لا يخلو مجتمع كان من سلبيات، كما لا يخلو من الايجابيات، وظاهرة الكتابة على جدران المرافق العامة المختلفة وأحياناً تتجاوزها إلى ممتلكات بعض الناس الخاصة ..تسبب الكثير من المضايقات والاحراجات خاصة عندما تعبث ايدي الشباب والمراهقين في الأماكن الجمالية التي تقوم الدولة بصيانتها وتجميلها لتكون واجهة جمالية لسكان المنطقة ولسياحها الذين يرتادونها . وظاهرة الكتابة على الجدران تكثر وجودها خلال العطل الصيفية فلا ترى مكان عمومي في الغالب إلا وتكون يداً عابثة قامت بتخريبها بوضع ذكرياته، أو كتابة بعض القصائد الغزلية ووضع ارقام وهمية على الجدران او توقيعه كخاتمة لعبثه وتشويهه للأماكن العامة في مدينة فكيف نعالج هذه السلبيات التي تظهر في شبابنا، وما هي أسباب ظهورها في تلك الشريحة الشابة تحديداً . التعبير عمن بداخلهم ٭ا لشابة فاطمة عبدالخالق طالبة بكلية التربية قسم العلوم والرياضيات تشير إلى : أن من يكتب على الجدران هم الأشخاص الذين في سن المراهقبة ليعبروا عما بداخلهم في الغالب ولكن في هذه الفترة ظهر لدينا ليس فقط الأطفال الذين يكتبون على الجدران بل وايضا الشباب في سن المراهقة . وعندما نستعرض ما يكتبون فإنه في الغالب نجد بيتاً من الشعر يتصف بالغزل والكلام الذي لا يليق أو اسماً لأحد الفنانين او مجموعة من النكتب او التعليقات او الشتم لشخص معين، وكذلك رمز له بمعنى معين، وعادة ما يكتب ذلك الشخص عند زيارته لمكان ما، او منتزه وغيره ذكرياته ، او اسم ذلك اليوم وما يتوافق معه، وهذا ربما كان في وقت مضى . الفتيات والكتابة على الجدران ٭أما الشابة فاطمة رمضان السيد فتؤكد بأن هذه الظاهرة لم تقتصر فقط على الشباب المراهقين ، او الاطفال، بل أيضاً إن هناك شابات يقمن بنفس السلوكيات السلبية والسيئة ..لكن لا تظهر تلك الصور أمام المجتمع بل مخفية ومتوارية عن الانظار وعن الاماكن العامة . لكنها اشارت إلى الأماكن الخاصة التي تقوم بها هؤلاء الفتيات بالتعبير عن مشاعرهن وما يجول بخواطرهن داخل المدارس والكليات كونها مناطق مغلقة ولا يراهن فيها أحد، بخلاف أنها المكان الذي تجلس فيه فترة طويلة بعد المنزل، حيث تقوم باضاعة وقتها بين فترات الحصص او الفسحة والعبث على جدران الكلية من الخلف بكتابة ما يحلو لها وبعيداً عن الرقابة المدرسية في الداخل . أيضاً قد نراها تكتب على جدران السلالم ووصل بهن الحال إلى الكتابة في جدران دورات المياه وكلها بالطبع من سوء الفهم لدى كثير من الطالبات وما ينتج عن هذه الظاهرة من بيئة غير نظيفة تصور الحال لأهل ذلك المكان . الشباب يرفض ويقوم بها ٭رغم أن الكثير من الشباب يقوم بهذه التصرفات وهم غير عابئين للأضرار التي يخلفوها بسبب هذه السلوكيات التي تشوه جمال المناظر العامة الجميلة، والتي تحرص الأمانة على صيانتها والاهتمام بها، هناك فئة من الشباب يرفضون هذه التصرفات، التي اعتبرها البعض صبيانية او طفولية، ويرفضون لمجرد الرفض مبدأ التفكير في القيام بهذه التصرفات مثل هؤلاء الشباب المستهتر لأسباب كثيرة يذكر بعض منها الشاب ميزان الحربي . لقد وجدت الأماكن والمرافق العامة للجلوس فيها والتمتع بجمالها وجمال المناظر الخلابة فيها، فما بالك وأنت تمعن نظرك عند جلوسك بهذه المناظر السلبية التي تسيء لهذا المكان العام وتسيء لنظرك مما يضطرك إلى ترك المكان لبشاعته والبحث عن مكان جميل آخر بعيداً عن عبث الشخابيط الكتابية السيئة لهذا السبب وهو هروب الجميع من ارتياد تلك الأماكن العامة، أما ا لسبب الآخر أن الخطأ في البداية يعود إلى بعض المسؤولين الذين يجب القاء اللوم عليهم .فمثل هذه السلوكيات التي تظهر على شبابنا خاصة في فترة الاجازات على البعض من المسؤولين بتوفير مساحة معينة بعيدة عن الأنظار وإبلاغ الشباب بمكانها ومساعدتهم على تفريغ شحناتهم وطاقاتهم المختزنة في الداخل من خلال الكتابة على الجدران التي قامت البلدية ببنائها لمساعدة الشباب على اضافة فراغهم عليها . ٭يلتقط طرف الخيط الشاب عدنان السوفي الذي شجع هذه الفكرة ..مضيفاً : نحن الشباب نحب اخراج طاقاتنا بأي طريقة كانت وفي أي مكان و زمان، فلا يهمنا متى نقوم بها، المهم القيام بها وقت الحاجة لافراغ طاقاتنا، صحيح بعض الشباب يخطئ في اختيار بعض الأماكن العامة والكتابة عليها، لكن بالله عليكم قولوا لنا ما هو البديل ازاء العلاج لهذه التصرفات التي يقوم بها هؤلاء الشباب المحرومون من تفجير طاقاتهم كون انه لا يوجد البديل لذلك . الشاب عابد المطيري يرى بأن هذه المشكلة لو نظرنا إلى الخارج وفي دائرة أكثر اتساعاً لوجدنا أنها موجودة فمثلا الكتابة على جدران المنازل والمدارس والاسواق حتى وصل بهم الحال إلى الكتابة على الاماكن المخصصة لرمي النفايات والتعصب العرقي للفرق الرياضية ..وغير ذلك من هذه السلبيات التي ينتج عنها الصورة السيئة للمباني وأسوار المجتمع .ووصلبهم الحال لهذه الظاهرة إلى أن بعض أصحاب المحلات والاسواق التجارية يعلن عن افتتاح بعض المحلات او التخفيضات على الجدران لهذا المتجر، وآخر ما وصل به الأمر هو الكتابة على السيارات من بعض المراهقين من شعارات ورموز وكتابة رقم الجوال لاستخدام ذلك الأمر في غرض سيء ودنيء، وجميع ما يقوم به هؤلاء الاشخاص هو العبث بحقوق الآخرين وبالمرافق العامة التي هي حق للجميع . ويضيف المطيري ..إن النتائج التي يخلفها هؤلاء الشباب العابثين من تشويه وتخريب لمناظر الاسوار والمباني والحدائق سواء كان ذلك داخل المؤسسات التعليمية كما حدث الحال مع الطالبات في مدارسهن وكلياتهن أو خارجها كما يقوم بهذه التصرفات الشباب .هي بلا شك امتداد لظاهرة ظهرت في الخارج ثم امتدت إلى داخل المباني والمدارس والكليات .والمشكلة أن هذه الظاهرة كانت منتشرة بين الذكور فعم البلاء حتى اصبح الفتيات ينافسن الذكور في ذلك . أسباب نفسية وتربوية ..! ٭ما هو رأي العلم النفسي والاجتماعي في ظاهرة الكتابة على الجدران من قبل الجنسين وتخريب المرافق العامة وتشويهها على يد الشباب .. يقول د .مصطفى عبدالقادر استاذ اصول التربية ومستشار التربية وعلم النفس لو نظرنا الى هذه الظاهرة لتجد ان لها عدة اسباب، فهي ظاهرة شائعة في مرحلة المراهقة وامتداد هذه الظاهرة الى الفتيات هو بالفعل امر لاحق على ظهورها في مدارس البنين، ويمكن تفسيره كنوع من التنفيس عن رغبة الشباب في التواصل مع القنوات الشرعية للتعبير عن ذاتهم من خلال الاسرة والمجتمع الخارجي والمدرسة، اما الفتيات فطبيعي ان يحدث ذلك لهن ايضا كنوع من التنفيس عن رغبتهن في التعبير عن ذاتهم وذلك نظرا لصعوبات ومعوقات تعوق الفتيات عن التواصل ايضا مع القنوات المشروعة للتعبير عن ذاتهن داخل مجتمعها . ويواصل د .عبدالقادر التركيز على سلبيات هذه الظاهرة على الفتيات فقال : كما ان تعبير الفتاة بالكتابة على الجدران يجيء كذلك كنوع من التمرد على التقاليد المحافظة التي نشأت عليها الفتاة، وترى في الفتاة انها انسانة تتسم بالحياء والخجل والصوت الخفيض والاستجابة والطاعة الكاملة لكل ما يلقى عليها من جانب الكبار المحيطين بها . الاعلام متهم ..! ويعلل ظهور تلك الاسباب د .مصطفى بأن هناك اليوم مثيرات عديدة تباشر تأثيرها على شخصية الفتاة المراهقة وقد تدفعها الى التعبير بطريقة خاطئة سواء بالكتابة على الجدران او بطرق اخرى ومن ذلك الاعلام وما يزخر به من اعمال درامية تبدو فيها الفتاة اكثر حرية وانطلاقا ..وهناك اليوم الفرصة للاتصال والتواصل من خلال الهاتف المحمول والانترنت التي وسعت من رقعة الاتصال والتعامل مع اطراف عديدة، وهكذا اصبحت الفتاة مشبعة بشحنة داخلية من افكار ومفاهيم تريد ان تعبر عنها الآخريات من بنات جنسها، ومن زميلاتها طالما انها لم تتمكن من التواصل مع الكبار من الآباء والامهات والمعلمات من حولها ..!! ويرى د .عبدالقادر عن الحلول التربوية والنفسية لهذه الظاهرة التي يقوم بها الجنسين من المراهقين والشباب ..تكمن في الآتي : اتاحة الفرصة للتعبير الأوسع عن الذات للشاب والفتاة ويأتي ذلك معتمداً عن طريق مبدأ الحوار والنقاش، وايضا الشورى فيما بينهم كطرق رئيسية في التدريب والتعليم بديلاً عن تلك الطرق التلقينية التي يرى الجميع انهم شباب وشابات عليهم الحفاظ على اخلاقياتهم السلوكية، كذلك فإن اتاحة الفرصة الحقيقية لهم ايضا في عملية اتخاذ القرارات الاسرية التي تخصهم وتتعلق بهم في غاية الاهمية حيث يمنحهما الثقة ويوفر لهما فرصة التعبير الايجابي للشاب والفتاة في داخل الاسرة واستخدام قدراتهما في تحقيق ذلك . ايضا على الاهل خلال فترات الصيف مساعدة هؤلاء الابناء في الاشراك بمراكز تقوم بعمل حصص نشاط وهوايات للتعبير عن ذاتهم ومواهبهم وقدراتهم، فالحلول التربوية اذاً تتجه الى ايجاد فرص وقنوات مشروعة يمكن لابنائنا اللجوء اليها لاشباع حاجاتهما وتحقيق ذاتهما، وتقديم التوعية الكافية التي تبرز منافاة هذه الظاهرة للآداب والقيم الاسلامية، وكذلك التوعية بضرورة التزام هؤلاء الشباب تحديدا لقانون النظام والترتيب والجمال البيئي، وعدم المساس لتلك المرافق العامة التي تخسر فيها الدولة الرشيدة الكثير لاجل ان نتمتع نحن وغيرنا بجمال منظرها وروعة شكلها الهندسي الجميل .