بعد جهد كبير ومتابعة استطعنا أن نرصد حركة «جبهة النصرة» على أرض حوران وخلال جولة «عكاظ» داخل إحدى القرى، حيث كنا نزور أحد الأهالي في منزل تصادف وجود سيارة دفع رباعي تحمل علم «الجبهة» كان لا بد أن نستفسر رغم تحذيرنا من أن الجماعة لا تحب الإعلام ولا التصوير. توقفت السيارة أمام المكان الذي نتواجد فيه، سألت أحد المرافقين عن الأشخاص الثلاثة الذين ترجلوا منها فتبين أنهم أمير جماعة «جبهة النصرة» في الريف الغربي مع اثنين من مقاتليه. أمير «النصرة» المدعو «أبو سيف» وهو ليس سوريا، بل من جنسية عربية، بدا أنه يبحث عن غرض لدى المقاتلين في إحدى الكتائب، وتبين أن الغرض هو الحصول على قذائف مدفعية «الهاون» فالرجل على ما تحدث به يخوض معركة ضد موقع للنظام في منطقة «مغر صالح» على تخوم مدينة درعا. في تلك الأثناء كانت المعلومات تتوارد عن تمكن «النصرة» من تدمير ثلاث دبابات لقوات النظام في موقع «مغر صالح» الذي وصفه سكان المنطقة بالاستراتيجي. تبين لي أن «أبو سيف» لم يتمكن من جمع أكثر من ثماني قذائف مع صواعقها إذ يمتنع الجيش الحر في غالب الأحيان عن مدهم بالسلاح. حاورت أحد مقاتلي «جبهة النصرة» المرافقين للأمير «أبو سيف» بعد أن تعذر الحديث مع الأخير.. كان حوارا سريعا سألته عن موقفهم مما يجري شمال سورية خصوصا في منطقة إعزاز ومحاولة ما يسمى دولة العراق والشام (داعش) السيطرة على مدينة إعزاز بريف حلب بعد مواجهات مع الجيش الحر سقط فيها الكثير من القتلى.. أجابني وبدا أنه ليس سوريا أيضا بأن هذا الأمر مرفوض وأن «النصرة» لا ترتبط بأية علاقة مع «داعش». وحول فكرة إقامة الدولة الإسلامية التي تسعى إليها الجبهة قال: «جربنا كل أشكال الحكم وكانت النتائج مخيبة، وتبين لنا أن حكم الشريعة هو الخيار».. حاولت التعمق أكثر إلا أن الجماعة بدا أنها مستعجلة كما بدا لي أن مزيدا من الأسئلة كان كفيلا باستفزازهم. في نفس اليوم كانت الأنباء ترد من الريف الشرقي لدرعا عن مطالبة الجيش الحر والأهالي في بلدة «معربة» لمقاتلي الجيش الحر بمغادرة البلدة وإخلائها من جميع العناصر، تحدثت إلى أحد الناشطين لاستجلاء حقيقة المسألة فأكد لي أن الجبهة في الريف الشرقي غير قادرة على بسط سيطرتها علما أنها تمتلك السلاح الثقيل مشيرا إلى أن الأهالي لا يتقبلون وجود مجموعات متشددة بينهم، ولم يخف الناشط مخاوفه من أن طرد تلك المجموعات قد يتسبب ببعض الإرباك خصوصا وأن عناصر «النصرة» تكتفي حاليا بخوض المعارك مع النظام دون سعي لتغيير ملامح الأرض مشيرا إلى أن ما يجري في شمال سورية يعطي مؤشرا سلبيا يتطلب تعويض أي نقص على الأرض في حال إجبار «جبهة النصرة» على ترك مواقعها.