يتخيل البعض أن الكنتوب هو اسم رواية أو كتاب جديد، لكنه في واقع الأمر أحد أحياء منطقة نجران ويقع في الشق الجنوبي من مدينة الفيصلية، ويشكل ذاكرة لا تنسى لسكانه وزواره، كما أنه يضم بين جنباته العديد من مثقفي وشعراء المنطقة، ولأن نجران مدينة قديمة وذات بعد حضاري ضارب في التاريخ فلن تجد مكانا فيها إلا وله علامة تاريخية تميزه عن غيره. عدد من الأهالي تحدث ل «عكاظ» موضحا أن حي الكنتوب ذا الشوارع الضيقة والمحاذي للشريط الزراعي الشمالي لوادي نجران كان مجمعا تجاريا تعود أحدث وثائقه لعام 1286ه، فيه يجتمع الناس لمرة واحدة كل أسبوع للتبادل التجاري والاجتماعي فيما يعرف بظاهرة الأسواق القبلية في نجران على مدى قرون كثيرة خلت، وكان سوق يوم الجمعة من نصيب حي الكنتوب الحالي. لذا فهو مكان يعرف أيضا بسوق الجمعة، وهي أسواق تخضع لرقابة الأعراف القبلية وتنظيمها الدقيق جدا والآمن، تم تخطيطه وتوزيعه على السكان وبدأ البناء به جنبا إلى جنب حي الفيصلية والضباط المجاورين من الشمال والذي يفرق بينهما الشارع العام طريق الملك عبدالعزيز، حتى أضحت المنطقة الآن وبعد مضي 30 عاما من أهم المناطق التجارية والسكنية في نجران وأكثرها ازدحاما وأولاها بالاهتمام من قبل الجهات الخدمية الحكومية. ويرى الأهالي أن المشاهد لحال عدد من الأحياء وخاصة حي الكنتوب يجد أن شوارعه المعبدة لم تعرف اللون الأسود إلا مرة واحدة حين تم تخطيطه قبل 30 عاما، هذا إذا استثنينا أعمال الحفر والردم. فهو حي يغرق في شبر ماء، وتمتلئ شوارعه بالحفر ويفتقد للتنظيم، رغم أنه مفتوح على طريقين هامين في نجران هما طريق الملك عبدالعزيز شمالا وطريق الملك عبدالله جنوبا عبر المنطقة الزراعية. ويوضح الأهالي أن الحي يحتوي على مدرستين بنين وبنات، ومقبرة في جانب منه، وشرع أحد المقاولين قبل 6 أشهر في تجديدها، ثم توقف بعد أن هدم سورها، دون أن يعود ليبني ما تم هدمه، أو يكمل ما تم بناؤه، حي يخلو من الأرصفة، يجول ويصول فيه قائدو المركبات بسرعات جنونية لخلوه من المطبات الاصطناعية التي تكبح جماح المتهورين، وتحمي الأطفال الغادين والرايحين لمدارسهم. واللافت للنظر، على حد قول أحد الأهالي، أن مساحات زراعية كبيرة في جانبي الحي من الغرب والجنوب تحولت بدورها إلى مناطق سكنية وعمارات وفلل حديثة، إلا أنها لم تصلها الخدمات البلدية الأساسية كالصرف الصحي والمياه، رغم أن صنبور المياه لا يبعد أكثر من 100 متر، كما أن هناك مشروع تجميع صرف صحي في الحي متعطل منذ سنتين، والغريب في الأمر أنه يتنقل من مقاول متعثر لآخر أكثر تعثرا. ويجأر سكان حي الكنتوب بالشكوى من انتشار المخالفين للأنظمة من مستثمرين لشقق العزاب بين الأهالي، بخلاف انتشار المقاهي الشعبية في الحي، فيما يشير الأهالي إلى عدم الالتفات لشكاواهم المتكررة لنقل هذه المقاهي بعيدة عن المناطق السكنية رغم أن التعليمات واضحة في هذا الشأن، كما أن أمانة نجران لا تبعد أكثر من كيلو متر واحد عن الحي. ويلفت الأهالي إلى افتقاد حي الكنتوب إلى لوحة تعريفية، رغم احتوائه على مدخلين كبيرين على طريق الملك عبدالعزيز، أحدهما مكان خصب ودائم لتجميع مياه الأمطار، مشيرين إلى تهالك أعمدة الإنارة وعدم اتساقها مع الأشكال الحديثة المنتشرة في أحياء المنطقة. مقاه شعبية يشكو سكان حي الكنتوب من انتشار المخالفين لأنظمة البلدية من المستثمرين في المساكن والشقق، حيث يؤجرون الشقق للعزاب بين الأهالي، كما تنتشر المقاهي الشعبية في جنبات الحي بشكل لافت، حيث ناشد الأهالي الجهات ذات الاختصاص أكثر من مرة، إلا أن شكاواهم تظل حبيسة الأدراج ولا يلتفت إليها، فيما طالبوا بضرورة نقل هذه المقاهي بعيدا عن المناطق السكنية، مؤكدين أنها تسبب إزعاجا وإحراجا للعائلات.