اعتبر عدد من الخبراء والمحللين في استطلاع ل«عكاظ» أن اللجوء إلى العنف وترويع الآمنين واعتماد النبرة العالية في الخطاب بانتهاج التحريض والحض على العنف، أمر مرفوض في الشريعة الإسلامية بل وفي جميع الأديان السماوية. وأكد عضو مجلس الشورى وعميد كلية الحقوق والعلوم السياسية سابقا الدكتور فهد بن حمود العنزي ل«عكاظ» على خطورة أية خطبة أو دعوة من على أي منبر تحرض على العنف كفعل وممارسة سواء كان ذلك من منطلق فكري أو عقدي أو ديني، وقال الدكتور العنزي: «لا يسوغ لأي أحد أن يوجه أو يحرض على العنف أو الدعوة لأي فعل مشين تجاه الناس كل الناس مهما اختلفت أفكارهم أو دياناتهم»، مطالبا كل الجهات أو الأطراف في أي خلاف مجتمعي أو سياسي عدم الزج باسم الدين وعدم التحريض على العنف الذي سيقود إلى عنف مضاد وبالتالي فليس هناك من حلول لأي اختلاف إلا بالحوار والحوار فقط. مشيرا إلى أن كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده يحفظهما الله والتي وجهاها للشعوب الإسلامية، تؤكد على عدم استغلال الدين وأن المملكة لن تسمح أبدا بأن يستغل الدين لباسا يتوارى خلفه المتطرفون والعابثون والطامحون لمصالحهم الخاصة، متنطعين ومغالين ومسيئين لصورة الإسلام العظيمة بممارساتهم المكشوفة وتأويلاتهم المرفوضة، ونبراسنا في ذلك قول الحق تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة). كذلك أوضح الشيخ سعود بن محمد الشملاني إمام وخطيب جامع الملك فهد بتبوك أن استغلال أي خطاب ديني مهما كان نوعه في التحريض على العنف أو بث أفكار مشوشة من شأنها أن تقود إلى العنف أو القتل أو التدمير أمر يخالف الشريعة الإسلامية السمحة التي جاءت لتقيم العدل والتسامح والتراحم بين الناس وهو مخالف لكل الأديان السماوية التي لا تقر بالعنف تجاه الأبرياء.. وأشار إلى أن من يقول بغير ذلك يخرج عن منهاج محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وأن على الخطيب وعلى الداعية وعلى العالم وعلى الواعظ في العالم الإسلامي اليوم مسؤولية كبيرة تجاه الناس وتجاه من يتلقى الخطاب قائلا إن مسؤوليته عظيمة جدا.. وعليه أن يدعو للحوار والتسامح مهما كانت الأزمات تحيط بالمجتمع. وأكد الدكتور موسى بن مصطفى العبيدان عضو هيئة التدريس بجامعة تبوك أن الكلمة أمانة ومسؤولية وأن الخطبة تبدو مؤثرة جدا وأن استغلال المنبر للتحريض أيا كان نوعه أمر مرفوض وعلى الحكومات في الدول العربية والإسلامية الوقوف أمام كل دعوة شاذة وغريبة من شأنها أن تحرض على العنف أو الكراهية. ومن مصر التي تشهد حاليا تأزما سياسيا ونبرات عالية في الخطاب أكد المفتي الشيخ الدكتور شوقي علام أن الشريعة الإسلامية ترفض رفضا قاطعا ترويع الآمنين والاعتداء عليهم دون وجه حق أو حمل السلاح في المظاهرات، مشددا على أن الإسلام يكفل حرية التعبير عن الرأي، شريطة الابتعاد عن العنف. فيما أكد الدكتور محمد مختار جمعة رئيس الإعلام الديني بمشيخة الأزهر، أن المسلم الصائم لا ينطق ولا يقول إ? طيبا، مطالبا الصائمين بالتخلق بأخلاق الإسلام، داعيا إلى وحدة الصف، مشيرا إلى خطورة الكلمة وأهميتها وضرورة التحقق من الكلام قبل قوله، لأن ما نعانيه سببه عدم التدقيق في الكلام. وبين جمعة أن الله دعا لعدم التنازع حتى ? تزول الكلمة، وأن الاختلاف يستلزم الحوار وإعمال العقل، وفي الدين الإسلامي بسماحته ما يسمح با?ختلاف في الرأي، داعيا أبناء مصر إلى المصالحة الوطنية الحقيقية والشاملة على أرضية وطنية ? إقصاء فيها. كما قال الخبير الاستراتيجي اللواء سامح سيف اليزل «عندما يسود العنف أي مجتمع يؤدي ذلك إلى انعدام الثقة بين المواطنين، وسوء الوضع الاقتصادي، مع قتامة الرؤية المستقبلية له، وضعف الحالة الأمنية وترديها، وعجز الدولة عن تقديم الخدمات العامة وتدهورها، ما يتسبب في حدوث كوارث، والأسوأ من كل ذلك هو عدم القدرة على توفير متطلبات الحياة التي هي الحد الأدنى من الحياة الكريمة للناس، هذا غير استخدام العنف كوسيلة في غياب القانون، وعلينا أن ندرك أنه إذا لم يتم وضع حد لكل تلك السلبيات ستؤدي بنا في النهاية إلى فشل ذريع. لافتا إلى أن العنف لم يعد ظاهرة خصوصا في المجتمع المصري بل أصبح منهجا جديدا، فلم يكن هناك فيما سبق ظواهر الخروج على القانون و«الناس تاخد حقها بذراعها». وحول قيام أنصار وأحزاب ما يسمى بالإسلام السياسي، ممثلا في جماعة الإخوان في محاولة منها لإثبات الذات، أكد ضياء رشوان نقيب الصحفيين المصريين أنه لا يوجد من يملك أن يقصي جماعة الإخوان المسلمين من المشهد السياسي الحالي، وأن الإخوان هم من يقصون أنفسهم، وأن هناك من يملأ مكانهم في المشهد السياسي كالسلفيين والجماعة الإسلامية وأطياف أخرى، وأن المشهد المصري سيكتمل بدون الإخوان إذا شاؤوا. فيما قال الدكتور شريف قاسم الأمين العام لاتحاد النقابات المهنية إن كل من شارك في أحداث العنف والإرهاب وترويع وقتل المواطنين يخرج من صفوف الوطنيين بلا رجعة، معتبرا أن التصرفات الإرهابية التي يرتكبها البعض باسم الدين، توجب محاسبته قانونيا بتهمة القتل والتحريض، حيث كشفوا بأنفسهم عن وجههم الحقيقي، بعدم وجود أي انتماء للوطن لديهم، ولا يشغلهم سوى الكرسي، ولا يتورعون عن إهدار الأرواح، مضيفا أن الجميع ينظر بعين العطف والشفقة للمضللين منهم، الذين يتصورون أنهم يدافعون عن الإسلام، والذين لا بد أن يخضعوا لتوعية دينية، مشددا على أن القتل ليس في الإسلام ولا في غيره من الأديان، حيث لا يصح للمسلم قتل أخيه المسلم أو حتى المسيحي.