أكد سفير جمهورية إيطاليا لدى المملكة ماريو بوفو عمق العلاقات السعودية الإيطالية وترابطها على جميع الأصعدة وبأنها طيبة، مشيرا إلى أن ذلك ينعكس على مجمل التعاون بين البلدين اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا معربا عن أمله بأن يزيد حجم التبادل التجاري بين البلدين مستقبلا. وأضاف السفير بوفو في حديث ل «عكاظ» الثلاثاء الماضي بأن احتفالية مرور أكثر من ثمانين عاما على العلاقات السعودية الإيطالية التي ستقام مطلع شهر أكتوبر المقبل سوف تعكس الصورة الواقعية والحقيقية عن متانة العلاقات بين البلدين التي استمرت في التطور الإيجابي على جميع الأصعدة منذ انطلاقتها قبل ثمانية عقود. وقال إن السعوديين لديهم معرفة واسعة بثقافة المجتمع الإيطالي وما تنتجه إيطاليا في مجال الموضة والأزياء والتصميم الداخلي والمعماري والحضري، والعديد من الماركات الشهيرة وماهو أكثر من ذلك لتقدمه في عدة مجالات منها المعرفة والتقنية والصناعة وما إلى ذلك من مجالات تفتح أفقا أوسع في تطوير حجم العلاقات على عدة أصعدة، ويوجد حاليا عدد من الشركات المميزة التي تعمل هنا منذ مدة في مجالات مهمة مثل البناء والتقنية والاستشارات، ومن الأمثلة على ذلك مساهمة شركة «انسالدو اس تي اس» حاليا في إنشاء مترو الرياض ضمن الكونسورتيوم أو اتحاد الشركات الذي يقوم بتنفيذ مشروع المترو الضخم وسوف تكون الشركة الإيطالية مسؤولة عن التكامل التكنولوجي لأنظمة الإشارات ونظام التحكم بالقطار وأنظمة الاتصالات في المشروع ونظام الطاقة للسكك الحديدية، وهو ما يدل على التميز التكنولوجي، وهناك غيرها من الشركات التي من الممكن أن تفتح المجال والأفق أمام التوسع في مجالات التعاون ذات المردود الإيجابي على اقتصادات البلدين والتبادل التجاري بينهما. وعن مقترحه أن تتولى إيطاليا تدريب طلابنا المبتعثين في المصانع الإيطالية للاستفادة من تقنياتها الرائدة على المستوى العالمي ومساهمة ذلك في تعزيز نقل التقنية لوطنهم، وفتح أفق أوسع في التعاون قال إن هذا الأمر من الممكن أن يتحقق إذا أوجدنا إطارا منظما لعملية إرسال الطلاب الخريجين في المجالات الهندسية والتقنية المختلفة إلى المصانع والمعاهد المتخصصة في مجال دراسة هؤلاء المبتعثين الشباب لإعدادهم وصقلهم عمليا من خلال تدريب مكثف لفترات زمنية كافية، وهو ما سيعود بالنفع على جميع الأطراف، خاصة أن إحدى معضلات مضاعفة التطور هو نقص المعرفة، وتفعيل هذا المقترح بشكل عملي هو لضمان ريادة الأعمال، وتحقيق «التكامل الاقتصادي» بين البلدين. ولذلك دعني أعود للحديث عن علاقتنا الاقتصادية من خلال ما طرح، حيث بإمكاننا أن نقدم الكثير لتحقيق رؤية إيجابية مشتركة تسهم في تطوير التبادل التجاري ونموه اضطراديا، فالمشاريع الاقتصادية والمعرفة ينبغي النظر إليهما سويا بعين الاعتبار من دون تجزئة، لأنه من وجهة نظري، لم يعد قطاع الأعمال في العصر الحديث بمعزل عن العلم والمعرفة والأبحاث العلمية والتطبيق المعرفي العملي فكلها باتت لها أدوار أساسية في تعزيز هذا القطاع، وتحقيق الكفاءة العالية وبلوغ أقصى درجات الشمولية والتكاملية الاقتصادية. وأضاف توجهنا بمقترحنا إلى مجلس الأعمال السعودي الإيطالي، ولكن لم نتوصل بعد لإيجاد الآلية المطلوبة وتقريب وجهات النظر في هذا الشأن، وهناك حلقات مفقودة يجب علينا مع الوقت التوصل إليها للبدء في تفعيل المقترح بالشكل المطلوب، ولكن نحن من جانبنا اتخذنا الخطوات الأولية وبدأنا في التنسيق مع عدد من الجهات المختصة في الجانب الإيطالي وسوف تليها مرحلة البدء في تقديم العروض الفعلية والمقنعة، ولذلك يجب أن نسعى في طرح هذه الرؤية خلال مناسبة وفعاليات احتفالية مرور ثمانين عاما على العلاقات السعودية الإيطالية، خاصة أنها ستجمع العديد من الطلاب المبتعثين المدعوين إلى المناسبة، وسوف يكون هناك العديد من المحاضرات المتعلقة بهذا الشأن. وحول شكوى الكثيرين من تأشيرة «شنجن» التي تشترط دخول الدول الأوروبية التي حصلت منها على التأشيرة أولا قبل التنقل داخل أوروبا،قال إن هذا النظام مفروض من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ولا يخص إيطاليا وحدها، ولكن من جهتنا نحن نقدم أكبر قدر من التسهيلات في منح التأشيرة بأسرع وقت ممكن وتحسين وتسريع الإجراءات. وبشأن رؤيته للأوضاع في الشرق الأوسط بعد التحولات الأخيرة في المنطقة قال بالتأكيد الوضع في الشرق الأوسط معقد وصعب وتشوبه الخطورة نتيجة للمتغيرات العديدة التي عصفت ببعض الأنظمة وتسببت في عدم استقرار بعض هذه الدول، ولكن نتوقع بأن هذه الدول والمنطقة سوف تستقر تدريجيا ربما خلال عام أو عامين وتتحسن بعدها الأوضاع. ولكن بالنسبة إلى المملكة فهي بلا شك دولة عظيمة وذخر للمنطقة ككل وتتميز باستقرارها منذ نشأتها ولها ثقلها، وعلى الرغم من الاضطرابات العديدة التي حدثت في منطقة الشرق الأوسط، ليس فقط خلال فترة الربيع العربي بل حدثت ظروف أخرى في المنطقة في الخمسينات والستينات الميلادية، ولكن بقيت المملكة العربية السعودية في حالة استقرار تام، وما يبعث على التقدير ويثير الإعجاب هو التقارب الكبير بين المجتمع السعودي اجتماعيا وثقافيا وفكريا وعقائديا على الرغم من كبر مساحة الرقعة الجغرافية للمملكة إلا أنها مترابطة ومستقرة على جميع النواحي الاقتصادية والسياسية والأمنية والثقافية والاجتماعية، وهذا ما يجعلها قابلة للتطور باستمرار وجاذبة للاستثمارات.. والعلاقات بين السعودية وإيطاليا متينة وقوية وتتسم بالود والاحترام المتبادل منذ أن تأسست عام 1932م قبل أكثر من ثمانية عقود.