في طريق مكة القديم الذي يخترق أم السلم مرورا ببحرة وحدا تصنع مفارقات الشريان المتهتك سيناريوهات مأسوية لمستخدمي هذا الشارع للساكنين على مساريه، إذ أن الحوادث في هذا الطريق أو (القاتل المتحرك) حسب وصف بعضهم أصبحت بمثابة لغة يومية مغسولة بالدم والدموع والإصابات وأنين الضحايا. أجمع عدد من أهالي أم السلم وبحرة وحدا أن الوعود بوضع حد لمسلسل الموت على الأسفلت تكررت ولكن بدون فائدة، موضحين أن الأمر لا يزال مرهونا باللحظة التي تشهد على أرض الواقع بداية العمل في مشاريع التوسعة والإنارة لهذا الطريق والذي أصبح هما للقاطنين على ضفتيه ومصدرا لأحزان العديد ممن فقدوا أعزاء لهم إما نتيجة لحوادث الصدم مع الشاحنات التي جعل قائدوها من الطريق المتهالك حلبة للمناورة مع المركبات الصغيرة أو دهسا تحت الإطارت التي غالبا لا يعلم الطرف المتسبب بالوفاة عن ضحيته شيئا إلا حينما يفاجأ بآخر صرخاتهم ودوي أجسادهم عند ارتطامها بمركباتهم لحظة الصدم بسبب الظلام وقد تحولت أشلاء لا يكاد يرى منها في الغالب إلا بقايا دمائهم البريئة وبعض أجزائهم التي تناثرت على طبقات الطريق. وقال محمد العتيبي: هناك تقصير واضح من البلدية والإدارات المعنية وتجاهل العديد المآسي والضحايا الذين قضوا على طريق بحرة وتسببوا في فاجعات مؤلمة لذويهم بسبب هذا الطريق الهرم وما يعانيه من خلل وقصور في خدمات الإنارة والسفلتة. ويضيف أن المنطقة الوسطية للطريق (الرصيف) لم تعد ترى أجزاء منها على امتداده بسبب الرمال الزاحفة، كما أن المنطقة التي يخترقها فضلا عن اكتظاظها بالسكان تتواجد على جهتيها مواقع هامة للسكان كالبقالات والمطاعم وللأسف بسبب انعدام الإنارة تتركز فيها معظم حوادث الدهس، كما أن الحفر المنتشرة على الطريق والأخاديد التي أتت على أجزاء منه وانعدام الصيانة أيضا أدت إلى حوادث مؤلمة جراء انحراف بعض المركبات، لافتا إلى أن منطقة بهذا الحجم والكثافة السكانية تشهد يوميا كثافة للحركة وتزايد للحوادث تدل الحالة بها على الغياب التام للجهات المعنية وعدم مبالاتهم على حد وصفه. من جهته، أشار سعد الحربي إلى الكثافة السكانية في بحرة والمراكز التي تليها على طريق جدةمكة القديم وقال: إن الطريق يمر في مناطق سكنية وتجارية على الجانبين وبعد تحويل الشاحنات للسير عليه في أوقات الذروة أصبح الوضع مخيفا والحوادث في ازدياد جراء تسابق الشاحنات، كما أن الطريق رغم انعدام الإضاءة وممرات المشاة خال تماما من الإشارات الضوئية واللوحات التحذيرية بمواقع مرور المشاة والتحويلات ما أدى إلى التسبب في حصد أرواح سكانها بسبب الحوادث وطالب الحربي بتحرك الجهات المعنية لإيجاد حلول لمسلسل الحوادث المروعة. لافتا إلى أن المعنيين في جميع الجهات المعنية في مركز بحرة لم يحركوا ساكنا ولم يقدموا حلولا عدا بضعة وعود منذ عدة سنوات لم تسفر ميدانيا عن أي عمل رغم المآسي التي سببتها الحوادث للعابرين والأسر القاطنة في المنطقة. من جانبه، قال عبدالله السبيعي إن طريق بحرة تحول إلى مصدر للحزن والآلام بسبب كثرت الحوادث كما أصبح الطريق سببا لهلع وخوف الأسر التي باتت تعيش قلقا دائما على ذويها خصوصا من الطالبات والطلاب لحظة خروجهم وعودتهم من المدارس. وتساءل السبيعي عن تأخر الحلول وتنفيذ الوعود التي أطلقتها عدة جهات لإنهاء معاناة الآهالي وإيقاف مسلسل الحوادث المؤلمة كما تساءل عن عدم اتخاذ إجراءات وقائية تضمن على الأقل الحد من عدد الحوادث المتزايد وتنبيه المارة والسائقين خصوصا في أوقات المساء إلى حين البدء في فعليا بتحقق تلك الوعود مشيرا إلى قلة التواجد الميداني للدوريات الأمنية والمرور وعدم تمركزهم في المواقع التي تشهد كثافة للمشاة في جانبي الطريق كالأسواق والمحلات التجارية ليلا ما أدى إلى استمرار فواجع حوادث الدهس مؤخرا بسبب الزحام الشديد الذي يشهده الطريق ليلا جراء كثافة الحركة خصوصا من الناقلات والشاحنات. وفي نفس السياق، أكد كل من فيصل القحطاني، ماجد القحطاني وسعد القحطاني أن فتحات الدورات الموجودة حاليا في الطريق غير سليمة هندسيا وبسبب ضيقها تؤدي إلى إرباك السائقين إضافة إلى أنها لا تستوعب مرور مركبتين معا ما يؤدي غالبا لوقوع حوادث شنيعة نظرا لضيق الطريق وكثافة حركة الشاحنات، كما أشاروا إلى أن معظم الحوادث المرورية في بحرة ناتجة عن هذه الفتحات خصوصا ليلا ورأوا ضرورة إيجاد إشارات ضوئية أو فتحة على شكل هلال نصف دائري للراغبين في الدوران في أحد اتجاهي الطريق. وفي موازاة ذلك، سبق وأن أوضحت بلدية بحرة الفرعية أن طريق مكةجدة القديم داخل المناطق العمرانية ببحرة وحداء يعاني من قصور نواحي السلامة المرورية وقد تم مناقشة ذلك مع لجنة تنسيق النقل والمرور المكونة من بلدية بحرة الفرعية وقسم مرور بحرة ومندوب وزارة النقل إضافة إلى مناقشة عدة قضايا منها المناطق الترابية على جانبي الطريق والدوارات وإنارة الطريق والتقاطعات الرئيسية ومداخل الأحياء وحركة الشاحنات ومعابر المشاة. وبينت أن اللجنة طرحت عدة حلول مؤقتة لرفع مستوى السلامة المرورية يجري لتنفيذها لحين استكمال توسعة الطريق وفيما يتعلق بتسليم أمانة العاصمة المقدسة لطريق مكةجدة القديم. كما أشارت إلى أن التنسيق قائم بين وزارة النقل وأمانة العاصمة المقدسة حول الموضوع لجزئية الطريق التي تمر من خلال النطاق العمراني لبحرة وحداء وعن نزع للملكيات في بحرة المجاهدين وبحرة القديمة وحداء لصالح المشروع وأوضحت في تصريحها ذاته أن التصميم المبدئي للطريق عبارة عن أربعة مسارات رئيسية في كل اتجاه بالإضافة إلى طريقي خدمة بالاتجاهين شاملا الإنارة ومعابر للمشاة وتصريف السيول. الحد من الحوادث كشف ل«عكاظ» مدير مرور محافظة جدة المكلف العميد وصل الله الحربي عن جهود تنسيقية بين المرور ووزارة النقل والأمانة للحد من الحوادث على طريق جدةمكة القديم. وقال إن عدم اتباع التعليمات والتقيد بضوابط القيادة الآمنة وتعديل السلوكيات الخاطئة على الطرق سبب رئيسي لوقوع الحوادث، وفيما يخص الحوادث المآساوية التي يشهدها طريق جدةمكة القديم بسبب التقاطعات الخطرة وانعدام الممرات الآمنة للمشاة واللوحات الإرشادية أكد العميد الحربي أنه سيقف بنفسه على وضع الطريق ميدانيا خلال الأيام المقبلة.