حول بعض الشباب في مكةالمكرمة جدران الشوارع والمدارس والمباني العامة وحتى جدران المنازل إلى «سبورات» يكتبون عليها ما تجود به قرائحهم، حتى تحول الأمر إلى ظاهرة منتشرة بكثرة في أحياء العاصمة المقدسة، إذ يندر أن ترى شارعا يخلو من هذا الظاهرة التي تراها على الجدارن التي حولها هؤلاء الشبان إلى صفحات ودفاتر يكتبون عليها إبداعاتهم، ويتفننون في التعبير عن مشاعرهم أو حتى بجمال رسوماتهم، لتكون متنفسا لمواهبهم، إلا أن المشكلة في ذلك عندما تكون هذه الكتابات أو الرسومات غير أخلاقية وتحتوي على ألفاظ بذيئة تنم عن عقليات لا يمكن توصيفها. «عكاظ» تجولت في عدد من أحياء مكةالمكرمة ورصدت بالصور بعض هذه الظواهر السلبية والعشوائية، كما تحدثت مع عدد من الشباب الذين انتقدوا هذا الظاهرة، مطالبين بفرض غرامات رادعة على مرتكبيها. وطرحت عليهم السؤال حول: ماذا يكتب هؤلاء على الجدران؟ وما الفائدة؟ فيجيب محمد الهزازي، من أحد الأحياء التي تنتشر فيها هذه الظاهرة: «عندما نقف أمام نوعية العبارات المكتوبة نجد أغلبها يدل على نفسية معقدة وحزينة فتجد عبارات مثل (الحزين) و(الوحيد) أو شخص يعيش قصة حب فيكتب (أحبك) وما شابهها». ويضيف «حتى النفسيات المتعصبة تجد الجدران دفترا مفتوحا للتعبير والبوح، تعصب لشخص أو أحد جيرانهم أو أي شخصية أخرى، يكتب حروفا أو مقطعا من أغنية، أو رموزا ربما لن يفهمها أحد، وأحيانا بعض الرسومات». أما أحمد المالكي فقال إن انتشار الظاهرة دليل على قلة الوعي والاهتمام بالممتلكات العامة، داعيا إلى اتخاذ إجراءات مشددة من شأنها الحد من الظاهرة والقضاء عليها. وحول الأسباب الدافعة إلى ممارسة هواية الكتابة على حائط المدرسة أو أي حائط آخر قال «هناك أسباب كثيرة ومتعددة تدفع الطلاب للكتابة على جدران المدرسة ودورات المياه، الأول عدم قدرتهم على التعبير اللفظي عما يعتمل في دواخلهم من مشاعر وربما عواطف لخوفهم من سلطة المدرسة، باعتبار أن ما يريد الطالب التعبير عنه لا يتوافق مع القيم المدرسية والمجتمعية، وأحيانا يجد الطالب متعة في الكتابة على الجدران أو ربما شغل أوقات الفراغ أو حب إظهار الذات بطرق غير سليمة أو لإثبات قيمته لدى أصدقائه، وأنه مشاغب في المدرسة، وقد يمارس الكتابة فقط للهو أو إشباع الميل للكتابة دون أن يحمل ما يكتبه هدفا محددا». من جانبه رأى محمد الخشرمي في ظاهرة الكتابة على جدران دليلا على اختلال الشخصية، معتبرا أن هذه الطريقة لا توصل غالبا مضمون الرسالة المكتوبة بل رسالة أخرى مفادها أن صاحب هذه الكتابات عديم الذوق والإحساس ولا يحترم الممتلكات العامة. أما عبدالرحمن الشهري فرأى أن الحاجة ماسة لاتخاذ إجراءات صارمة ضد هذه السلوكيات الخاطئة وأبعادها الخطيرة، مشيرا إلى أنها من ناحية تشوه المنظر العام والممتلكات العامة، ومن ناحية أخرى تعلم الأطفال السلوك الخاطئ. وقال خالد القرني إن هذه الظاهرة السلبية انتشرت بشكل كبير في المدارس، خصوصا في دورات المياه، حيث المكان سري وبعيد عن أعين إدارة المدرسة، وبالتالي يصعب عليها معرفة الفاعل وينجو بفعلته. وأضاف «هناك الكثير من العبارات يكتبها شباب بمقتبل العمر تعبر عن نفسية الطالب أو حتى من باب المشاغبة لا أكثر، وأحيانا نجد أن بعض الشباب يدون أبياتا من الشعر ومقاطع أغان جميلة جدا إضافة إلى رسومات رائعة، ورغم ذلك تبقى الكتابات على جدران المباني ظاهرة مرفوضة تعكس إهمال الشباب وتعمدهم تشويه المنظر العام ويجب مكافحتها والقضاء عليها». تشويه المرافق قال تركي العتيبي إن هذه الظاهرة تبقى سلبية وتشوه قيم المجتمع ومحاربتها واجبة، داعيا إلى حل المشكلة بتوعية الشباب وفتح مراكز صيفية يقضون فيها أوقات فراغهم بالمفيد النافع وبما ينمي مهاراتهم ومواهبهم ويوجهها التوجيه الصحيح، مطالبا بفرض غرامات مالية على مرتكبي هذه الأفعال حفظا للممتلكات والمرافق العامة.