسسة أوليفييه بلانشار. وخفض الصندوق توقعاته من النمو العالمي بدعوى «الشكوك» المالية والنقدية في الولاياتالمتحدة.