شدد وزير الخزانة الأمريكي جاكوب ليو مجددا على ضرورة رفع سقف الدين العام الأمريكي، معتبرا أنه من «الخطر» الاعتقاد بوجود «أموال في الخزينة». وقال في مقابلة مع محطة «فوكس بيزنيس نيتورك» الأمريكية «يجب أن يجلس الجمهوريون حول الطاولة على أمل التوصل إلى تسوية». وأضاف: لكن ذلك لا يمكن أن يحصل في ظل الفكرة غير الواقعية على الإطلاق بأنه يمكن ضرب إصلاح نظام الضمان الصحي من أجل تمويل الحكومة لمدة شهرين أو حتى تمويل الدين العام. وكرر ليو القول بأن التاريخ النهائي هو 17 أكتوبر وبعدها تكون وزارة الخزانة قد استنفدت جميع الإجراءات الاستثنائية للتمويل. وقال أيضا «سريعا جدا لن تكون لدينا أموال في الخزينة»، داحضا «الفكرة الخطيرة بأنه لا تزال هناك أموال في الخزينة». وبالنسبة للمفاوضات مع الجمهوريين، قال ليو «أعتقد أننا سنتمكن في النهاية من الاجتماع حول الطاولة والتوصل إلى تسوية مشرفة. ولكن هذا الأمر لا يمكن أن يحصل تحت التهديد بضرب الاقتصاد». وفي غياب أي مفاوضات حمل الرئيس باراك أوباما مباشرة على محاوره الجمهوري الرئيسي جون باينر رئيس مجلس النواب الذي أخذ عليه عدم الرغبة «في إغضاب المتطرفين في حزبه». وقال الرئيس الأمريكي في كلمة حادة اللهجة ألقاها في روكفيل (ميريلاند) القريبة من واشنطن «صوتوا (على الميزانية)، أوقفوا هذه المهزلة وانهوا هذا الشلل». وأغلقت الإدارات الفدرالية الأمريكية جزئيا منذ صباح الثلاثاء بسبب عدم التوصل إلى اتفاق في الكونغرس حول الموازنة. وأصبح نحو 900 ألف موظف أي 43 في المئة من موظفي الدولة في عطلة إجبارية بدون أجر حسب موقع متخصص. ويصر المحافظون الجمهوريون على مطلبهم بإلغاء أو تعديل قانون «أوباما كير» للتأمين الصحي مقابل الموافقة على ميزانية السنة المالية الجديدة التي بدأت الثلاثاء. ولكن الرئيس يرفض أي مساس بقانون الإصلاح الصحي الذي عمل جاهدا لإقراره. كما هدد هؤلاء النواب بربط هذه المسألة بمسألة رفع سقف الدين الذي يجب أن يتقرر قبل 17 أكتوبر الجاري. وفي حال عدم موافقة الكونغرس على رفع سقف الدين قبل هذا الموعد ستكون سابقة حذرت وزارة الخزانة من جديد من عواقبها . وقالت الوزارة في تقرير: إنه في حال تخلف الولاياتالمتحدة عن السداد، فإن «سوق التسليف قد يتجمد وقيمة الدولار تنخفض وأسعار الفائدة الأمريكية تصعد بقوة ما يقود إلى أزمة مالية وانكماش يذكران بأحداث 2008 إن لم تكن أسوأ». ويتمتع الكونغرس بصلاحية رفع سقف ديون الولاياتالمتحدة البالغة حاليا 16700 مليار دولار، لكن الغالبية الجمهورية في مجلس النواب ترفض ذلك في خضم معركتها مع إدارة الرئيس باراك أوباما حول الموازنة الأمر يكية. وفي صيف 2011، أدى وضع سياسي مماثل حول سقف الديون إلى شل واشنطن ما دفع بوكالة ستاندارد اند بورز للتصنيف الائتماني بحرمان الولاياتالمتحدة من تصنيفها الممتاز «ايه ايه ايه». وتتمثل الاستراتيجية الجديدة للجمهوريين الذين يسيطرون على نصف مجلس النواب ويملكون بذلك سلطة التعطيل، في محاولة إعادة فتح الوكالات الفدرالية واحدة تلو الأخرى للتخفيف من «وجع» شلل الدولة. وهكذا أقر مجلس النواب أمس الأول إجراءات لإعادة فتح المتنزهات العامة والمتاحف والنصب الوطنية، وإعادة عمل مؤسسات وطنية للصحة، حيث تجرى أبحاث تجريبية لعلاج الأمراض الخطيرة. على أن يتبع ذلك قسم الاحتياطيين العسكريين، وأجهزة مساعدة المحاربين القدامى. إلا أنه من المتوقع أن يرفض مجلس الشيوخ طريقة «التجزئة» هذه التي ينوي الرئيس أوباما على أي حال استخدام حقه في الفيتو لرفضها. وعلى مدى ساعة التقى أوباما في البيت الأبيض مساء أمس الأول الزعيم الجمهوري جون باينر، غير أن المحادثات لم تحقق أي اختراق. وقال باينر إثر الاجتماع إن «الرئيس كرر مرة جديدة القول إنه لا يريد التفاوض». وفي هذه المعركة التي تدور أيضا على ساحة الرأي العام يبدو أن أوباما يحظى بدعم أكثر من خصومه، حيث يرفض 72 في المئة من الأمريكيين فكرة شلل الدولة بسبب الخلاف على برنامج التأمين الصحي مقابل 25 في المئة يرون أنها فكرة جيدة حسب استطلاع لشبكة سي.بي.سي نشر الخميس وإلى أبعد من شلل الدولة الفدرالية يشخص العالم البصر على تاريخ 17 أكتوبر. وقالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد محذرة في كلمة ألقتها أمس الأول في واشنطن أن «شلل الميزانية شيء مؤذ بالفعل إلا أن عدم القدرة على رفع سقف الدين سيكون أسوأ وربما لا يلحق ضررا جسيما بالولاياتالمتحدة وحدها وإنما أيضا بالاقتصاد العالمي كله». كما عبر رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي عن قلقه، معتبرا أن شلل الإدارات يطرح «إذا طال أمده مخاطر على الولاياتالمتحدة والعالم». وفيما يبدو أن شلل الإدارات سيستمر لفترة طويلة، سجلت البورصات الأمريكية تراجعا، حيث خسر مؤشر داو جونز عند الإغلاق 0,39 في المئة فيما تراجعت الأسواق الاوروبية والآسيوية أيضا. وخسرت بورصة طوكيو أيضا 2.17 في المئة الأربعاء. وكان للأزمة أيضا تأثير على برنامج عمل أوباما الذي ألغى زيارة كانت مرتقبة في 11 اكتوبر إلى ماليزيا وأخرى إلى الفيليبين. ولا يزال الشك يحيط بإمكانية حضوره قمتين دوليتين. وهذا الإغلاق يأتي بعد 33 شهرا من التجاذبات والمواجهات بشأن الميزانية بين الديموقراطيين والجمهوريين الذين استعادوا السيطرة على مجلس النواب في يناير 2011 بعد انتخاب عشرات الأعضاء من التيار الشعبوي المتشدد المعروف بحزب الشاي ( تي بارتي).