يعتبر مسجد البيعة من المساجد الأثرية والتاريخية في مكةالمكرمة، ويطلق عليه مسجد العقبة، وهو مسجد بناه أبو جعفر المنصور سنة 144ه، ومقام مسجد البيعة في نفس المكان الذي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاجتماع مع الأنصار حيث بايعوه بيعة العقبة، وهو مكون من ساحة مكشوفة تقدمها مظلة، ويقع أسفل وادي مشرع منى، على بعد 300 متر من جمرة العقبة على يمين الجسر. وذكر المؤرخون المهتمون بتاريخ مكةالمكرمة: لقد تمت بيعة العقبة الأولى في موضع مسجد البيعة في منى سنة 12 من النبوة 621م حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم 12 شخصا من أعيان قبيلتي الأوس والخزرج من المدينة بحضرة عمه العباس بن عبد المطلب، كما أن بيعة العقبة الثانية كانت أيضاً في هذا الموضع وذلك أثناء موسم حج سنة 13 من النبوة 622م، وحضر هذه البيعة 73 رجلا وامرأتان من أهل المدينةالمنورة، ودعوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي المدينة وقالوا: إلى متى ندع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة، وعرفت هذه البيعة أيضا ببيعة العقبة الكبرى، وبنى أبو جعفر المنصور سنة 144ه /761م مسجدا في موضع البيعة كما هو مصرح في اللوحة التي لا تزال مثبتة في جدار المسجد للقبلة من الخارج وهو مكون من فناء مكشوف تتقدمه مظلة، وقد كان المسجد موضع اهتمام وعناية خلفاء المسلمين على مر التاريخ ولعل بناءه الحالي عثماني من الحجر والجص وهو على بعد 300 متر عن جمرة العقبة الجسر النازل من منى إلى مكةالمكرمة. كان هذا المسجد متواريا وراء جبل العقبة الضخم الذي يعد الحد الطبيعي لمنى في الناحية الغربية، لم يكن هذا المسجد معروفا إلا لمن قرأ عنه وقصده، وكان وضع هذا المسجد واستتاره وراء ذلك الجبل الضخم في ذلك الشعيب الذي يسمى ب «شعيب البيعة» محققا تماما، كما وصفه العلامة الأزرقي وغيره من المؤرخين، واعتبره بعض المهتمين بعد ظهوره اكتشافا اثريا جديدا. وفي الوقت الحاضر أصبح المسجد ببنائه القديم ظاهراً بارزاً للعيان بعد إزالة جبل العقبة العام 1428ه، بعد عمل شاق متواصل ليل نهار لمدة عامين بآليات حديثة متقدمة، واستعمال الديناميت المفجر للصخر ضمن مشروع تطوير وتحسين الجمرات الأخير، حدث كل هذا امتدادا لتطوير الجمرات وتوسعة الساحات حولها. وأوصت اللجنة المشكلة لإعادة النظر في تطوير مشروع الجمرات المنعقدة في 1423ه برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز رحمه الله، بالمحافظة على منطقة شعيب البيعة ككل بحيث لا يمسها المشروع بتغيير، لأنها توثق لفترة تاريخية إسلامية مهمة، كما أوصت اللجنة بمعالجة وضع مسجد البيعة ومعاملته ضمن المخطط مع الأخذ في الاعتبار المحيط الطبيعي لمنطقة شعيب البيعة ومسجده. ولا يزال المسجد قائما بعد إزالة جبل العقبة وتطوير مبنى الجمرات، وقد أحيط بأسلاك شائكة محافظة عليه بعد تجديد دهانه.