تتواصل الحوارات الثقافية والعلمية بين الشباب السعوديين ونظرائهم الإسبانيين ضمن فعاليات منتدى حوار الشباب السعودي الإسباني المنعقدة فعالياته حاليا في العاصمة الإسبانية مدريد حيث بدأت تثمر هذه النقاشات عن أفكار لمبادرات وآليات تعاون بين الجانبين في مجال الهوية المعمارية التراثية. وتنوعت محاور النقاشات بين الجوانب القانونية والثقافية والتعليمية والاقتصادية للهندسة المعمارية والمحافظة على الهوية التراثية. وحرص الشباب السعوديون البالغ عددهم 24 شابا وشابة من تخصصات علمية وأكاديمية من مختلف مناطق المملكة على إيصال وجهة نظرهم حول أهمية الهندسة المعمارية في المحافظة على ثقافة وتراث البلد. وناقش الشباب السعوديون في حوارهم مع الشباب الإسبانيين القوانين والأنظمة التي تحفظ المواقع التاريخية، والطرق المثلى للمحافظة على الهوية العمرانية في كلا البلدين، وضرورة المحافظة عليها وحمايتها وإبرازها لتكون معلما ثقافيا وحضاريا وسياحيا، تجسد حضارة وتاريخ وثقافة البلد ولتطلع عليه الأجيال القادمة، حيث يعد فن العمران من أهم الفنون التي تعكس هوية ومعالم الحضارة في كل أمة وذلك من خلال الفن المعماري والبصمة الوطنية والثقافية للمباني. كما تطرق الحوار حول مشاهداتهم العلمية من خلال الزيارات الميدانية التي قام بها أعضاء الوفد الشبابي السعودي لعدد من كليات العمارة في أعرق الجامعات الإسبانية واطلاعهم على بعض الطرق العلمية والفنية المتخصصة في تصميم المباني والمحافظة على المباني التاريخية. كما تحدث الشباب السعوديون في حوارهم عن أقسام العمارة في تلك الجامعات والنماذج العمرانية من بينها مجموعة من الآثار والكتابات الإسلامية التي تعود للحكم الإسلامي للأندلس وهي من النقاشات التي تطرق لها الشباب في حوارهم مع أساتذة الكليات والشباب الإسباني، مما كان له دور في إثراء حصيلتهم المعرفية وفي نقاشاتهم المستفيضة وتبادل الخبرات والمعلومات حول فنون العمارة المختلفة. وحظيت الجلسات الحوارية بين الشباب السعودي والإسباني باهتمام صاحب السمو الأمير خالد بن سعود بن خالد مساعد وزير الخارجية الذي حضر إحدى جلسات الحوار، وأعجب بما سمعه من حوارات بناءة وهادفة تناولت جوانب مهمة ترتبط بالثقافة والتاريخ والحضارة، كما لمس سموه اهتمام الشباب السعودي بنقل وجهات نظره العلمية وذلك من خلال ما تقوم به المملكة من جهود لحماية المباني التاريخية والآثار التي تزخر بها مناطق المملكة المختلفة. حضر جلسة الحوار رئيس وفد الشباب السعودي المشارك وكيل وزارة الخارجية للشؤون الاقتصادية والثقافية الدكتور يوسف بن طراد السعدون، وصاحب السمو الأمير منصور بن خالد بن عبدالله الفرحان سفير خادم الحرمين الشريفين في مدريد اللذان تابعا الحوار، كما حضر الجلسة أعضاء من وزارة الخارجية وسفارة المملكة في مدريد، ومن الجانب الإسباني حضر بعض المسؤولين والأكاديميين والشباب الإسبانيين المشاركين. ورأت المشاركة رابعة العثيم (خريجة تخصص عمارة) من جانبها، في حديثها لمندوب وكالة الأنباء السعودية أن مشاركتها في المنتدى فرصة ستفيدها كثيرا بوصفها تجربة تستفيد منها شخصيا ومهنيا، متمنية أن تعود بما اكتسبته من معارف بالفائدة لوطنها، مشيرة إلى أن التبادل الفكري مع النظراء الإسبان أسهم في إعطاء صورة واضحة عن الحضارتين السعودية والإسبانية. فيما قال المشارك بالمنتدى المهندس عبدالعزيز الحدادي (خريج تخصص تخطيط مدني): «إن موضوع الحوار كان مهما جدا ويشغل المتخصصين في المملكة». وبين أن النقاشات مع الشباب الإسبانيين نقاط تهم الطرفين فيما يتعلق بالهوية العمرانية والتراث العمراني معربا عن أمله في الوصول بإذن الله إلى مبادرات تخدم البلدين وتحقق عدة غايات يسعى الجميع لأجلها ومنها تحقيق بيئة عمرانية تعبر عن المملكة العربية السعودية ودورها الريادي والتاريخي في خدمة الإسلام وتعبر عن الطبيعة المكانية والزمانية والتنموية لهذا البلد. وأوضح أن الوصول لمثل هذه الغايات يكون عبر الحوار الحضاري وتبادل المعرفة مع البلدان العالمية مثل مملكة إسبانيا التي حافظت على تراث عمراني لعدة حضارات تواجدت في هذا البلد ومنها الحضارة الإسلامية وتجد الهوية العمرانية الإسبانية في أغلب مبانيهم وبيئتهم المبنية لتكون جزءا لا يتجزأ من ثقافتهم. مما يذكر أن المنتدى يأتي برعاية من وزارة الخارجية وبالتعاون العلمي مع هيئة السياحة والآثار، ويتم اختيار الشباب المشاركين بناء على معايير محددة منها التخصص العلمي والخبرة المكتسبة، وتمر مرحلة الاختيار بعدد من المراحل تشمل المقابلة الشخصية والتدريب والتأهيل ومن خلال ورش عمل متخصصة بمحور المنتدى، كما يتم مراعاة تنويع المشاركين حسب المنطقة والعمر.