هم أكثر من قلب جمعهم نبضاً واحداً، وإحساساً مشتركاً، و"نية طيبة" غلّفها الخير بروحانيته، وسمو نفسه، ووقار رجائه، وقبل ذلك روحه التي سبقت الجميع تضحية ووفاءً لتعيد الحياة إلى الفقراء صدقاً، وعطفاً، وحباً.. هم نفوس فضّلوا أن تكون تجارتهم مع الله، وزراعة الخير ليوم حصاده؛ طمعاً في أجره، ومرضاته، وأملاً في أن يبقى التكافل عنواناً للبنيان المرصوص حين يشد المجتمع بعضه بعضاً، ويمنح العيش بين أخوة متحابين متعاونين.. هم متطوعون من رجال ونساء وأطفال بقوا ليلة دخول شهر رمضان بين الفقراء، والمطلقات، والأرامل، والمساكين، والعجزة، ومدّوا لهم معونة الخير من مواد غذائية، ومستلزمات رمضانية أخرى؛ ليشعر الجميع بسواسية الحضور، وتقاسم "لقمة العيش". "الرياض" وقفت على عددٍ من الجمعيات الخيرية ونقلت صورة مشرقة لعمل هؤلاء المتطوعين. تكافل المجتمع أعاد روح الحياة إلى البسطاء وخفف من معاناتهم استعدادات مبكرة في البداية، أوضح "محمد علي الشيخ" - مدير جمعية البطّالية الخيرية - أن استعدادهم لشهر رمضان المبارك يبدأ بوقت طويل، حيث يتم تجهيز مؤونة رمضان، وحفل إفطار الأيتام، والتجهيز لكسوة العيد، إلى جانب حملة التبرع بالدم بالتعاون مع مستشفى النساء والولادة، مشيراً إلى أن هذا العمل الكبير ينجزه متطوعون ومتطوعات جندوا أنفسهم لخدمة الفقراء والمتحاجين، ويبلغ عددهم نحو 25 متطوعاً من شباب القرية، موجهاً شكره لهم. وقال قدمنا خلال هذا العام 180 ألف ريال للمحتاجين، موضحاً أن خدمة بعض المحتاجين تصل إلى منازلهم، لا سيما الأرامل والمطلقات والعجزة ممن يتعذر عليهم الوصول لمقر الجمعية، معتبراً ما ينجزه المتطوعون من الجنسين عمل خير متواصل بين العبد وربه، وينعكس أثره على المجتمع، ويسهم في زيادة العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع المتراحم. وأضاف "ناظم سلمان بوطيبان" - مدير مركز بر الفيصلية بالهفوف - أن جهوداً كبيرة تُبذل قبل دخول شهر رمضان المبارك لتقديم المؤونة، والإعداد لإفطار صائم وكسوة العيد وحملة التبرع بالدم، مشيراً إلى أن مستودع الجمعية استقبل كميات من التبرعات العينية وتم توزيعها على المستفيدين بمشاركة 50 متطوعاً و20 متطوعة. متطوع تابع لخيرية البطالية يقف على باب فقير ليلاً ليسلمه مقاضي رمضان وأشار إلى أن بعض أولياء الأمور يحضرون أبناءهم لممارسة العمل التطوعي في مثل هذه الأيام المباركة؛ رغبة في غرس جوانب دينية وأخلاقية في نفوس فلذات أكبادهم، مؤكداً على أن الانخراط في العمل التطوعي واجب أخلاقي، فالمجتمع له حق على أبنائه. جهود متواصلة وبيّن "يوسف حسين الناصر" - نائب مدير جمعية المنصورة الخيرية - أن الجمعية تضم 20 متطوعة ونحو 30 متطوعاً، ونشاطهم يزداد حضوراً وتفاعلاً في رمضان، حيث يعدون سلة الغذاء وكفالة الأيتام، مشيراً إلى أن المتطوعات يملكن رغبة جامحة في العمل بشكل يفوق أقرانهم من الرجال، مبيناً أن دورهم هو الوصول إلى الأسر المحتاجة من المطلقات والأرامل والأيتام وتحسس احتياجاتهم، موضحاً أن سبب عزوف البعض عن العمل التطوعي يعود إلى عدم وجود برامج للمتطوعين تحدد مهامهم، وتجذبهم للعمل، داعياً إلى إعداد برامج خاصة تحدد المهام وتحفز الشباب على العمل. فقير يحمل مساعدة الجمعية ويشيد بجهود الشباب المتطوعين وأكد "عبدالله الحاجي" - أمين عام خيرية البطالية - على أنهم في الجمعية يتدفق عليهم أعداد كبيرة من المتطوعين والمتطوعات بشكل لافت بحثاً عن الأجر والثواب خلال الشهر الكريم؛ الذي تتنزل فيه الرحمات من العزيز الحكيم. وكشف "حسين أحمد المطوع" - مسؤول لجنة كافل اليتيم في خيرية البطالية - عن أن لديه في اللجنة نحو 45 متطوعة، مؤكداً على أن العمل التطوعي ينشط في رمضان؛ معللاً ذلك كون النفس مقبلة على الخير، وحاجة الأسر تكون أكثر وتتأمل فيه الخير، مشيداً بالمتطوعات اللاتي تركن بيوتهن وأطفالهن وخصصوا جزءاً من أوقات أسرهن لخدمة المحتاجين من مجتمعهن. متطوعون يسابقون الزمن لتسليم مساعدات الفقراء والمحتاجين في بر الفيصلية إحساس مختلف واعتبر المتطوع "أحمد الوباري" - أمين صندوق خيرية المنصورة - أن الخروج من الأنا والذات والنظر إلى القيم العليا والتفكير في الآخرين هو ما أخذ بيده نحو التطوع، مؤكداً على أن حب التطوع في رمضان أمر ملحوظ؛ فالناس تسعى لعمل الخير، مبيناً أن الشعور الذي يتلمسه المسلم من خدمة أخيه الفقير والمحتاج لا يوصف، داعياً الشباب إلى الانخراط في العمل التطوعي خدمة للمجتمع وأبنائه. وأكد "ناصر المطاوعة" - متطوع في خيرية القرين - على أن التطوع حالة فطرية في النفس، ويؤصل الحس الإنساني للفرد، وتنميته وتنظيمه كحالة تعبدية حث عليها ديننا الحنيف، كما أنه متطلب تنموي يمليه علينا واجبنا الوطني، ومسؤولية اجتماعية يفرضها علينا مبدأ التكافل. محمد وعمل دؤوب لتسليم مؤونة رمضان في خيرية المنصورة وقال إن مهامهم كمتطوعين تتركز قبيل شهر رمضان المبارك في شراء المؤونة الغذائية، وإعادة تقسيمها، وتغليفها، ومن ثم إيصالها للأسر المستفيدة، وكذلك صيانة أجهزة التكييف، موضحاً أن كل من جرّب العمل في المجال الخيري والتطوعي يعيش قناعة كبيرة من أن المتطوع نفسه هو المستفيد الأول من كل مجهود يبذله، سواءً كان في الوقت أو المال، وفي هذا قال تعالى: (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجرا). جانب من توزيع المساعدات في مركز الشعبة بالمبرز نماذج رائعة وتتحول الجمعيات الخيرية عموماً قبيل دخول شهر رمضان إلى أشبه بخلية النحل تجهيزاً وتوزيعاً، وفي خيرية البطالية لفت نظرنا الجهد الجبار الذي يبذله مجموعة من المتطوعين، وهو يسير بسلاسة وهدوء، ومن بينهم "عدنان أحمد الهاشم" الذي يقضي نحو ثلاث ساعات يومياً واقفاً لتوزيع مؤونة رمضان، ومحياه تعلوه ابتسامة الرضا في خدمة أبناء قريته، ويشد من أزره نخبة من الشباب المتطوعين والراغبين في عمل الخير ابتغاء لمرضات الله. يد الخير هي التي تتطوع لخدمة الفقراء والمعوزين ووصف "أحمد عبدالله البوعلي" - متطوع في بر القرين - أن التطوع هو بوابة تفتح الخير الوفير على صاحبها، لا سيما في شهر رمضان المبارك، مبيناً أن عدد المستفيدين من المركز نحو 1800 شخص فقير ويتيم، ويخدمهم 30 متطوعاً. واعتبر "هاني العبود" - متطوع في القرين - التطوع رد الواجب من الشخص لمجتمعه، فيما يرى "راضي عبدالله الوايل" - متطوع في بر الفيصلية - أن العمل التطوعي يمنح الشخص بُعداً إنسانياً أجمل، ويبعده عن الخواطر والأفكار السيئة، ويدفعه لكل شيء إيجابي، كما أنه شعور نبيل لا يحس به إلاّ من استذاق طعمه، معتبراً هذا الشعور هو من صلب ديننا الحنيف الذي حثنا عليه. وأضاف "طاهر الحماده" أن هناك حالة من الشعور الإيجابي وتحقيق الذات لدى المتطوع، وما يترتب عليه من راحة نفسية والشعور بالاطمئنان، كما يمثّل العمل التطوعي وسطاً خصباً لتمنية المهارات واكتشاف المواهب والطاقات وتكوين العلاقات الاجتماعية المبنية على عمل الخير والتعاون على البر والتقوى. والصورة ذاتها تتكرر في خيرية المنصورة مع "محمد حسين الناصر "باحث اجتماعي" الذي تطوع لتوزيع مؤونة رمضان على نحو 150 أسرة محتاجة، معتبراً ما أنجزه واجب عليه تجاه مجتمعه، بل يشعر بمتعة حقيقة حينما يدخل السرور على فقير أو محتاج. المتطوع البوعلي يسلم مساعدة أحد الفقراء محمد الشيخ ناظم بوطيبان يوسف الناصر طاهر الحمادة أحمد الوباري أحمد البو علي عبدالله الحاجي ناصر المطاوعه عدنان الهاشم