عندما تعتذر فروع الجامعات في المناطق البعيدة عن القبول لمحدودية المقاعد، لا يبقى أمام الطالب إلا البحث عن جامعة تحتضنه في غير مدينته، فيقطع مئات الكيلومترات للعيش في مكان بعيد عن مسقط رأسه وعن عائلته، كل ذلك لتحقيق حلمه الذي طالما راوده وهو أن يكمل دراسته الجامعية وإن كان في مدينة غير مدينته وبعيدا عن أهله وأصدقائه وأحبابه. إلا أن ذلك ليس سهلا عليه إذ إنه بعد قبوله في الجامعة البعيدة يواجه مشكلة كبيرة تتمثل في أن يتعود على «حياة العزوبية» ويكل على نفسه في كل تفاصيل الحياة من تحضير الطعام حتى غسيل وكوي الملابس. هذا واقع يعيشه عدد من طلاب جامعة أم القرى الذين أتوا من مناطق متفرقة في المملكة، لتجمعهم حياة العزوبية في شقق الشراكة. «عكاظ» رصدت واقع هؤلاء في مكةالمكرمة. بداية قال فهد الحارثي أحد طلاب جامعة أم القرى قسم الإعلام من مدينة بيشة: «اعتدت العزوبية في مكةالمكرمة»، مشيرا إلى أنه أنهى أربع سنوات من دراسته وهو على مشارف التخرج الآن. وقال: «عندما أتيت أول مرة إلى مكة لم أكن أعرف أحدا فعانيت في الحصول على سكن لكوني عزوبيا، فسكنت في غرفة واحدة، ولجأت في الشهور الأولى إلى الاستعانة بالمطاعم والأكلات الجاهزة، إلا أنني توقفت عن ذلك كون المكافأة التي أستلمها من جامعتي لا تكفي فأجبرت على إعداد الطعام بنفسي وبمساعدة والدتي، ولكن في أيام الاختبارات نلجأ للاستعانة بالمطاعم والأكل الجاهز. وقال سمير الزهراني، أحد طلاب جامعة أم القرى من الباحة: «تعرفت في السنة الأولى من دراستي على مجموعة من الطلاب القادمين من خارج مدينة مكةالمكرمة، فبحثنا عن سكن لنا ولم نجده إلا بعد صعوبة لقلة توفر سكن للعزاب، فكان هناك تنظيم بيننا من حيث الطبخ والنظافة وكل أمور السكن، إلا أننا نعاني في موسم الحج من الخروج مبكرا من السكن كونه للحجاج فنلجأ في بعض الأوقات إلى النوم في داخل سياراتنا أو السكن في جدة أو الطائف». وقال ماهر المحوري، أحد طلاب جامعة أم القرى من جدة، إنه سكن في إحدى الاستراحات المجاورة للجامعة مع بعض زملائه. وأضاف: «تعودنا وتعلمنا الكثير من حياة العزوبية، ففيها يعتمد الكل على نفسه»، مشيرا إلى أن الكثير من الأمور التي ينبغي أن يتعلمها الإنسان في حياته أغلبها تختبئ وراء «حياة العزوبية».