مائدة الإفطار الرمضانية في المسجد النبوي الشريف.. لا تحتاج إلى وصف بل إلى التأمل، فهي موائد يتولاها عدد من الأسر والتجار والوجهاء فيما تعمل وكالة الرئاسة لشؤون المسجد النبوي على تنظيم مواقعها وتدون بيانات أصحابها، هذه الموائد و«السفر» كما يحلو للبعض تسميتها، تعد أنموذجا فريدا في تجسيد الترابط والنسيج الاجتماعي الذي يتمتع به أهل المدينةالمنورة إذ يجتمع على الموائد المقدرة أعدادها ب15 ألف سفرة أكثر من ربع مليون صائم في أروقة وساحات المسجد النبوي الشريف. وأضحت السفر تقليدا يستند أصحابه في ذلك على موروث ديني وخيري، كما ظلت أروقة الحرمين الشريفين والجوامع والمساجد والساحات المحيطة بها مكانا لنشر تلك الموائد التي تتناثر عليها حبات الرطب والتمر وعبوات اللبن وقطع الخبز وكاسات الماء. أما في خارج المسجد النبوي فيتحلق الصائمون حول الموائد الشهية التي تضم إضافة إلى ما سبق الوجبات المطهية، كالأرز والمكرونة والشوربة المضاف إليها اللحم أو الدجاج، ويقدر حجم الوجبات بأكثر من 63 ألف وجبة. ظهور متطوعين الصورة التي استجدت على هذا العمل الخيري في العام الماضي ظهور مجموعة تطوعية من شباب المدينةالمنورة، تتولى تنظيم السفر داخل وخارج الحرم النبوي، كما باتت مواقع التواصل تنشر رسائل نصية من قبل مهتمين تدعو إلى التشارك في الأجر بالمعاونة على تفطير الصائمين. ويقول الدكتور أحمد يار: «تتقاطر يوميا خلال شهر رمضان عشرات البرادات المحملة بالمواد الغذائية والمرطبات لتصطف في الطرقات المحيطة بالمسجد النبوي لتموين أصحاب الموائد باحتياجاتهم، ويبذل القائمون على الموائد جهدا مضاعفا، إذ تمتد فترتهم الزمنية في العمل من بعد العصر وحتى المغرب، كما يعمدون إلى تشغيل عدد من العمال والصبية لإتمام الواجب». .يار أضاف أن بعض المطابخ تروج لمشروع إفطار الصائم وإعداد الوجبات المطهية، كما يقوم بعض المتعهدين بالترويج للمشروع بالاتصال بالموسرين، الأمر الذي حذر منه الوعاظ كون هذا العمل خرج عن إطاره إلى المباهاة والإسراف والتغرير بالبعض. وحث الداعية الدكتور غازي المطيري على المسارعة لمثل هذه الأعمال والحرص على إيصال الوجبات لمستحقيها دون أن تخرج عن مقاصدها الشرعية. طلال سرتي يقول: «السفر الرمضانية تأخذ مظهرا رمضانيا يصطبغ بطابع اجتماعي وأسري في شكل الموائد التي ينظمها أهل الحي فيما بينهم أو بعض الأسر التي تجتمع لتناول الإفطار يوميا أو بشكل أسبوعي، إذ يتوفر في الموائد عدد من المأكولات يتصدرها التمر والسمبوسة والشريك واللبن والفول والدقة المديني، ومن المرطبات السوبيا والتوت إضافة إلى الكنافة ولقمة القاضي والوجبات المطهية في البيوت». من جانبه قال مدير العلاقات العامة في وكالة الرئاسة لشؤون المسجد النبوي الشريف عبدالواحد الحطاب إن الوكالة تهيئ السبل لهذا العمل الذي يتوارثه أهالي المدينة، مضيفا أنه بالتنسيق مع مسؤولي النظافة وأصحاب السفر ترفع السفر قبل إقامة الصلاة بطريقة مرتبة، مشيرا إلى أن الطعام المسموح به الشريك واللبن الزبادي والتمر أو الرطب.