كثير أولئك الذين ارتدوا عباءة الدين، وسمحوا لأنفسهم أن يجلسوا في أماكن ليست لهم، وأعطوا لذواتهم أكبر مما تستحق أقدارهم في ميزان الحديث بلسان شريعة الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، فحللوا ما حرم الله وحرموا ما حلل الله، ولبَّسوا على الناس أمور دنياهم ودينهم، حتى وصل الحال بهم إلى إشاعة ثقافة إزهاق الروح التي حرم الله قتلها إلا بالحق.. إنها واحدة من حمى فوضى الفتاوى التي ابتيلت بها مجتمعاتنا ، واستخدمت بعض الفضائيات ووسائل الإعلام والصحف أبواقا للترويج لها.. من هنا كان على ( اليوم ) حقا أن تدق ناقوس الخطر.. وتستطلع بعض الآراء للوقوف على حقيقة الظاهرة، وكيف نجحت المملكة في تحصين ذاتها من الداخل. حكمة خادم الحرمين بداية، يؤكد الدكتور خالد الربيع الأكاديمي السعودي، أن ظاهرة فتاوى القتل واحدة من موجة الفتاوى المتشددة التي ظهرت على سطح الحياة في مجتمعاتنا العربية، وقد أدت في فترة ما إلى انقسام في الشارع الديني بالمملكة ودول الخليج ما بين شد وجذب، حتى كادت الأمور الفقهية تلتبس على العامة من الناس. وقد ساهم في ذلك تزايد أعداد القنوات الفضائية، انتشار المواقع على شبكة الانترنت وسرعة تداول المعلومة، حتى أصبح من السهل في عصر السموات المفتوحة تداول المعلومة سواء كانت صحيحة أو خطأ، مع غياب وسائل المراقبة والتدقيق التى تستوجب مراجعتها . قال الدكتور الربيع: إن قضية الفتاوى هي واحدة من الشئون التي تهم كثيرا من الناس، لمعرفة شئون أمورهم في الحياة، وأن هذا الاهتمام لا ينصرف فقط نحو الفتاوى الصادرة من المجاميع الفقهية أو دور الفتوى المعتبرة، إنما توجد هناك متابعة دقيقة لكل ما يصدر من رأي منسوب للشرع أيا كان قائله وموقعة الشرعى، وخاصة اذا كانت تلك الفتوى من النوع المثير للجدل أو التندر أو التفقه أو تعارض توجها اقتصاديا أو سياسيا أو اجتماعيا للنظام العام للدولة . واوضح أن هذه الفتاوى كانت ترتدي عباءات كثيرة من المصطلحات التعبيرية، فقيل عنها ظاهرة فوضى الفتاوى، صراع الفتاوى، قطار الفتاوى الجامحة، وغير ذلك من المسميات، التي كان كثير مما ذكر منها هو تهييجا إعلامىا وتحريفا للكلم عن مواضعة، وفى بعض الاحيان تصفية حسابات إعلامية أو سياسية أو شخصية مع هذا الاتجاة او ذاك . وإن كانت الدلائل تشير إلى أن ظور مصطلح فوضى الفتاوى، يرجع في الأساس إلى تكالب بين نفر من غير المختصين بالفتوى، أو المختصين على إصدار الفتاوى ولكن تضارب أقوالهم فى المسألة الواحدة ومزايدة بعضهم على بعض، والعمل على نشر فتاوى غريبة بين الناس أثار البلبة والشك وقلل من هيبة القائمين على أمور الدين والشرع فى نفوس الناس، بل فتح الباب أمام غير المسلمين أو من دعاة العلمانية الذين يريدون اقصاء الدين من الحياة، ساعدهم في ذلك كثرة المواقع والقنوات الفضائية وتنافسها فيما بينها لاسترضاء جمهورها حتى لو جاء على حساب المعلوم من الدين بالضرورة. أشار الدكتور خالد الربيع إلى أن العلماء والمختصين فى العلم الشرعى أدركوا أن أنفاسهم عبر وسائل الإعلام والصحافة محسوبة عليهم فضلا عن أقوالهم وتصرفاتهم، وضرورة اخذ الحذر والتحوط فى كل عبارة وقول يصدر عنهم، لان هناك من يتلقف الشاردة والواردة، ولا يفرق بين مثل يضرب لتوضيح مسألة أو ظاهرة وبين الحكم الذى يقصد العالم أن يبينه، إما بسبب عدم اختصاص الإعلاميين والصحفيين فى المسائل الشرعية أو لحاجة فى نفس بعضهم. الأمر الذي جعل من الأهمية بمكان وجوب منع من لا تتوافر فية أهلية الإفتاء من الفتوى، وأن يكون التواجد الفاعل للعلماء المؤهلين والمختصين فى العلم الشرعى، الذين يجمعون بين فقه الشرع وفقه الواقع وإعلان موقف الشرع الصحيح فى كافة ما يواجه الأمة من مشكلات والصدع بالحق، إذ أن بمنطق علم الاقتصاد فإن العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة . لافتا إلى أن الخلاف فى الفتاوى شر عظيم يهدد الأمة الإسلامية، فإنه لا ينبغي أن تترك لرأى أو اجتهاد فردى لا يراعي الضوابط الشرعية للفتوى، بقدر ما يكون حرصهم إما على الشهرة أو الانتصار لمذهب أو توجة فكري معين، دون النظر فى عواقب الامور ومآلات أقوالهم، التي ربما تلقفتها صبية أو أصحاب مصالح معينة فيفهمونها على غير وجهها الصحيح، ثم يتخذونها قاعدة ليرموا بسهام النقد الشريعة الإسلامية . ومن هنا ندرك ما كان عليه السلف من هذه الامة، حيث كانوا يتورعون عن الفتوى ولا يتورعون عن قول (لا أدرى )، وكان كل واحد منهم يتمنى لو أن أخاة كفاه المسألة. ومن ثم كانت الحاجة إلى تنظيم للفتوى وضبطها، سواء بإقامة جهاز لمراقبة الفتاوى وضبطها أو بسن قانون يقصر الفتوى على نفر معين مرخص لهم رسميا بالإفتاء بشروط وضوابط، باعتبار أن القائم بالفتوى كما يقول ابن القيم رحمه الله هو (يوقع عن الله ورسوله) ، ولذلك يجب أن يكون أهلا للتوقيع عن الله وما ينسبه إلى رسوله . أضاف الدكتور خالد الربيع أن المملكة قد واجهت ظاهرة فوضى الفتاوى بحكمة تجلت في الأمر الملكى، الذى أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله - الذي جعل الفتوى في المملكة مقصورة على هيئة العلماء العشرين الذين يتم تعيينهم من قبل مفتى عام المملكة، حتى يتم غلق باب (فوضى الفتاوى)، والتى تزايدت حدتها فى الآونة الأخيرة، وأثارت قدرا كبيرا من البلبلة، تحولت إلى درجة الخلاف الفقهى بين العديد من جناحي التشدد والاعتدال فى المملكة. وقد رأى عدد كبير من العلماء والدعاة أن قرار خادم الحرمين الشريفين من شأنه أن يحد من الفتاوى الشاذة التى انتشرت فى الفترة الماضية من معسكري التشدد أو التساهل على حد سواء. تسييس الفتاوى من جانبه أكد أيمن الجندي المدير العام للاتحاد العربي لتنمية الموارد البشرية، أن ظاهرة فوضى الإفتاء ليست وليدة اللحظة ولكنها قديمة، ولم تلتفت إليها المجتمعات ويتم تسليط الأضواء عليها وتأخذ حيزا من إهتمامات صانع القرار إلا في عصر السموات المفتوحة، وتزاحم الفضائيات، والسباق المحموم بين المطبوعات الصحفية فيما يشبه حالة الانفلات، حتى جاءت لحظة اغتيال زعيم المعارضة التونسية شكري بلعيد، وما واكبها من هواجس في الشارع المصري من تكرار نفس السيناريو، خاصة مع نقل وسائل الإعلام والترويج لفتاوى البعض بشأن قتل المعارضين للنظام الرئاسي الحالي، مما تطلب دق ناقوس الخطر، وضرورة الالتفات إلى الأمر بشيء من الاهتمام قبل أن يستفحل الخطر، ويكون نافذة لأعداء الدين والمتربصين لاتخاذ هذا وذاك أوراقا في حربهم المسمومة للتشهير بثوابت الدين الإسلامي الحنيف بسماحته واعتداله ومبادئه التي علمت البشرية أسس الحرية والعدالة والديمقراطية. قال إن ثقافة فتاوى القتل باتت إحدى أدوات الصراع السياسي، وأن الفاعل دائما إسلامي، بغض النظر عن المفعول به كان إسلاميا أو غير ذلك، موضحا أن تضخيم كثير من فتاوى القتل التي يطلقها بعض المحسوبين على الإسلام حقا أو باطلا، يعزز من ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب والشرق، ويتيح لرعاتها كما للمتضررين منها فرصا لتوظيفها واستعمالها بشكل جيد كأدوات سياسية وإعلامية ضد الدين الإسلامي، مع أن مثل هذه الفتاوى المتشددة إنما قد تصدر عن غير المؤهلين للحديث عن الشريعة، ولاتكون دراساتهم تؤهلهم للتصدر فى بيان الأحكام الشرعية، ونذكر في هذا المقام قول الإمام الحافظ ابن حجر العسقلانى رحمه الله (من تكلم فى غير تخصصه أتى بالعجائب)، كما أن هناك خلطا في المفاهيم التي تتحدث بها بعض التنظيمات، فهي من جانب ترى أنها تعمل لخدمة الإسلام عبر العمل السياسى لخوض غمار السياسة تحت مظلة الديمقراطية. وحذر أيمن الجندي من التهاون مع أصحاب دعاوى وفتاوى القتل، التي تقوم بعض الفضائيات بالترويج لها بشكل مريب، نظرا لانعكاسات ذلك السلبية فى الإضرار بعملية التحول الديمقراطى والمشروع الإسلامى، حيث من شأنها أن تثير الرأي العام ضده في الداخل والخارج، وتصوره على أنه مشروع دموى لا يحتمل المعارضة والنقد. وأضاف: إن تصدي حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بشدة لهذا الأمر حال دون انفلات الأمور في المملكة، والذي تمثل في قصر الفتوى العامة على أعضاء هيئة كبار العلماء، كآلية لكبح المتشددين الذين يقفون في طريق الإصلاحات السياسية بالمملكة. القتل باسم الدين.. جريمة لا تغتفر أرجع علماء دين ومفكرون سبب صدور بعص الفتاوى التى تحرض على القتل باسم الدين، إلى خلط الدين بالسياسة لتحقيق غايات ومآرب دنيوية، فضلا عن التفسيرات المتطرفة للإسلام بجانب انتشار الفكر التكفيرى الذى يؤدي إلي استحلال الدم. بداية ارجع الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية صدور بعض الفتاوى التى تحرض على القتل باسم الدين لغياب المرجعية الدينية، ولجوء أدعياء العلم ممن لم يدرسوا الإسلام في أيٍ من معاهد التعليم الديني المعتمدة، واعتمدوا على تفسيرات مشوهة ومنحرفة ، لإشاعة الفوضى ولتحقيق غايات ومآرب لا أصل لها في الدين. وأكد أن غياب المرجعية الدينية يشكل خطراً في المجتمعات الإنسانية لأن كل واحد قرأ كتاباً أو كتابين من الكتب الدينية سيجعل نفسه مفتياً وهنا تتعدد المرجعيات ويتعدد المفتون غير المؤهلين للإفتاء، وتكثر التفسيرات المتطرفة للإسلام والتي لا أصل لها . التعليم الصحيح وحول رؤيته لكيفية مواجهة فتاوى التحريض على القتل باسم الدين، يقول الدكتور على جمعة: لا يوجد سلاح أقوى في وجه التطرف من التعليم الصحيح من علماء ومرجعيات لهم قدم راسخة في العلم كما أن الإسلام يحتاج لمن يقدمه بطريقة أكثر عمقا وشمولا، خاصة في وسائل الإعلام ، ولابد من التركيز على التربية الاسلامية الصحيحة وتعلم العلم النافع، حتى يدرك من يطلق فتاوى تحرض على القتل أو التكفير أن ما يفعله خطأ وخطر ، وان هذا الذي يفعله سيحاسب عليه أمام الله يوم القيامة ،وان الذي يتصدر للإفتاء دون أن يتعلم يقول عنه العلماء (انه تذبب دون أن يتحصرم ) أي عمل نفسه زبيبا وهو لم يصبح حصرما، تأتى لكي تأكله على أساس انه زبيب فتجده مرا، إذن كان ينبغي أن يتربى ، نحن فقدنا هذا كثيرا ، فالإفتاء صناعة لها رجالها. من جهته، اكد الدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية الاسبق انه قبل الخروج بالفتوى العامة لابد من وضع ضوابط، ولا نطلق على بعض الفتاوى انها سياسية وغير سياسية فيجب ان جميع الفتاوى تخضع إلى اهل الاختصاص لان الشرع الإسلامي دين ودنيا وعقيدة وشريعة ،ولا يمكن إصدار فتوى إلا أن تخضع لدليل شرعي ..وهذا معلوم عند أهل الاختصاص الشرعي. وأضاف أنه لا يجب أن يصمت علماء الدين، أمام الهراء الذي يصدر من غير المسئولين الذين يطلقون على أنفسهم رجال الدين لهذا العصر، وطالب بإنشاء قناة خاصة للأزهر الشريف ،يكون دورها الرئيسي معالجة السلبيات التي نشاهدها عبر القنوات الفضائية الدينية التي انشئت لخدمة مصالح بعض الافراد مهما كان الضرر البالغ الذي يقع على المجتمع من هذه الفتاوى . مسألة ثقيلة ترى الداعية الدكتورة ملكة يوسف زرار، ان الفتوى هي مسألة شرعية مركزة كان يهرب منها الخلفاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فكانوا يعلمون عظم مسئولية ماينطق به اللسان، ولذلك كانوا يهربون من الفتوى، رغم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم علمهم في المدرسة النبوية واوضح ان الفتوى تخرج وفقا للتخصص. وأضافت أن ما نراه اليوم تجرؤ على الله ورسوله، فهذه الاراء سياسية أو إقتصادية او أحوال شخصية أو في الإقتصاد الإسلامي لا يجب أن تخرج إلا من متخصص ،والله ورسوله يتبرأون من هذه الاراء خاصة في فتوى القتل على من يخالفنا في الرأي او الدين فهذه قمة التعدي على حدود الله التي حرم قتل النفس البشرية تحريما قطعيا حتى إن أختلف معك في الدين ،فحرمة النفس البشرية اعظم عند الله من حرمة الكعبة تفتح أبواب الفتنة ومن جانبه يرى الشيخ على عبد الباقى الامين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالازهر، أن مؤسسة الازهر الشريف بريئة من تلك الفتوى ومن أبنائه الذين ينتسبون اليها ويخالفون المنهج الوسطي للازهر .وأن الساحة مليئة بالفوضى وكثير من المنتمين للجماعات الاسلامية والاحزاب تركوا منهج الازهر الوسطي الذي يدعو لنشر ثقافة السلام وسماحة الاسلام. مشيراإلى ان الفتوى كلها تعصب لرؤى حزبية أو مصلحة جماعة من الجماعات والازهر بريء منها وان الازهر الشريف يحرم إراقة الدماء والمساس بأموال الناس وأعراضهم فهي معصومة ومحفوظة بنصوص الكتاب والسُنة بقوله تعالي (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون). وأضاف أن الفتاوى التى يصدرها غير المتخصصين للتحريض على القتل باسم الدين، فتاوى خاطئة، لأنه لا يحل إهدار دم مسلم إلا لارتكابه إحدى الجرائم التى حددها الشرع. وأضاف قائلا: ان الازهر وعلماءه يقفون بالمرصاد لمن يريدون أن يشوهوا صورة الاسلام بأنهم يدعون الى سفك الدماء أو يصدرون فتاوى خاطئة للتحريض على القتل مؤكدا أن مجمع البحوث الاسلامية يرفض الفهم الخاطئ واستعمال النصوص الدينية في غير مواضعها، لافتا إلى أن فتاوى التحريض على القتل تفتح أبواب الفتنة وفوضى القتل والدماء، وأن القاتل والمتسبب في القتل سواء بالتحريض أو بالرأي شريكان في الإثم والعقاب، في الدنيا والآخِرة. أغراض سياسية ومن جانبها تقول الدكتورة آمنة نصير عميدة كلية الدراسات العربية والإسلامية بجامعة الأزهر، فتاوى التحريض على القتل باسم الدين هى نتاج لخلط الدين بالسياسة مؤكدة ضرورة إبعاد الدين عن الأهواء السياسية، وألا تستخدمه أى من التيارات السياسية لتحقيق أهدافها والتخفى تحت عباءة الدين. وشددت على أنه يجب على المسلمين عدم الاستماع إلى الذين يستخدمون الدين لتحقيق أفكار وأغراض بعينها. والذين يتاجرون باسم الدين، وحمّلت بعض الفضائيات الدينية مسئولية تلك الفتاوى ولا علاج لهذا سوى تفعيل قوة القانون وعودة هيبة القضاء والدولة. كما أطالب المؤسسة الدينية بأن تكون فاعلة وأن تضبط مثل هذه الاقوال والفتاوى وأن يكون هناك رجال حكماء وعلماء بأمور الدين والسياسة لكي يتابعوا مثل هذه الامور في تلك الفترة الحرجة. عقل سطحي أما الدكتور ناجح إبراهيم الداعية والمفكر الإسلامي فيرى ان انتشار فتاوى التحريض على قتل المعارضين يرجع الى انتشار الفكر التكفيرى الذى يؤدي إلى الاستحلال، فالذي يكفر المسلم ويستحل عرضه ويرميه بالكفر، من اليسير عليه أن يستحل دمه وماله.وأضاف قائلا: لم تعان الامة الإسلامية في تاريخها من آفة مثلما عانت من آفة تكفير المسلمين، تلك الآفة التي جعلت البعض يطلقون أحكام الكفر على المسلمين بغير مبرر شرعي مؤكدا أن فكر التكفير هو أسوأ لوثة أصابت العقل المسلم ، ودمرته وأحدثت أول فتنة في تاريخ المسلمين والتي عرفت بفتنته الخوارج. وأوضح الدكتور ناجح ابراهيم : العقل التكفيري عقل سطحي إذ أن كل خلاف بينه وبين الآخرين في أمر الدين هو خلاف في العقيدة ، هو كفر أو إيمان،هو مفاصلة عقائدية ، ينتج عنها أن يكون أحد الفريقين مؤمنا والآخر كافرا ، مضيفا أن الفكر التكفيري هو فكر انشطاري يفرق ولا يجمع ، ويمزق ولا يوحد ، فكل خلاف بين أصحابه هو كفر وإيمان، ليصبح أحدهما كافرا حلال الدم والآخر مسلما ، وهذا عكس الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم الذين كان خلافهم دوما ليس في الحق والباطل والكفر والإيمان، ولكن في الراجح والمرجوح ، فالآراء الفقهية المعتبرة ليس فيها حق وباطل .. وكفر وإيمان، ولكنه راجح ومرجوح. فتاوى القتل تحول الصراع السياسى إلى صراع دينى يقسّم المجتمعات تصاعدت فى الآونة الأخيرة فتاوى تدعو إلى قتل المعارضين باسم الدين وهو ما يعكس حالة من ضيق الأفق لدى بعض التيارات والدوائر التى ترفض الاعتراف بالآخر وفى الوقت نفسه لاتتناغم مع منطق التسامح ومبدأ المواطنة واحترام الرأى والرأى الآخر على نحو يسيء الى محددات الدين الاسلامى الذى تدل ثوابته ووقائعه على مدى 1400 عام أنه كان أنموذجاً على التفاعل بين الجميع بدون تعصب أو تمييز وقبول بالآخر مادام ينتهج الأسلوب السلمى فى التعاطى مع القضايا المطروحة وفى محاولة للوقوف على مخاطر تصاعد هذا النوع من الفتاوى التقينا فى "اليوم "بعدد من الباحثين العرب وسألناهم : كيف تقيم بروز هذا النوع من الفتاوى العشوائية فى الآونة الأخيرة خاصة فى بلدان ثورات الربيع العربى بعد وصول تيار الاسلامى السياسى بتجلياته المختلفة للسلطة فى أغلبها؟ وهل ذلك ناتج عن كمون التطرف لدى بعض المنتمين لهذا التيار لحسم خلافاته السياسية؟ وما تداعيات ذلك على الاستقرار فى المنطقة؟ وألا يمكن أن تجر الى تهيئة الأجواء الى حروب أهلية واستقطابات حادة فى المجتمع؟ ما الدور المرتقب للمؤسسات الدينية الرسمية وغيرها من مؤسسات الدولة فى وأد وإجهاض هذه الفتاوى وتأثيراتها السلبية؟.. وجاءت إجاباتهم على النحو التالي: جدل واسع بداية تقول منى سليمان رئيس وحدة الدراسات الأمنية بمركز الخليج للدراسات الاستراتيجية: إن ظهور فتاوى قتل المعارضين السياسيين في بلدان الربيع العربي تثير جدلاً واسعًا حول تحول هذه الفتاوى إلى ظاهرة في هذه الدول، الأمر الذي يهدد أمن المجتمع فيها وسلامته، ولذا يجب التوقف أمام تلك الظاهرة، ووضع استراتيجيات لمواجهتها على المستوى السياسي والقانوني والديني والإعلامي. فعلى المستوى السياسي يجب إقامة حوار مجتمعي سياسي يجمع بين كافة الطوائف والتيارات السياسية للتوصل لسبل إدارة المرحلة الانتقالية بعد ثورات الربيع العربي مع الحفاظ على خصوصية كل دولة. وعلى المستوى القانوني يجب إصدار تشريعات تشمل عقوبات رادعة تجرم إصدار أي شكل من أشكال الفتاوى من غير المتخصصين، ويجب حصر عملية إصدار الفتاوى في جهة واحدة كما حدث في السعوديةمثلا. وعلى المستوى الديني لابد من النهوض بكافة المؤسسات الدينية الرسمية، وأن تكون هناك سياسة لتنظيم الفتاوى. وعلى المستوى الإعلامي، يتعين وضع استراتيجية لنشر الفكر المعتدل من خلال استضافة العلماء الذين ينتمون للمؤسسات الدينية الرسمية، وعدم الترويج لأصحاب الفتاوى المحرضة، وعدم استخدام الإعلام الحكومي أو الخاص كأداة في الصراع السياسي. حالة من الفوضى وفى رأي هبة جمال الباحثة السياسية بمركز الخليج للدراسات الاستراتيجية فإن المنطقة باتت تشهد حالة من الفوضى حول الصراع على السلطة بين تيار الإسلام السياسي وبين التيارات الليبرالية واليسارية، بعد نجاح الأول في الوصول للحكم في مصر وتونس وليبيا. تلك البيئة ساهمت في بروز نوع من الفوضى لم نعهدها من قبل وهي فوضى فتاوى القتل السياسي التي يستخدمها بعض المتشددين في إرهاب المعارضة من خلال توفير غطاء ديني لقتل المعارضين باسم الله وفي الوقت نفسه إيجاد شرعية دينية مختلطة بالسياسية لتوطيد أنصارهم في الحكم، ومن أبرز الشواهد على ذلك اغتيال المعارض اليساري التونسي "شكري بلعيد" الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين، ورئيس الجبهة الشعبية (تحالف قوى يسارية وقومية) يوم 6/2/2013، غداة إصدار فتوى من بعض التيارات السلفية المتشددة بتونس تقضي بإهدار دمه، مما تسبب في اتهام "حزب النهضة" بقتله وكذلك إصدار فتوى مماثلة في مصر تقضي بإهدار دم قيادات "جبهة الإنقاذ" المعارضة المصرية، وتوجيه بعض أنصار التيار الإسلامي في اليمن فتاوى تكفيرية تبيح دم أبناء الجنوب الذين يدعون لانفصال جنوب اليمن عن شماله، وتحدد أسباب هذه الظاهرة في: تسييس المؤسسات الدينية الرسمية، وهو ما ألقى بظلال سلبية على توجهين، الأول: عدم قيام هذه المؤسسات بدورها الطبيعي بالنهوض بنشر الوعي الديني الصحيح على اعتبار أن من يتولون المناصب فيها من أصحاب الثقة وليس الكفاءة.. والثاني: فقد عامة الناس الثقة في هذه المؤسسات ليلجأوا إلى شيوخ الفضائيات وغيرهم للحصول على تعليمهم الديني والفتاوى الدينية التي تتطلبها أمور حياتهم، مما أعطى ثقلاً ومشروعية لهؤلاء الشيوخ بصرف النظر عن مدى أهليتهم الشرعية. الدور الخطير الذي لعبه الإعلام لجهة تزييف وعي الشعوب وإلهائهم بقضايا فرعية وثانوية من دون أن يقوم بدوره الأساسي والمتمثل في الارتقاء بوعي هذه الشعوب دينيًّا وسياسيًّا وثقافيًّا، وحتى بعد قيام الثورات في دول الربيع العربي استخدم الإعلام كأداة في الصراع السياسي المحرض والمشوه لصورة الفصيل الآخر، فانشغل عن القيام بالدور المنوط به، بل وساهم في نشر هذه الفتاوى. اتباع الحل الأمني فقط دون سواه في التعاطي مع الجماعات الإسلامية المتشددة، في حين كان يتعين إعداد وتنفيذ برامج على غرار برنامج المناصحة السعودي لإعادة تأهيل عناصر هذه الجماعات ودمجها مرة أخرى في المجتمع. عجز الجماعات الإسلامية المتطرفة عن إيجاد حلول سياسية للمشاكل التي تواجهها، نتيجة غياب الوعي السياسي لديها، والانغلاق على أفكارها. وتختم هبة حديثها قائلة : إذا كانت تداعيات هذه الفتاوى انعكست بشكل واضح في حادث اغتيال المعارض التونسي وما شهدته الساحة التونسية من احتجاجات واسعة، فإن لهذه الفتاوى تداعيات أخرى مهمة، فعلى المستوى المجتمعي ستزيد هذه الفتاوى من حالة الاستقطاب داخل مجتمعات الربيع العربي عن طريق خلق فتنة داخلية باسم الدين، وهو ما يعني إدخال الدين في خلافات سياسية وبالتالي تحويل الصراع السياسي إلى صراع ديني سياسي بتقسيم المجتمع إلى كافر يتطلب إقامة الحد عليه ومجتمع مسلم هو الذي يقرر فيمن يقام عليه الحد ليس من أجل الخروج عن الدين بل من أجل معارضته لنظام الحكم، وهو ما يضعنا على أبواب حرب أهلية. أشباه العلماء ومن الجزائر صاحبة التجربة الثرية فى مقاومة الإرهاب باسم الدين يتحدث الطاهر عمارة الأدغم الكاتب والأستاذ الجامعي،قائلا : إن مشكلة الفتاوى العشوائية التي تصدر من أشباه العلماء، بل أشباه طلاب العلم، تعكس دون شك ضيق الأفق العلمي والثقافي بالدرجة الأولى، وحتى ضيق الأفق النفسي والتراكمات التي عاشها من يطلق الفتاوى الشاذة، حيث عاش الكبت السياسي والاجتماعي والحرمان وصار الآخر بالنسبة له عدوا لا حلّ معه سوى التصفية لافتا الى أن الشعوب العربية والإسلامية عرفت هذا النوع من الفتاوى الشاذة منذ زمن بعيد، وخلال العقود الماضية، ولعل ظاهرة تكفير الحكام، ثم تكفير الأمة بعد ذلك، وما عرف لاحقاً بجماعة التكفير والهجرة.. لعل هذا النمط من التفكير هو الصورة الواضحة لهذه الفتاوى، أو المنبع الذي يمكن أن يغذّي آخرين ويدفعهم إلى الفتاوى الشاذة. والحقيقة العلمية والتاريخية التي لا ينبغي الهروب منها – كما يضيف الطاهر- أن مدارس الفقه الإسلامي عرفت المتشدد والمتساهل، أو الميسّر، وهذا معروف في كتب التواريخ والسير.. لكنّ أن تصل الفتاوى إلى مصادرة حقوق الآخرين في الحياة، فهذا لم يقل به أحد من العلماء المعروفين سلفاً وخلفاً. ويرى الطاهر أن مكوّنات التطرّف ومسبّباته ما زالت كامنة في العقول، وهي ليست في عقول الإسلاميين أو أصحاب الفتاوى فقط؛ فالطرف الآخر مؤهل أيضا ليكون متطرفاً، وهكذا نرى تطرفاً من الجانبين، فاليساري أو العلماني الذي يلغي حق الأمة في الاختيار ويهزأ بالشعوب وتوجّهاتها عبر صناديق الاقتراع هو متطرف في الحقيقة ويملك بذور استبداد خطير ومؤهل لأن يمارس أفعال المصادرة في حق الآخر. ولكنه يلفت الى أن الأمر الذي يبعث على الطمأنينة يتمثل فى أن الجميع على طاولة الدرس، وأن الدراسة قد انطلقت فعلا، وإن كنا في السنة الأولى في مقرّرات الحوار وقبول الآخر والتعايش السلمي وإقرار المواطنة.. فالوطن للجميع وليس في وسع أحد أن يقول للآخر: اخرج وابحث لك عن وطن بديل.. وهكذا على جميع العقلاء وفي جميع التيارات العمل الجاد والدؤوب للوصول إلى ثقافة التعايش والحوار وحل الخلافات عبر الآليات الديمقراطية. وحسب رؤيته فإن الدول العربية تملك رصيداً كبيراً من العلم الشرعي الرصين والفكر المستنير الذي تعايش مع الآخر قروناً طويلة؛ ففي ظل الحضارة والدولة الإسلامية عاش اليهود والنصارى وعاشت أقليات أخرى وازدهرت، وتعايش الناس.. فالرصيد التاريخي موجود ويمكن النسج على منواله. هل من وراء الفتاوى توجهات سياسية؟ وما دور مؤسساتنا الدينية؟ ظهرت في الآونة الاخيرة فتاوى عديدة ومناهج وأفكار انحرفت في هدفها وغايتها عن المنهج الإسلامي المستقيم ولمواجهة هذا الفكر يجب أن تقوم مؤسساتنا الدينية والدعاة والعلماء على قلب رجل واحد لتبيين الحق بأدلته ونشر التوعية الدينية بين شباب المسلمين فكثير منهم يتحمس للحق ونيته خدمة الدين ودافعه حبه له فهؤلاء يتأثرون بالحق لما يتبين لهم على أيدي العلماء الراسخين في العلم في مؤسساتنا الدينية .وبعد اغتيال المفكر التونسى شكرى بلعيد انتشرت المخاوف بالوسط السياسى من تكرار ذلك المسلسل فى مصر وفى إطار هذا الموضوع كان لنا السؤال: هل من وراء هذه الفتاوى توجهات سياسية ؟ وما دور مؤساستنا الدينية؟ قضية خطيرة فى البداية يقول الشيخ منصور الرفاعى عبيد وكيل أول وزارة الأوقاف الأسبق :هذه الفتاوى كما يقول المثل العامى: ( خالف تعرف ) فالمفروض فى الشخص العالم الذى يريد أن يتصدر للفتوى أن يتجرد عن الهوى وأن يكون قارئاً مجيداً للفقه وللفتوى التى يدلي بها .فإذا كان وراءها فكر سياسى أو غير سياسى فقد أوقع نفسه في الخطأ وجرم جرماً جسيماً لمن ضلله لإعلاء شأنه .ثم بعد ذلك يتم المراد من فتاواه لا ينال شيئا لأنه أغضب الله عزوجل .ونحن نعلم تمام العلم بأن من أغضب الناس فى رضاء الله رضى الله عنه وأرضى عنه الناس .ومن أغضب الله عنه فى رضاء الناس سخط الله عليه وكرهه إلى الناس .إذن فنحن أمام قضية خطيرة لأن المفتى يتجرد عن الهوى ولا ينضم لحزب معين أو هيئة معينة إنما يكون اتجاهه إلى الله عزوجل .ويخاطب الناس جميعاً بلغة واحدة ويعرض عقله للناس ولا يميل للهوى لقول الله تعالى: (يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى ).إذن فالداعية إلى الله لابد أن يتجرد عن هواه ولا يكون له انتماء سياسى أو غير ذلك .وهنا نقول: إذا كان المفتى بهذا المعنى تصدر منه هوى لرؤية فأوقع حكمه على مارآه .وقد يكون مخطئاً وقد اجتهد وله أجر واحد وإن اجتهد وله أجران .وعلى هذا فإن فتوى القتل لا يبيحه دين ولا عقل لأن سيدنا عبد الله بن عمر خاطب الكعبة فى يوم من الأيام وقال: (والله أنكم أحب الأماكن إلى الله ولكن المسلم أفضل منك عند الله لأن الإنسان صنعه الله وملعون من هدم صنعه الله .ولكن يكون هناك قتل للقصاص يحكم به القاضى به فقط .النائب عن الأمة والمفوض من الدولة والذى يراقب ربه ويصدر حكمه لما ثبت لديه من أدلة . مؤكداً المؤسسة الدينية اعترضت على الفتوى وجرمت هذه الفتوى لأنها لا تتفق مع منطوق الدين والحكمة ولا منطوق المجتمع والرأى العام .لكن الأولى بالمفتى بهذه الفتوى أن يقول:أن يحيل هؤلاء أمام المحكمة أو أمام القضاء فلا لتمزيق صف الأمة أو الخروج عن الحاكم أو شابه ذلك . طائلة القانون ومن جانب آخر أكد سامح عاشور( نقيب المحامين): إن الفتوى التى أصدرها الشيخ محمود شعبان بإهدار دم أعضاء جبهة الإنقاذ الوطنى تعد تهديداً علنياً وصريحاً لرموز المعارضة وأعضاء الجبهة. وأن هذه الفتوى بأنها نوع من أنواع التحريض على الحرب الأهلية وجريمة تستوجب المساءلة ووضع صاحبها تحت طائلة القانون محملاً رئيس الجمهورية وكافة الجهات المعنية والأجهزة الأمنية المسئولية عن تعرض أى شخص لاعتداء أو أذى جراء هذه الفتوى ومسئولية القبض على هذا الرجل ومحاكمته .وإن هناك مناخاً مرضياً موجوداً فى الأجواء الحالية بالبلاد وهذه الفتوى بإهدار الدم تفصح عن طبيعة هؤلاء الناس وحقيقتهم وتؤكد أنهم عدوانيون ومحبون للعنف . ولابد ضرورة مقاومة ذلك بكافة الوسائل القانونية الممكنة وردع القائمين على ذلك إذا لزم الأمر. فتوى شخصية وأشار الكاتب بهاء طاهر: إن من يعرف الإسلام حق معرفة سيعرف أن هذا الأمر والفتوى التحريضية التى خرج بها علينا من أحد الشيوخ ليست من الإسلام فى شيء والإسلام بريء منها تماماً وإنما هى فتوى شخصية لا تتجاوز الاجتهاد الشخصى. ولابد من عدم إعطاء الأمر أكثر من حقه وعدم تسليط الضوء على مثل هذا الشخص الذى يسعى للشهرة من خلال الشو الإعلامى ولو تمم محاكمته أو محاسبته من قبل الأزهر فقد وصل لما يرغب فيه والحل هو تجاهله تماماً حتى لا نعطيه أكثر من حجمه . الضوابط الشرعية وأوضح الشيخ هاشم إسلام عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف قائلا :لقد جاء الإسلام بمبدأ حفظ وحقن الدماء البشرية أيا كان جنسها أو لونها ولذلك قال فى كتابه العزيز قوله تعالى :(من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً).ولذلك ملعون من هدم بنيان الله (الإنسان) هو بنيان الله فلا يجوز قتل أى إنسان إلا بالحق . وعليه فإن مبدأ إهدار الدماء أو استباحة الدماء أو القتل والعنف والبلطجة أمر مرفوض ومحرم ومجرم فى الإسلام .فضلاً عن هذا فهناك الآيات القرآنية والأحاديث الكثيرة فى هذا الشأن . وعلى المقابل فإن الإسلام أباح مبدأ حق الدفاع الشرعى عن النفس والعرض والمال والوطن والدين حال التعرض للاعتداء المسلح بالضوابط الشرعية. وبالمقابل نرفض جملة وتفصيلا أن يقوم الأفراد بتطبيق العقوبات بأنفسهم لأن شرعية الأمة فى الإسلام تتمثل فى ولاة أمورها بالسلطات الثلاث السلطة التشريعية التى تسن القوانين والسلطة القضائية التى تحكم وتصدر وتحدد نوع العقوبة ( لأن الأصل فى الإنسان براءة الذمة وكما يقولون: المتهم بريء حتى تثبت إدانته) . وفى النهاية يأتى دور السلطة التنفيذية التى تنفذها أحكام السلطة القضائية . وأضاف: وحتى نعود إلى الفرق بين الحكم فى الفتوى والرأى الحكم ثابت سواء فى القرآن الكريم لا يتغير السرقة الحرمة وأحل الميتة الحرمة أهذا حكم ثابت وحكم من ارتكب جريمة الحرابة يطبق عليه الحرابة ( وحكم القاضى الذى ينذر العقوبة المباشرة على حسب الجرم والفعل). التوعية الدينية وقال أحمد الشناوى خريج كلية الدعوة وأصول الدين من الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة :ظهرت في الآونة الاخيرة فتاوى عديدة ومناهج وافكار انحرفت في هدفها وغايتها عن المنهج الاسلامي المستقيم , ومحورها هو سهولة تكفير الافراد المعنيين باستخدام ادلة شرعية صحيحة ولكن بتأويلها تأويلا باطلا و ليّ أعناقها لخدمة اهدافهم وغايتهم المنحرفة , وبلا أدنى شك يتبع ( سهولة التكفير ) استباح الدم والقتل لهؤلاء الكفار ( المزعومين ) , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , وسبب هذا هو عاملان مشتركان أولهما الدول والسياسات التي تسعى لهدم الاسلام جملة وتفصيلا ظاهرا وباطنا , وثانيهما هو أناس من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس كما أخبر عنهم سيد البشر محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام , فتتلاقى مصالحهم ويبدأ التخطيط العميق للإطاحة بهذا الدين وهذه الأمة , أمة العرب المسلمة . ولمواجهة هذا الفكر المنحرف يجب ان تقوم مؤسساتنا الدينية والدعاة والعلماء على قلب رجل واحد لتبيين الحق بأدلته ونشر التوعية الدينية بين شباب المسلمين فكثير منهم يتحمس للحق ونيته خدمة الدين ودافعه حبه له فهؤلاء يتأثرون بالحق لما يتبين لهم على أيدي العلماء الراسخين في العلم في مؤسساتنا الدينية , ويبقى لنا رؤوس هذه الافكار والجماعات المنحرفة التي تعرف الحق وتنكره لخدمة مصالحها الشخصية , فالدولة المتمثلة في حكومتها هي أفضل من يتعامل معهم ويكبح جماحهم في البغي والتضليل , نعوذ بالله من الزيغ والضلال , اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ،والحمد لله رب العالمين