أكد الدكتور عبدالله بن حميد، المستشار الشرعي لسمو أمير منطقة عسير أن تعاليم الإسلام وضعت لنا من المبادئ القويمة والقيم السامية ما تكفل لنا حياة اقتصادية مطمئنة عادلة لا يجور فيها الغني على الفقير ولا يصبح فيها الفقير ذليلا ولا مستعبدا للمال ولا لأصحاب رؤوس الأموال. وقال إن الإسلام قيد حرمة المال فحرم الربا ومنع الإقراض بالفائدة، ووضع ضوابط حكيمة للإقراض بحيث تسمح بالاستفادة منه بالقدر الذي لا يضر بالفرد والمجتمع، ونهى عن الاستدانة لغير حاجة ماسة، وعن المماطلة في أداء الدّين بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ بالله تعالى من المغرم وهو الدّين فيقول: «اللهمّ إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدّين وقهر الرّجال»، ويقول: «اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم» فقال قائل: يا رسول الله ما أكثر ما نجد تستعيذ بالله من المغرم، فقال عليه الصلاة والسلام: «إن الرجل إذا غرم حدّث فكذب ووعد فأخلف»، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدّين وغلبة العدو وشماتة الأعداء». أشار ابن حميّد إلى أن الإسلام أجاز الإقراض بضوابطه الشرعية فقد أجاز القرض الحسن ليشيع في أبنائه روح المحبّة والتكافل الاجتماعي، ولكنه حرّم الإقراض بالفائدة لما في ذلك من ابتزاز المحتاج الذي ألجأته الضرورة أو الحاجة للاقتراض ولهذا قال الله تعالى: «وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون» وبما أن النظام الرأسمالي يسمح الإقراض بالفوائد فقد أضرّ به إضراراً بالغا في أسواق المال وتسبب في ذلك الزلزال العنيف في أسواق البورصة والبنوك الرأسمالية. وقال بن حميد: «لقد كانت مفاجأة لنا نحن المسلمين أن يترنح اقتصاد قوم يقوم على مبدأ الحرية المطلقة ويتغذى على الربا الذي حرّمه الله من فوق سبع سنوات في قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون»، كما لعن الله آكل الرّبا وموكله وكاتبه وشاهده، وقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «الربا سبعون حوباً أهونها مثل أن ينكح الرجل أمه» مضيفا بقوله: ليس غريبا أن نسمع هذه الأيام بتدهور اقتصاد دول كبرى يقوم على الكمبيالات والديون وأكل أموال الناس بالباطل، ولكنّ الغريب أن يتفاجأ العالم المتقدم تقنيا بذلك الانهيار المالي ذلك العالم الذي لا يُؤمن إلا بالقيم الرأسمالية ولا يخضع إلا لأفكارها ولا يحترم إلا بأبجدياتها وأدبياتها هكذا قامت بنوكهم وبورصاتهم وأسواقهم العالمية حتى حصلت لهم تلك الهزة الاقتصادية بشكل قوي ومرعب «ليذيقهم الله بعض الذي عملوا لعلّهم يرجعون».. الآية. وأوضح أن الإسلام علّمنا أنه لا توجد في السوق حرية مطلقة وإنما منضبطة بضوابط الشرع الحنيف، ولهذا فقد حرم الله كل صورة من صور المبايعات التي تشم فيها رائحة الربا، ومن ذلك تحريم بيع العينة والغرر وبيع الآجل على بيع أخيه وتلقي الركبان، وحرم بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والقمار والميسر والاحتكار إلى غير ذلك من البيوع المحرمة وأحلّ الله البيع وحرّم الربا، لقد تعلّم اليهود والنصارى قبل ذلك في كتبهم المنزلة على أنبيائهم ورسلهم عليهم الصلاة والسلام حرمة الربا كما في قوله تعالى: «فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلّت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيراً وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذاباً أليما». وحيث إن أسواقهم لا تؤمن إلا بالنظم التي تجيد وسائل تحصين المال من حلّه وحرامه فقد انحرفوا عن طريق الحق وخالفوا تعاليم الخالق سبحانه وتفننوا في تقنين تعاليم قاصرة تخالف تعاليم السماء فأصدروا قوانين تبيح الربا ومبادئ اشتراكية ورأسمالية تحترم المال ولا تحترم الإنسان بل تجعله عبداً للدرهم والدينار، بل ونجدهم قد وضعوا تشريعات تقدس الغني وتدوس الفقير بالأقدام وهذا هو عين الظلم الذي حرمه الله تعالى فأصابهم بسبب ظلمهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. وبسبب الحرية المطلقة التي فتحوها على مصراعيها دون مراعاة للفروق الفردية والاجتماعية وإنما استغلوا حاجة الفقراء والمعوزين وكبّلوهم بأغلال الديون الربوية والفوائد المركبة فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وأعلنوا انهيار أسواقهم وإفلاس بنوكهم.