طالب عدد من الناشطين في مجال العمل التطوعي بضرورة زيادة الدعم الحكومي للجمعيات التطوعية خاصة أن هذه الجمعيات أصبحت تلعب دورا استراتيجيا مهما باعتبارها الذراع غير الرسمي المساعد للجهات الرسمية في خدمة المجتمع، مؤكدين أن العمل التطوعي أصبح أحد أهم الركائز في بناء وتنمية المجتمعات ونشر التماسك الاجتماعي بين المواطنين فضلا عن الدور الهام الذي يلعبه في عملية التغيير الاجتماعي باعتباره رمزا من رموز تقدم الأمم وازدهارها ومطلبا من متطلبات الحياة المعاصرة. جاء ذلك على خلفية الضغط الكبير الذي واجهته تلك الجمعيات مع بداية شهر رمضان المبارك الذي يعد من أكثر شهور السنة بذلا للخير والعطاء وتقربا لله تعالى. مساندة ومؤازرة وأوضحت صفية أبوملحة المدير العام للجمعية السعودية للعمل التطوعي «تكاتف» أن زيادة النشاط التطوعي للأفراد خلال شهر رمضان المبارك أمر طبيعي سواء تعلق ذلك بالعمل الفردي أو الجماعي ومن ذلك المساهمة في إعداد موائد الرحمن وتوزيع الوجبات وتنظيم زيارات المرضى ودور المسنين ودور الأيتام والتواصل معهم وتنظيف الأحياء، لافتة الى أن العمل التطوعي يشهد نمواً بالأخص في شهر رمضان المبارك، حيث يشكل عنصر الشباب علامة فارقة في انتشار العمل التطوعي من خلال الانضمام للجمعيات الكبيرة أو تشكيل فرق شبابية موسمية، مشيرة إلى أن انتشار العمل التطوعي في رمضان مرتبط بالدرجة الأولى بازدياد حاجة الجمعيات الخيرية لليد العاملة حيث تتضاعف التبرعات بشكل كبير جدا، منوهة الى أنهم في «تكاتف» يعتمدون عدداً من الطرق العلمية في نشر ثقافة العمل التطوعي مع التركيز على فئة الشباب بهدف إعداد شريحة واعية لأهمية جهودها الايجابية التطوعية في إحداث تغيير ودعم للجمعيات خلال موسم رمضان. وأضافت: «يلعب العمل التطوعي دورا فاعلا ومؤازرا للجهود الرسمية، حيث إن تزايد الطلب على الخدمات الاجتماعية نوعاً وكماً أصبح يشكل تحدياً أمام الحكومات مما يتطلب وجود جهات مساندة للنظام الرسمي، خصوصاً أن الهيئات التطوعية مفضلة على الهيئات الرسمية لعدة اعتبارات أهمها أنها قائمة ومرخصة بناء على رغبة أهلية تجمع القائمين عليها، إضافة إلى عدم تعقدها وانتفاء البيروقراطية فيها حيث أثبتت التجارب أن بعض الأجهزة الرسمية لا تستطيع وحدها تحقيق كافة غايات خطط ومشروعات التنمية دون المشاركة التطوعية الفعالة للمواطنين والجمعيات الأهلية التي يمكنها الإسهام بدور هام في عمليات التنمية نظراً لمرونتها وسرعة اتخاذ القرار فيها، منوهة إلى أن أهمية العمل التطوعي تنبع من كونه مكملا للعمل الحكومي داخل المجتمعات وذلك من خلال رفع مستوى الخدمة أو توسيعها وتوفير خدمات قد يصعب تقديمها من خلال خبراء متطوعين. خدمات إنسانية وتتنوع الأعمال التي تقوم بها الجمعيات والمجموعات التطوعية خلال شهر رمضان المبارك، حيث يشير المتطوع ياسر الشمراني إلى أنه ومجموعة من أقرانه السعوديين أطلقوا خلال هذا الشهر الكريم حملة لمساعدة العمال غير السعوديين خاصة أولئك الذين يعيشون أوضاعاً اقتصادية صعبة جداً، منوها إلى أنهم قاموا برصد عدد من هؤلاء العمال في منطقتهم وإعداد لوائح اسمية بهم. وفي الاحساء تشارك 18 فتاة من فريق «روح الإنسانية» بدار التربية الاجتماعية للبنات في تفطير مسنات دار الرعاية الاجتماعية في مقر الرعاية بالدمام، وذلك ضمن خطة العمل التطوعي لشهر رمضان المبارك الذي تسهم فيه الفتيات في تقديم خدمات إنسانية ومساعدات لبعض فئات المجتمع المحتاجة. وأكد خبراء وعاملون في جمعيات خيرية أن حجم ما تنفقه الجمعيات الخيرية خلال موسم رمضان يفوق 3 مليارات ريال مطالبين بضرورة زيادة الدعم المقدم من وزارة الشؤون الإنسانية حتى تقوم هذه الجمعيات بوفائها نحو آلاف الأسر المحتاجة في كافة مناطق المملكة. وأوضح محمد علي الشيخ مدير جمعية البطالية الخيرية أن العمل التطوعي يأخذ أشكالا متعددة لكن تغلب عليه الأعمال الخيرية في شهر رمضان لما في ذلك من إحساس عميق بأن ذلك يمكن أن يعيد الحياة إلى الفقراء، مشيرا إلى أنهم عادة ما يبدأون استعداداتهم لهذ الشهر منذ وقت مبكر، حيث يتم تجهيز مؤونة رمضان وحفل إفطار الأيتام وكسوة العيد إلى جانب حملة التبرع بالدم بالتعاون مع مستشفى النساء والولادة لافتا إلى أن هذا العمل الكبير ينجزه متطوعون ومتطوعات جندوا أنفسهم لخدمة الفقراء والمحتاجين. تأصيل الحس الإنساني ويشير يوسف حسين الناصر نائب مدير جمعية المنصورة الخيرية إلى أن الجمعية تضم 20 متطوعة ونحو 30 متطوعاً، لافتا إلى أن نشاطهم يزداد حضوراً وتفاعلاً في رمضان، حيث يعدون سلة الغذاء وكفالة الأيتام، مشيراً إلى أن المتطوعات يملكن رغبة جامحة في العمل بشكل يفوق أقرانهن من الرجال، مبيناً أن دورهم الوصول إلى الأسر المحتاجة من المطلقات والأرامل والأيتام وتحسس احتياجاتهم عازيا عزوف البعض عن العمل التطوعي إلى عدم وجود برامج للمتطوعين تحدد مهامهم وتجذبهم للعمل داعياً إلى إعداد برامج خاصة تحدد المهام وتحفز الشباب للانخراط في العمل التطوعي خدمة للمجتمع وأبنائه. ويرى المتطوع ناصر المطاوعة أن التطوع حالة فطرية في النفس، ويؤصل الحس الإنساني للفرد، وتنميته وتنظيمه كحالة تعبدية حث عليها ديننا الحنيف، كما أنه متطلب تنموي يمليه علينا واجبنا الوطني، ومسؤولية اجتماعية يفرضها علينا مبدأ التكافل. وقال إن مهامهم كمتطوعين تتركز قبيل شهر رمضان المبارك في شراء المؤونة الغذائية، وإعادة تقسيمها، وتغليفها، ومن ثم إيصالها للأسر المستفيدة، وكذلك صيانة أجهزة التكييف، موضحاً أن كل من جرب العمل في المجال الخيري والتطوعي يعيش قناعة كبيرة من أن المتطوع نفسه هو المستفيد الأول من كل مجهود يبذله.