في مكةالمكرمة.. أطهر بقعة على وجه الأرض أثار ومواقع يعود تاريخها إلى آلاف السنين.. آثار في باطن الأرض خرجت إلى ظاهرها لتكون شاهدة على عظمة الخالق ولعل من أشهر المواقع المكية جبل أبي قبيس الذي يعتبر أول جبل في العالم أجمع ومن أجمل المعالم خصوصا بعد أن زينتها حكومة خادم الحرمين الشريفين ببناء قصور الضيافة ولا يمكن لأي زائر لمكةالمكرمة أن يعبره دون التمتع بالجلوس والمؤانسة تحت سفحه أو يمتع نظره بجماله وألقه. صحيح أنك ستنفق الكثيرمن المال مقابل مشاهدتك لبعض الآثار في العالم ولا تسمح لك المتاحف بالتمتع ولمس الأثر إلا بمقابل مادي فكلها مدفوعة الأجر، أما في مكةالمكرمة فكل أثر متاح لك وتحول حلمك إلى حقيقة وأنت تلمس وتعيش في أقدم طبيعة خلقها الله سبحانه وتعالى على الأرض. جبل أبي قبيس.. أول جبل على الأرض فعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أول بقعة وضعت من الأرض موضع البيت ثم مدت منه الأرض وإن أول جبل وضعه الله على وجه الأرض أبو قبيس ثم مدت منه الجبال». 4 مليارات عام وبحسب علم الجيولوجيا وعلمائه فإن عمر الأرض 4 مليارات و600 مليون سنة ويقول الله سبحانة وتعالى «والجبال أوتادا» فأول طبيعة خلقها الله في الأرض هي الجبال لأنها هي أوتاد الأرض فهل تستطيع أن تنصب خيمة بدون أوتاد؟ أصبح بذلك جبل أبي قبيس هو أول وأقدم طبيعة خلقها الله في الأرض، فإذا مست حجرا من حجارة ذلك الجبل العتيق فأنت تلمس شيئا عمره 4 مليارات و600 مليون عام فما أروعه من شعور. جبل أبي قبيس هو أحد الأخشبين جبل في الجهة الشرقية للمسجد الحرام. ويبلغ ارتفاعه (420) مترا تقريبا. وقيل: إنما سمي بذلك لأن رجلا يقال له: أبو قبيس، أول من قام بالبناء عليه، وقيل أيضا أنه سمي بأبي قبيس لأن الحجر الأسود قد اقتبس منه. ويسمى أيضا بالجبل الأمين بسبب احتفاظه بأمر من الله بالحجر الأسود، وكان جبل أبي قبيس يسمى في الجاهلية الأمين لأن الركن الأسود كان فيه مستودعا عام الطوفان، فلما بنى إبراهيم الخليل البيت نادى أبا قبيس أن الركن مني بموضع كذا وكذا وقيل أتى به جبريل من الجبل وسلمه إلى إبراهيم عليه السلام، كما أنه يشرف على الكعبة، بل إن الربوة التي بنيت عليها الكعبة تتصل بأصل جبل أبي قبيس. شق القمر في عام 73ه قرر عبدالملك بن مروان التخلص من عبدالله بن الزبير، فجهز جيشا ضخما لمنازلة ابن الزبير في مكة، وأمر عليه الحجاج بن يوسف، فسار إلى مكة وحاصر ابن الزبير فيها، ونصب المنجنيق على جبل أبي قبيس. ويكتسب جبل أبي قبيس أهميته الخاصة من حادثة شق القمر حيث يعتقد أن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) كان واقفا على أو عند أبي قبيس عندما حصلت معجزة شق القمر . وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس في الآية 1 من سورة القمر (54) «اقتربت الساعة وانشق القمر» أنه قال: اجتمع المشركون على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) منهم الوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام، والعاص بن وائل، والعاص بن هشام، والأسود بن عبد يغوث، والأسود بن المطلب، وزمعة بن الأسود، والنضر بن الحرث فقالوا للنبي (صلى الله عليه وسلم): إن كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين نصفا على أبي قبيس ونصفا على قعيقعان، فقال لهم النبي (صلى الله عليه وسلم) إن فعلت تؤمنوا؟ قالوا: نعم، وكانت ليلة بدر، فسأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ربه أن يعطيه ما سألوا، فأمسى القمر نصفا على أبي قبيس ونصفا على قعيقعان، ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) ينادي: يا أبا سلمة بن عبد الأسد والأرقم بن أبي الأرقم اشهدوا. وفي وقت لاحق كان بلال بن رباح رضوان الله عليه يسكن على قمة أبي قبيس ومن هنا سمي المسجد الذي كان على قمة الجبل جبل بلال. ويقول المؤرخ حمد الشويع إن أصل الصفا الذي يبدأ السعي منه يقع في أسفل أبي قبيس في مقابلة ركن الحجر الأسود، لافتا إلى أن انشقاق القمر حصل عليه، وذلك معجزة للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم). وأكد الشويع أن جبل أبي قبيس العتيق له منزلة عند أهالي مكةالمكرمة خاصة، وعند المسلمين عامة، مشيرا إلى أن تاريخه وثباته وشموخه وذكره في الحديث النبوي، إنما يرسخ حبه في القلوب.