فيما اعتبرت أن نصف المبادرة الروسية بشأن الأسلحة الكيمائية لنظام بشار الأسد يحتمل الجدية، والنصف الثاني يحتمل المراوغة والالتفاف، أفصحت مصادر دبلوماسية عن تبلور موقف عربي يدعو إلى التروي في تقييم هذه المبادرة، وهو ما انعكس على مناقشات اجتماع مجلس الجامعة العربية الطارئ على مستوى المندوبين الدائمين في القاهرة أمس. وكشفت مصادر شاركت في الاجتماع عن موقف خليجي شكك في المبادرة الروسية برمتها، داعيا إلى عدم الانخداع بها وانتظار ما سوف تسفر عنه الأحداث، مدللا على ذلك بأن نظام الأسد دأب على المرواغة ويلقى الدعم الكامل من موسكو. كما أن المبادرة لا تتضمن أية إشارة إلى جرائمه ومذابحه ضد الأبرياء وضرورة وقفها فورا. وحذرت دول الخليج وفي مقدمتها المملكة خلال الاجتماع من أن المبادرة الروسية تعكس التفافا ملحوظا وواضحا على التحرك الأمريكي بعد أن بدأ الأخير يتخذ جدية في التصدي لممارسات نظام بشار الأسد. ومن جانبها أكدت مصر ترحيبها بالمبادرة الروسية باعتبارها تصب في خانة دعم الحل السياسي، لكن رأت أنه يتعين التعامل معها بحذر والوقوف على مدى جديتها وتوافقها مع مطالب الشعب السوري. ورأت المصادر أن ال48 ساعة المقبلة ستكون فاصلة وحاسمة في التعامل مع ملف هذه الأزمة في ظل مشاورات جارية بمجلس الأمن لبحث الاقتراح الروسي. ولفتت إلى الموقف المصري الذي يرى دراسة الاقتراح الروسي وتمحيصه من كافة جوانبه، مشيرة إلى أن التخلص من الأسلحة الكيماوية ليس قرارا سهلا ويحتاج إلى مدة طويلة قد تصل إلى 10 سنوات. ونبهت إلى أنها لا تستبعد أن تتيح المبادرة الروسية المزيد من الوقت أمام نظام حكم الأسد، خاصة في التوصل إلى اتفاق بشأن كيفية التعامل مع الأسلحة الكيماوية، إلى جانب أنها لم تتضمن أي إشارة إلى العملية السياسية التي هي الأساس والهدف لأي تحرك لإنهاء الوضع المأساوي الراهن الذي تشهده سوريا منذ مارس 2011. وفيما رحب الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي بالاقتراح الروسي، دعت دول عربية ممثلة في المملكة ودول الخليج الأخرى ومصر وليبيا التي ترأس المجلس الوزاري إلى ضرورة التروي وعدم التعجل والوقوف على مدى جدية هذا التحرك، محذرة من أنه ينطوي على فصل جديد من فصول المراوغة وإضاعة الوقت لمصلحة نظام الأسد، بينما سعت كل من العراق والجزائر ولبنان إلى الترحيب بالاقتراح الروسي ورأت فيه طوق النجاة للمنطقة من حرب جديدة كانت وشيكة. وكان الأمين العام للجامعة الدكتور نبيل العربي قد طرح أربعة عناصر أمام الاجتماع للتعامل مع الاقتراح الروسي، لافتا إلى أنه أجرى اتصالات حول هذه القضية طوال اليوم السابق للاجتماع (أمس الأول الثلاثاء). وأولها: أن المبادرة الروسية بوضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت الرقابة الدولية تمثل تطورا مهما في مسار معالجة الأزمة الراهنة، ولابد من التعامل معها ببالغ الاهتمام والجدية. وثانيا: دعوة مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته في هذا الشأن والعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة والفورية من أجل تنفيذ بنود هذه المبادرة الروسية دون مماطلة أو تسويف، وذلك عبر تبني آلية جدية وفعالة تضمن وضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت الرقابة الدولية في أقرب الآجال. وثالثا: التأكيد على أن هذه المبادرة لا تحول دون معاقبة مرتكبي جرائم استخدام الأسلحة الكيماوية في الغوطة الشرقية وتقديمهم إلى العدالة الجنائية الدولية باعتبارها من جرائم الحرب التي لا تسقط بالتقادم ولابد من معاقبة مرتكبيها. ورابعا: التأكيد على الموقف الثابت لجامعة الدول العربية وقراراتها التي تطالب مجلس الأمن، ومنذ أكثر من عام، باتخاذ قرار ملزم لوقف القتال في سوريا والبدء في ترتيبات عقد مؤتمر جنيف (2) للتوصل إلى اتفاق حول خطوات الحل السياسي المنشود للأزمة السورية.