أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    مترو الرياض    ورشة عمل لتسريع إستراتيجية القطاع التعاوني    إن لم تكن معي    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المبالغة والتبذير يشوهان «موائد الرحمن»


تخوض
بعض الجمعيات الخيرية والمبرات وبعض الأفراد من المحسنين وأهل الخير في مختلف مناطق المملكة خلال شهر رمضان المبارك، سباقا محموما لكسب الأجر العظيم من خلال إطلاق حملات خيم «إفطار صائم» أو «موائد الرحمن» في مختلف المساجد، ويأتي على رأس تلك المساجد المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، وكذلك في مختلف الساحات والميادين والطرق السريعة، والتي يتم تجهيزها وتهيئتها قبل حلول الشهر الفضيل، ويحرص القائمون على تلك السفر والموائد على توفير الكثير من الطعام والشراب، يفوق حاجة المتواجدين على السفرة، وهو ما يدفع المسؤول عن تلك السفر إلى التفكير في قنوات أخرى لتوزيع الفائض منها.
المتأمل لوضع السفر الرمضانية داخل المساجد، يلاحظ الكم الكبير من فائض الأطعمة والمشروبات، وبما يشوه الوجه المشرق لأبرز الأعمال الخيرية في شهر رمضان المبارك، وهو ما دفع بعدد من الجهات المختصة للتوعية بضرورة عدم الإسراف والتبذير في الأطعمة والمشروبات المخصصة للسفر الرمضانية، وشهدت منابر المساجد في خطب الجمعة تحذيرا من عواقب التبذير في السفر الرمضانية في المساجد.
«عكاظ الأسبوعية» ناقشت ملف السفر الرمضانية في المساجد مع عدد من القائمين عليها، وكذلك المسؤولين في الجهات المختصة عن مراقبتها، بالإضافة إلى رأي عدد من المشايخ في المدينة المنورة.
توزيع الفائض
في البداية تحدث يوسف بن عقاب العتيبي وهو أحد القائمين على السفر الرمضانية في المسجد النبوي الشريف، وذكر أن والده خصص سفرة بين الحصوتين في المسجد النبوي الشريف منذ أكثر من 10 أعوام، وأضاف، إن المسجد النبوي الشريف ونظرا لكثرة السفر الرمضانية داخله قد يشهد وضع عدد من الأطعمة والمشروبات والتي تفوق حاجة المصلين، وهو الأمر الذي يدفعنا بعد ذلك بالبحث عن قنوات أخرى لتوزيع الفائض، وأكد العتيبي بالقول «نتمكن من توزيع فائض السفرة بشكل سريع ولا يتبقى شيئ في العادة والحمد الله».
عدد متغير
وذكر ل«عكاظ الأسبوعية» نايف سمان، أن التكفل بتنظيم السفر الرمضانية الخاصة بإفطار الصائمين فيها الأجر العظيم، ويدفع حرص القائمين على هذه السفر لكسب المزيد من الأجر بوضع كميات أكثر من الحاجة الفعلية، ويضيف سمان «والدي اعتاد على وضع سفرته في ساحة مسجد حي القصواء (جنوب المدينة المنورة)، والحي يشهد في العادة وجود عدد من أهل الحاجة والعمالة الوافدة، إلا أن عددهم يتغير يوما عن يوم وهو ما يوقعنا في حرج، حيث إذا نقص الطعام والشراب احتجنا لتأمين النقص بشكل عاجل وهو أمر يصعب فعله أحيانا، لذلك نحضر كميات أكبر على السفرة الرمضانية لتفادي النقص ونقوم بتوزيع الفائض على المحتاجين في الحي.
الإسراف مكروه
وفي المقابل، يرى أئمة المساجد في المدينة المنورة، أن الإسراف والتبذير لا يتوافق مع الشريعة الإسلامية، وذكر ل«عكاظ الأسبوعية» كل من إمام مسجد الرحمن الشيخ عواد الحربي وأمام مسجد الخندق الشيخ وليد الشمسان، أن السعي في أعمال الخير في هذا الشهر المبارك وعلى رأسها إفطار الصائمين عمل عظيم يبتغى المسلم أجره من رب العالمين، إلا أن الإسراف والتبذير أمر لا يتوافق مع الشريعة الإسلامية، وينبغي على المسلم أن يراعي ذلك في أعمال الخير التي يقوم بها، وذلك حفظا لجهوده التي يقوم بها في الشهر الكريم، وأضافا أن عمل الخير يجب أن يبتعد عن الشوائب التي قد تضعفه ومنها الإسراف والتبذير في الأطعمة والمشروبات.
كما حذر وكيل كلية الآداب في جامعة طيبة الدكتور فهد بن مبارك الوهبي، من قيام بعض مخيمات تفطير الصائمين في المبالغة في تقديم ألوان الطعام والشراب، والتبذير في ذلك، مشددا على أن الإسلام قد نهى عن ذلك بقوله تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إِنه لا يحب المسرفين)، داعين العاملين في مشاريع الإفطار إلى الإخلاص في هذا العمل، والاهتمام بدعوة أهل الحاجة والعمالة، وذلك حفاظا على الأطعمة والمشروبات من الإسراف والتبذير.
مظاهر سلبية
وفي مكة المكرمة، طالب عدد من زوار ومعتمري المسجد الحرام وبعض الأهالي بتنظيم توزيع السلال الغذائية ووجبات إفطار الصائمين التي تقدمها بعض الجمعيات الخيرية والمبرات وبعض الأفراد من المحسنين وأهل الخير في شهر رمضان لتوزيعها على الصائمين، بتنسيق مع الجهات المختصة بذلك منها مراكز الأحياء والعمد، لضمان وصول صدقاتهم إلى مستحقيها، وتوزيعها في الأماكن المناسبة لها.
«عكاظ الأسبوعية» رصدت العديد من المظاهر السلبية لعشوائية توزيع السلال الغذائية ووجبات الإفطار وناقشت الأسباب مع المعنيين.
سباق محموم
قالت المعتمرة «أم خالد» بأن فاعلي الخير من الأفراد والمؤسسات والجمعيات الخيرية والاجتماعية، يخوضون سباقا خلال شهر رمضان الكريم في إعداد السلال الغذائية ووجبات إفطار الصائمين لتوزيعها على الصائمين في الشوارع ونيل الأجر والثواب، مبينة أن بعض المواد الغذائية التي توزع على الصائمين ليسوا بحاجة لها أو لا تؤكل كالوجبات الدسمة، وبعض المواد الغذائية التي توزع بشكل كراتين كبيرة ومعلبات يصعب حملها، ما يضطر البعض إلى رميها.
5 وجبات
فيما ذكر المعتمر المصري «عطية فرحان» بأنه يتم توزيع أكثر من خمس وجبات عليه في ساحات الحرم ومن جهات مختلفة بعضها لا تؤكل، لكثرتها فتترك على الأرض وتدهس من قبل المارين والمصلين أثناء قيام الصلاة على حد قوله، فيما يتم رمي بعض الوجبات في حاوية النفايات دون أن تستخدم، أو تتركك بين يدي الأطفال فيعبثون بها.
رمي الطعام
وبين (خالد الثقفي) أنه يشاهد العديد من المعلبات والعصائر وصناديق التمر ملقاة في الشوارع بجوار المساجد والسيارات، وروى أنه شاهد أحد الأشخاص يرمي كرتونا يحتوي على مجموعة من المواد الغذائية المعلبة بجوار المسجد، وعندما سأل الرجل عن ذلك أخبره بأن شاب يحمل العديد من الكراتين في صندوق سيارته، أصر عليه بأخذ الكرتون وهو لا يحتاج إليه فاضطر إلى رميه في الشارع.
إهدار النعم
وهنا، طالب مدير مركز الدراسات الإسلامية بكلية الشريعة بجامعة أم القرى وعضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور محمد بن مطر السهلي بتنظيم توزيع وجبات إفطار الصائمين من قبل الجهات المختصة لضمان وصولها إلى مستحقيها، مبينا أن العشوائية التي تعمل بها تلك المؤسسات والجمعيات الخيرية أو الاجتماعية، بالإضافة إلى أعمال بعض الأفراد من المحسنين وغيرهم في التركيز على أماكن محددة لتوزيع وجبات الإفطار، بجوار الحرم المكي وبعض المساجد وبجوار الإشارات المرورية في الشوارع والميادين العامة أن هذه الأماكن لا تخلو من الموائد الرمضانية سواء داخل الحرم أو خارجيه، وهناك جهات تتولى مشاريع إفطار الصائمين، بالإضافة إلى احتواء بعض السلال الغذائية على مأكولات ومشروبات توزع على الصائمين بكميات كبيرة بالمساجد وساحات الحرم وهم ليسوا بحاجة لها مثل: كراتين الحليب، القشطة والعصائر، المياه المعدنية، الأجبان، عبوات التمر الكبيرة.. كل تلك الأمور وغيرها هي أحد الأسباب الرئيسة في إهدار النعمة وقذفها في الشوارع.
ونوه السهلي خلال حديثه ل«عكاظ الأسبوعية»، بأن بعض الشباب المتطوعين والعاملين في هذا المشاريع في كافة أشكالها يحاولون التخلص من كمية المواد الغذائية التي بحوزتهم حتى ينهون عملهم خاصة عند حلول أذان المغرب، موضحا أن بعض الزوار والمعتمرين والأهالي يرفضون أخذ الوجبات الغذائية التي لا يحتاجون إليها، أو تشكل عبئا في حملها أثناء تأديتهم للعمرة أو الصلاة، فمنهم من يأخذها ويتركها في الشوارع أو مكب النفايات وفي الساحات الخارجية للحرم أو على أبواب المساجد.
واختتم السهلي حديثه بالقول «شاهدت العديد من المواد الغذائية المغلفة والمعلبة ملقاة على قارعة الطرقات، منها ما هو مغلف ولم يتم استخدامها ومنها ما تم أخذ اليسر منه وقذف الباقي».
تنظيم العمل الخيري
وشدد السهلي على ضرورة تنظيم عمل تلك الجهات من قبل الجهات المختصة بالإضافة إلى توزيع هذه المساعدات والوجبات في الأماكن التي يكثر بها الفقراء والمحتاجون في الحواري والأحياء الشعبية والقرى والهجر، فهناك من يحتاجون إلى تلك المساعدات، وعدم تركيز جميع هذه الجهات إلى المساجد الكبرى والمعروفة وعلى ساحات الحرم والأماكن المجاورة لها، كما يجب التنسيق بين تلك المؤسسات الخيرية والاجتماعية والأفراد مع مراكز الأحياء والعمد لإيصال تلك المساعدات إلى منازل الفقراء والمحتاجين والأيتام والأرامل والمطلقات والأربطة الخيرية..
موائد عشوائية
في الوقت الذي يشاهد فيه امتداد سفر إفطار الصائمين في ساحات المساجد بعدة أمتار وهي سفر عامرة بمختلف أصناف الأطعمة، تجد بين الناس من يؤكد بأن تعدد الوجبات والمشروبات إنما هو أجر يبحث عنه المتسابقون على تقديمها، هناك من يعارض كثرتها وتعددها ويرى فيه تبذيرا وإسرافا، وبين عدد من المؤيدين أن تقديم هذه الأصناف يأتي بعد دراسة متكاملة لما يقدم على تلك السفر، وأوضح البعض الآخر بأن بعض تلك السفر الممتدة لأمتار طويلة تتسم بالعشوائية وغير منظمة، ولا تجد بين القائمين عليها من لديهم الخبرة الكافية لتولي تنظيمها والحفاظ على عدم الإسراف والتبذير.
عدسة «عكاظ الأسبوعية» التقطت قبيل صلاة المغرب بعض الصور للسفر الرمضانية التي امتدت لعدة أمتار، كما استطلعت الآراء المتباينة حول السفر الرمضانية وأيضا تهمة الإسراف من عدمه.
في بداية الأمر تحدث بندر الأسمري وأحمد العتيبي قائلين بأن بعض السفر متعددة الأصناف الممتدة في ساحات المساجد تتمتع بالعشوائية والتبذير والإسراف في توزيع الوجبات والمشروبات التي لا يلبي بعضها أو أغلبها حاجة الصائمين، ويرجع السبب إلى قلة وجود المشرفين الواعين والمدركين لمتطلبات تلك السفر من وجبات ومشروبات.
الأجر والثواب
وفي سياق آخر، بين المشرف زكي معتوق الشريف أحد المشرفين على بعض الشباب المتطوعين لتوزيع الوجبات والمشروبات على سفر إفطار الصائمين بأن ما يقدم على تلك السفر هو كل ما يرغبه الصائم على إفطاره، مبينا بأن ما دفع هؤلاء الشباب على المبادرة على تقديم وتوزيع ما يحتاجه الصائم دون مبالغة أو إسراف، هو حب فعل الخير وطلب الأجر والثواب من الله عز وجل، مؤكدا بأن ما يقدم في معظم ساحات المساجد من وجبات ومشروبات يتم عبر رعاية ودراية كافيه وتنظيم في التوزيع يساعد على تدارك المبالغة والإسراف فيما يقدم.
وذكر المشرف عادل الحربي، أحد القائمين على متابعة بعض الشباب المتطوعين لتوزيع الوجبات والمشروبات، أنه لا يوجد إسراف أو تبذير فيما يقدم على تلك السفر إلا بنسبه قليلة جدا وذلك بسبب عدم الدراية الكافية من قبل المسؤولين عن تقديم تلك الوجبات، مؤكدا وجود جمعيات خيرية تقوم باستقبال الوجبات والمشروبات الفائضة من تلك السفر بعد الإفطار من أجل جمعها وتوزيعها على من هم بحاجة لها، واختتم بالقول «عمل الشباب المتطوعين ومن فئات سنية مختلفة إنما هو من أجل البحث عن الأجر والمثوبة من عند الله سبحانه وتعالى».
أكثر تنظيماً
في الرياض، تنتشر ظاهرة نصب خيام إفطار الصائمين في المساجد والساحات المحيطة والطرقات خلال شهر رمضان المبارك، كما تقام دروس مع الإفطار وكلمات قصيره للجاليات ويفتح المجال أمام المتطوعين في تقديم خدمة الإفطار للصائمين والمساهمة في التنظيم والتقديم والتوزيع لمريدي الخير، حيث يساهم في هذا العمل كل من أراد أجر صائم، وأشاد مشرفو مشاريع إفطار الصائمين في شهر رمضان المبارك بالتطور الذي تشهده مخيمات الإفطار، المنتشرة في جميع أحياء وطرق مدينة الرياض، مشيرين إلى أن العمل في هذه المشاريع شهد تنظيما وترتيبا محكما خلال السنوات الخمس الماضية، فالمكان أصبح أكثر تجهيزا من السابق لاستقبال الصائمين، ومثله الوجبات أصبحت تعد بحسب الأعداد الموجودة في المخيم، دون إسراف أو تبذير.
«عكاظ الأسبوعية» رصدت خلال جولة لها على العديد من مخيمات الإفطار في أحياء مدينة الرياض، متابعة وإشراف أئمة ومؤذني المساجد على برنامج التفطير، بمشاركة بعض الشباب السعوديين المتطوعين في استقبال الوجبات وتوزيعها على العمالة في المخيم، حيث إن المخيمات مجهزة بالتكيف والإنارة، والوجبات مغلفة ويعطى كل عامل وجبة خاصة له، تشمل التمر واللبن والعصير والماء والوجبة الرئيسية، وتخصيص عمالة لتنظيف المكان بعد الإفطار.
خلق ذميم
واعتبر الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد المطلق عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، أن الإسراف في الطعام في المساجد أو في المنازل في رمضان أو غيره خلق ذميم نهى عنه الشرع الحكيم، حيث قال الله (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، ومعلوم لدى كل لبيب أن الإسراف هو ما يتجاوز به الإنسان الحد المعقول في أكله وشربه أو لبسه أو إنفاقه أو مركوبه، وهو درجة تختلف فيها أنظار الناس، ويجب الاحتكام فيها إلى الشرع، فالبخيل يمكن أن يصف المقتصد بأنه مسرف والمسرف ربما يرى نفسه بخيلا، ولهذا فإن المعول عليه في وصف العمل بأنه إسراف هو نظير المحتكمين للشرع الذين جعل الله لهم معرفة بالواقع وأحكام الشريعة.. والإسراف محرم في الشريعة الإسلامية ويكفيه ذما أن الله لا يحب المسرفين، والمسرفون مبذرون ينفقون الأموال في غير مواضعها، قال تعالى (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا).
هدر وضياع
ويضيف الشيخ المطلق أن المسرفين يهدرون ثروة عظيمة في ضياع لا يعود على الأمة بمنفعة بل يجر عليها دمارا وخرابا.. فإن كثيرا من الناس يقتدون بهم وينافسونهم في صنيعهم، معتقدين أن ذلك نوع من الكرم ونوع من التوسعة على الأهل.. فيتكلفون بما لا يستطيعون، وينتهي بهم الأمر إلى مديونية ترهق أكتافهم وربما تنحدر بهم إلى غياهب السجون.. وفي نظرة متأنية يمكن أن نضرب مثلا بسيطا ينبغي تأمله والتفكير في مثله، فمثلا لو فرضنا أن مليون أسرة ابتليت بالإسراف في شهر رمضان مثلا فوضعت فيه على المائدة أكثر ما تحتاجه ب 20 في المائة، وهذا حد متوسط، ثم قدرنا أن نفقة هذه الأسرة مثلاً في هذا الشهر ألفا ريال، فإن نسبة 20 في المائة من مجموع النفقة تعادل 400 ريال، فإذا ضربنا ذلك في عدد الأسر وجدنا أن 400 مليون ريال تهدر مثلا في شهر واحد كشهر رمضان المبارك والأمر ينطبق على المساجد، وكل هذا فيما لا يحبه الله ولا يرضاه من الإسراف الممقوت الذي ينتهي إلى مزابل تؤذي بريحها ونتنها من يجاورها وتعكر عليهم صفو الهواء وتجلب لهم كثيرا من الأمراض.
تآلف ووحدة
بدوره قال الشيخ عبد الله التميمي أحد العاملين في المشاريع الخيرية، إن فكرة مشاريع التفطير فكرة رائعة، وأصبحت سمة تتميز بها المملكة، لخدمة إخواننا المسلمين المغتربين عن ذويهم من العمالة، الذين لا يملكون الوقت لتجهيز الإفطار، حيث إن هذه المشاريع اجتماعية تدل على تآلف ووحدة المسلمين وتآخيهم، وأن القائمين والداعمين على هذه المشاريع مأجورون ومنهم من يطلب الثواب، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم «من فطر صائما كان له مثل أجره».
توعية وتوجيه
وقال الشيخ عبدالعزيز الرويس إن مشاريع الإفطار المقامة في جميع مدن وقرى المملكة هي فرصة سانحة لإقامة البرامج التوعوية والإرشادية لهؤلاء العمالة، لتبصيرهم في أمور دينهم، ومخيمات إفطار الصائمين ليست مشاريع تسمين، تقدم الوجبات فقط، بل يجب أن يستفاد منها في التوعية والتوجيه، بمشاركة بعض الجهات الحكومية، لأنه يندر أن يجتمع عمالة من كافة الجنسيات في مكان واحد، فيما أشار الدكتور مصعب العريني إلى أن الوضع الحالي في مخيمات التفطير أكثر تطورا من الماضي، من حيث الإعداد والترتيب لهذه المشاريع، فالوجبات مجهزة مسبقا، بحيث لا يكون هناك نوع من التبذير والإسراف، الذي كان يحدث في الماضي، فضلا عن أن المشاريع أصبحت تقام في الغالب خارج المساجد، للمحافظة على نظافة المسجد.
عدم المبالغة
وحذر الشيخ خالد الغامدي من قيام بعض مخيمات تفطير الصائمين في المبالغة في تقديم ألوان الطعام والشراب، والتبذير في ذلك، مشددا على أن الإسلام قد نهى عن ذلك بقوله تعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، داعيا العاملين في مشاريع الإفطار إلى الإخلاص في هذا العمل، والاهتمام بدعوة هؤلاء العمالة، بدوره بين إبراهيم بن عبد العزيز إمام مسجد وأحد العاملين على تجهيز مخيمات التفطير في رمضان، أن الاستعداد للشهر الفضيل وتجهيز المخيمات لتفطير الصائمين تبدأ منذ مطلع شعبان بدءا من أخذ الموافقة من الجهات المسؤولة، والاجتماع بأهالي الحي الراغبين في المساهمة في مشروع تفطير الصائمين، مرورا بتجهيز المكان بجميع المواد اللازمة، وتوزيع المهام بين أبناء الحي، فلكل شخص مهمة يؤديها، فمجموعة تقوم بتجهيز الخيمة ومحتوياتها من السجاد والمكيفات والإنارة، وأخرى يبدأ عملها مع أول يوم من شهر رمضان المبارك من تجهيز واستقبال الوجبات من أهالي الحي إلى آخر يوم من أيام الشهر الفضيل.
وأوضح عادل القرني أحد العاملين في مشروع إفطار أن معظم العاملين في مشاريع الإفطار هم من المتطوعين وأبناء الحي الراغبين في خدمة إخوانهم المحتاجين والمغتربين عن أهاليهم وذويهم، حيث يشارك الأهالي بما يستطيعون، ويعتبر إمام ومؤذن المسجد هما من يقوما بإدارة مخيم التفطير، حيث يستقبلان وجبات الإفطار والتجهيز له يوميا في شهر رمضان من بعد صلاة العصر إلى قبيل أذان المغرب.
مستودع خيري
وفي الطائف، لا يختلف وضع الموائد الرمضانية عن غيرها من مناطق المملكة، وهنا أوضح ل «عكاظ الأسبوعية» مدير المستودع الخيري بمحافظة الطائف محمد الغامدي، بأن مشروع إفطار الصائم يقوم عليه جهة مصرحة لها بالتنفيذ وهي الجمعيات الخيرية، مبينا بأن هناك ضوابط وآليات يقوم بها المستودع لمثل هذه المشاريع في شهر رمضان، وذلك بإدخال الموارد المالية وكيفية التعاقد مع المؤسسات والشركات لتنفيذ هذه الوجبات، مبينا بأن ذلك تحقق بنجاح خلال هذا العام وتطبيق جميع المتطلبات، كما أن إفطار صائم في المساجد يكون عن طريق تقدم الطلب للمستودع الخيري الذي يتحمل نسبة من مبالغ الإفطار وما يتبقى من مبالغ يتحمله جماعة المسجد عن طريق التبرعات.
وبين الغامدي، أن مشروع إفطار صائم يوزع الوجبات الساخنة على 18 مسجدا تقريباً بالمحافظة بما فيها مسجد عبدالله بن عباس الذي يفطر فيه نحو 1000 شخص يوميا، لافتا إلى أنه يتم وضع لوحة رسمية للمستودع الخيري لأي مشروع إفطار صائم، وما خلاف ذلك يكون عن طريق اجتهاد من جماعات المساجد أو آخرين.
وأشار الغامدي، إلى أن مشروع إفطار صائم يوزع 1500 وجبة جافة في المواقيت، منها ميقات السيل ووادي محرم، بالإضافة إلى محطة النقل الجماعي وساحات معينة في داخل المحافظة، وقال «منذ بداية شهر رمضان هناك متابعة على جميع عمليات التوزيع في المساجد وغيرها يقوم عليها 50 موظفا بخلاف المتطوعين، ولا يوجد هناك مبالغة في وجبات الإفطار بل تعتبر وجبة أساسية فقط».
آليات وضوابط
بدوره أوضح إمام أحد المساجد بمحافظة الطائف معتوق السواط، أن مثل هذه المشاريع فيها الخير والأجر الكثير للقائمين عليها، مضيفا بأن الآليات والضوابط التي يقوم بها الأئمة هو في متابعة ذلك مع الجهات الرسمية القائمة على تنفيذ ذلك والتواصل معها في أعداد المستفيدين، والابتعاد عن التبذير في الأكل، أما مشاريع إفطار صائم خارج المساجد فتتبع أهالي الحي أو بعض المحسنين وأهل الخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.