يقطع عابرو عقبة قدران في محافظة محايل عسير مسافة 20 كيلو مترا في ساعتين أو أكثر، يواجهون خلالها مخاطر طريق وعر لا يخلو من المنحنيات والانحدارات شديدة الخطورة، وتتناثر على امتداده الصخور بمختلف أحجامها، يتعرضون أثناء سيرهم لخطر الموت صباحا، أو يتعرضون لغارات اللصوص المجهولين أو لدغات الثعابين والعقارب السامة مساء، وهذا الطريق بالرغم من منحدراته الخطيرة، وأعمال المجهولين من سرقة وابتزاز ليلا، إلا أنه يظل الطريق والمنفذ الوحيد ل 15 ألف مواطن متناثرين في عدة قرى. ووفق الأهالي فإن مشروع سفلتة عقبة قدران الذي يربط قنا بقرى سيال بالمجمعة والفسحة، تم اعتماده منذ سنوات ولم يتم تنفيذه، في الوقت الذي ما زال الطريق يحصد الأرواح ويتلف المركبات، فضلا عن أعمال النهب والسلب من قبل مجموعات مجهولة تختفي حول الطريق، ما اضطر الأهالي إلى تسميته بطريق "النهاية"، ويرون أن العقبة لا يسلكها إلا سائق متمكن صاحب خبرة كبيرة بمنحنيات ومخاطر العقبة. وبادر أحمد المصلبي بإبداء النصح لنا في بداية صعودنا العقبة، بالعودة وعدم المجازفة في إكمال مسار العقبة، لأن الطريق من الصعوبة جدا أن تسلكه سيارة دون الدفع الرباعي، وقال "كم من أناس لقوا حتفهم في هذا الطريق، خصوصا المرضى". وأضاف "عند هطول الأمطار تسوء الأمور أكثر، فعادة تصاحب الأمطار انهيارات صخرية على الطريق، فضلا عن السيول التي تمر بالطريق وتؤدي إلى إغلاقه، وبالتالي نصبح في عزلة تامة وتتعطل مصالح الأهالي، وما زلت أتذكر عدم استطاعة معلمات يسكن خارج المنطقة من مغادرة القرى، جراء سيل داهم الطريق وظللن في المنطقة حتى اليوم الثاني". من جهته، استغرب مصلح علي عمر عدم تنفيذ مشروع العقبة بالرغم من اعتماده منذ سنوات، والإعلان عنه في وسائل الإعلام، ولم يتحقق الحلم على أرض الواقع - على حد قوله - ويستعيد مصلح بذاكرته حادثة مقتل مواطن وزوجته حاولا مقاومة مجهولين هموا بسرقة ممتلكاتهما أثناء عبورهما الطريق مساء، مشيرا إلى أن المجهولين وجدوا وعورة وصعوبة الطريق موقعا مناسبا للتخفي حول منعطفات الطريق، وممارسة السرقة وابتزاز العابرين بالرغم من جهود رجال الأمن في مواجهتهم، وقال "لو تم تنفيذ الطريق وسفلتته لانتهت تلك الحوادث إلى غير رجعة". بدوره، بين عبدالله محادي (سائق نقل معلمات) أن أغلب المعلمات اللاتي يتم تعيينهن في قرى قنا يصبن بحالة إحباط شديدة تغتال فرحة التعيين، وقال "فضلت معلمة عدم مباشرة العمل في هذه القرى بعدما شاهدت الطريق وعاشت خطورته"، مضيفا أن الأجر السنوي الذي يتقاضاه لنقل المعلمات يصل للضعف عن أي موقع آخر، نظرا لطبيعة المكان ولتكاليف الصيانة الدورية على المركبة. وأبدى محمد المصلبي من سكان القرى معاناته خلال عبوره طريق العقبة الذي يربط قرى قنا بمحايل عسير وما حولها، وقال "نخاطر بحياتنا حتى لا تتعطل مصالحنا، فهذه العقبة رغم قصر مسافتها التي لا تتجاوز ال20 كلم، يستغرق قطعها أكثر من ساعتين نظل خلالها في مواجهة مع الموت"، مستشهدا بحادثة على موقع متعرج من الطريق وساهم مع آخرين في إنقاذ عدد من مصابي الحادث، وبين أن وعورة الطريق تفاقم أوضاع ضحايا الحوادث بسبب عدم مباشرة آليات الدفاع المدني والهلال الأحمر في الوقت المناسب، مشيرا إلى أن حالات ولادة حدثت في منتصف الطريق أثناء محاولة نقل الحوامل إلى المستشفيات في المراكز والمحافظات المجاورة، وطالب المصلبي إدارة النقل بتنفيذ مشروع سفلتة طريق العقبة بأسرع وقت ممكن، محملا معاناة الأهالي لإدارة النقل في المنطقة. أولويات المشاريع إلى ذلك، قال مدير إدارة النقل في منطقة عسير المهندس علي بن سعيد بن مسفر، إن مشروع عقبة قدران يأتي ضمن أولويات عدة مشاريع طرق في المنطقة، ويعد من أولويات مشاريع الإدارة، وسيتم البدء في تنفيذه فور صرف الاعتماد المالي من قبل الوزارة.