لا يعرف أهالي جازان من الأحياء العشوائية غير أنها باتت تشكل مرتعا للمخالفات السلبية وبؤرا للإجرام، خاصة أن غالبية سكانها من العمالة الهاربة والمتخلفة، فيما عشوائية المباني والشوارع تمثل البيئة المناسبة لاختفاء وتواري هؤلاء عن الأنظار. وتضم منطقة جازان ومحافظاتها عددا من الأحياء العشوائية التي تنتشر فيها المنازل المهجورة، بأزقتها الضيقة وتركيبتها المتداخلة، ما يوفر أجواء تنتشر فيها الجريمة، خاصة وأن العمالة الوافدة المخالفة هي من تتخذ تلك الأحياء سكنا لها والتي تعمد إلى ارتكاب كل ما هو خارج عن القانون في سبيل توفير لقمة العيش.. وفي ظل هذه الأجواء داخل الأحياء العشوائية تشكلت فئة شللية استهدفت عمليات إجرامية شبه منظمة مستغلة صعوبة الوصول إليها، وتشكل في مجموعها خطرا يصعب مواجهته مع المندسين والمجرمين واللصوص ومروجي المخدرات والقات وممارسة السحر والشعوذة والنصب والاحتيال على المواطنين والمقيمين. وأوضحت التقارير طبية أن هناك انتشارا كبير لأمراض الحصبة والملاريا بين ساكني تلك الأحياء، خاصة العمالة المخالفة منهم، مما جعل وزارة الصحة تقوم بحملات تطعيم لتلك العمالة المخالفة، الأمر الذي جعل الكثير من المواطنين الساكنين في تلك الأحياء يتذمرون من تلك الإجراءات، لاعتقادهم أن الأولى المبادرة بالقبض عليهم وترحيلهم بصفتهم عمالة مخالفة وليس تمتعهم بخدمات صحية ومنحهم جرعات وقائية. «عكاظ» تجولت داخل بعض الأحياء العشوائية، فبدا واضحا حجم المخاطر بدءا من أحياء وسط جازان، حيث تضم العديد من الأزقة والشوارع الضيقة والدهاليز المتعددة التي تفرغ الجريمة، وتحوي ما نسبته 75 في المائة من الجنسيات اليمنية والأفريقية، والباكستانية، والبنغالية، وخليط من العمالة الوافدة مع مواطنين دفعهم ضيق الحال إلى السكن في منازل شعبية تماشيا مع أوضاعهم المادية المتردية التي تحرمهم من السكن في الأحياء المكتملة الخدمات، مما جعل الجهات الأمنية تضعه في قائمة الأحياء الخاضعة لحملات التفتيش والدهم باستمرار.ولا يختلف الحال في أحياء محافظة صبيا شمالي جازان، حيث تعد العشوائية أكثر انتشارا من مدينة جازان، حيث يعد حي السوق في وسط المحافظة أكثر الأحياء عشوائية وإجرامية حيث تغلب العمالة اليمنية والأفريقية المخالفة على سكان تلك الأحياء وغالبية المنازل شعبية قديمة مخالفة لكل ما هو مدني أو تخطيطي، ولا زال هذا الحي الهدف الرئيس لحملات الجهات الأمنية، وبين تلك المنازل الشعبية أزقة ضيقة جدا يصعب عبورها بالسيارة، فيما أغلقت العمالة بعضها لتكون ضمن أحواش منازلهم المتهالكة وعندما يسير أي شخص في أزقتها، هناك أعين ترقب تحركاته على مدار الساعة في ظل وجود «شلل» تتربص بالمارة عبر كل زاوية من الحي لترقب غريبا يكشف ما يدور داخل الحي لإشعار من كان في الداخل في حال وجود خطر. كذلك الحال ينطبق على الأحياء العشوائية في محافظات أبو عريش، أحد المسارحة، صامطة التي تضم مختلف الأطياف الشعبية، مختلطة مع العمالة الوافدة والمخالفة لتشكل مزيجا من «الشللية»، يجمعها الفقر والحاجة وتتبع طرقا متعددة للخروج عن القانون وممارسة التجاوزات وارتكاب العديد من الجرائم. وقد أكد العديد من سكان تلك الأحياء من أصحاب الدخل المحدود، حاجتهم لسرعة تنفيذ مشاريع لتطوير أحيائهم العشوائية وتفكيك ما بداخلها من عشوائية خطرة، مطالبين بالتعجيل بكافة الطرق لحمايتهم من الأخطار المحدقة.ويرى سلطان محائلي ضرورة تكليف مخبرين سريين للعمل داخل تلك الأحياء، للوصول إلى حقيقة ما تخفيه الجدران المتهالكة من جرائم، فيما حمل يحيى عبدالله المواطن مسؤولية كثير مما يحدث في الأحياء الشعبية، وقال: «المنازل التي يسكنها المتخلفون والمحال التي يبيعون فيها يملكها المواطن». وقال قاسم هادي إن هذه الأحياء العشوائية شكلت واقعا مريرا لتزايد الجرائم من قبل الجنسيات الأجنبية المتعددة التي اتخذت من مساكنها القديمة وأزقتها وطرقها الضيقة مرتعا للخروج عن القانون، وتنفيذ السرقات والجرائم، تشكيل العصابات، والنيل من المواطن وتهريب الخادمات، وترويج الخمور والمسكرات ونشر الفساد والرذيلة بجميع أنواعها. إلى ذلك أكد مصدر في أمانة جازان أن هناك دراسة للمناطق العشوائية، من شأنها الحد من العديد من الظواهر السلبية واحتواء العشوائية. ومن الجانب الأمني أوضح المتحدث الإعلامي في شرطة منطقة جازان العقيد عوض القحطاني أن الجهات الأمنية تقوم بحملات أمنية بين فترة وأخرى داخل تلك الأحياء العشوائية يتم من خلالها القبض على العديد من المخالفين ومصادرة ممنوعات يتم ترويجها بين أزقة تلك الأحياء.