تتجدد نجومية الشاعر الغنائي ساري مع طرح كل البوم يحمل إبداعاته الشعرية المموسقة في طبيعتها، وقبل أن تتعامل معه أنامل الملحنين، كون صاحبها الشاعر ساري من المتذوقين لطعم الغناء والموسيقى على أصولها، كما يقول العارفون في أجواء الموسيقى والغناء المحلي والإقليمي، وهو الأمر الذي نؤكده منذ يفاعته وتعامله مع الموسيقي والملحن السعودي الكبير والراحل سامي إحسان، والذي كان أول من استحالت بين يديه فرائد نصوص ساري أغنيات جميلة منذ بداية ثمانينيات القرن العشرين المنصرم، وهو الأمر الذي كانت «عكاظ» شاهدة على ولادة إبداع تلك الفترة عندما التمع جمال الصورة لدى شاعر شاب «ساري»، وجاء يعرض على موسيقار كانت يومها الحيوية والابتكار ملء جفونه وجنونه «سامي إحسان»، وحبه كان كبيرا لتقديم اسم جديد في مجالات الأغنية المختلفة شعراء ومطربين وملحنين، أيضا من خلال إشرافه على قسمي الموسيقى ومن خلال قيادته للفرق الموسيقية في الإذاعة والتلفزيون وجمعية الثقافة والفنون التي يعد واحدا من مؤسسيها الأوائل، تلك الفترة بين ساري الذي لم يكن بعد قد بلغ العشرين ربيعا وسامي أثمرت أجمل أعمال المرحلة غنائيا، حيث شدا طلال مداح برائعة ساري «قلت ذا برق تلالا ثم ناض»، وكانت من أجمل أغنيات تلك المرحلة التي عاش معظم وقتها الراحلان طلال مداح وسامي إحسان بين أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات في لندن، وكانت قد أردفت تلك الأغنية بأخرى بين طلال وساري وسامي، ثم جاءت تجربة خلطة سرية ثلاثية بينهما «ساري وسامي» ومحمد عبده في عدة أعمال، منها «الله على ما صار»، وهي التي جددها أيضا محمد عبده في جلسة وناسة ما قبل الأخيرة، كذلك أغنية «هنوا ورود الجزيرة» التي تحولت من عمل خاص إلى عام بسبب نجاحها الكبير جماهيريا. تتجدد في كل فترة من فترات الغناء الجميل العلاقة بين أذن المستمع والشاعر ساري الذي يجدد بدوره هذه العلاقة دوما مواكبا أجيالا فأجيالا للمتذوقين، ولعل أبرز من استطاع توصيل إبداعاته في المراحل الأخيرة كل من فنان العرب محمد عبده والنجم ماجد المهندس، والأخير يعتمد من عملين لثلاثة في كل ألبوم له منذ التقت الموهبتان كلمة وموسيقى وأداء، الأمر الذي هيأ للمتلقي كثيرا من الأعمال التي نستطيع القول عنها إنها تعويضية عن بعض ما يقدم في الساحة من غير المستساغ أو المأمول من أغنيات. إلى جانب كثير من أغنياته التي شدا بها ك«سينجل» أو دويتوهات أو كليبات مع أبرز الأسماء العربية الشابة؛ مثل راشد الماجد ويارا وفدوى المالكي وغيرهم الكثير. وفي ألبوم ماجد المهندس الأخير «أنا وياك» الذي كانت أولى طبعاته في الربع الأول من هذا العام، والذي طرحت طبعته السادسة من خلال روتانا مؤخرا تسنمت أعمال ساري الخمسة «أنا واياك، ذكرناكم من الحان أحمد الهرمي، بين غلاي من ألحان رابح صقر، جيت احبك من ألحان عصام كمال، وأخيرا صبر ايوب من الحان ماجد نفسه «اغنيات الألبوم، وكانت إلى جانب أغنية فائق حسن «سحرني حلاها» الأكثر تناولا في إذاعات الإف إم والحفلات والمناسبات، وغير ذلك بصوت ماجد المهندس وغيره ممن يستمتعون بتقديم أغنيات ماجد من الفنانين، وآخر استدلالاتنا ما سيقدمه ماجد المهندس يوم الخميس المقبل من أغنيات ساري لماجد المحبذة جماهيريا في فرح ابنة محمد عبده «ريم» إلى جانب رابح صقر وأحلام ووالد العروس. وفي أغنية ساري وعصام كمال جاءت الأغنية بصورة إبداعية، استطاع عصام كمال أن يلبسها ثوبا موسيقيا من أجواء الموسيقى العصرية غير الإيقاعية، التي تعتمد عليها أكثر أغنيات اليوم وتقول إحدى لوحات هذا العمل: ياللي قسمي من حياتك طيبتك واجمل صفاتك القلوب الطيبة كلها من طيب ذاتك شوفتك ميلاد وشموع وحبايب وغيبتك ماخذا قلبي سواك.. خذني مع قلبي معاك. أما في أغنية صبر أيوب التي كانت من ألحان ماجد المهندس، فكان التماهي جميلا مع موسيقى ماجد وأشعار ساري، وهو النص الذي يقول: يا صبر أيوب ما عاد لي قدرة امشي بك دروب عشت سنين طوال يكفيني طولة بال هون علي الحال قلبي بسبك يذوب شكرا صبر أيوب أما الأغنية التي جمعت ساري والمهندس بألحان رابح صقر وموسيقاه، فهي «بين غلاي» التي تقول: بين غلاي وعطني الحب كله وجدد رجاي بوصلك اللي رجيته ترى الوصل لو ما حصل لي بحله بعدين لو تهديه لي ما بغيته ومع أحمد الهرمي كانت أغنيتان هما ما جمع الثلاثي، ويقول مطلع الرئيسية «أنا وياك»: أنا وياك والدنيا علينا أنا وياك مادري وش بلانا وما زال ساري يواصل في تقديم أشعاره الغنائية من خلال المحلي والعربي من الحناجر الكبيرة والموصلة لإبداعاته الشعرية، وتحديد ملامح الأغنية السعودية والعربية الحديثة.