ندرك حجم التباين في المواقف السياسية بين المملكة وإيران حول الأزمة السورية، وندرك أيضا بأن هذا التباين، الذي لم يعد سرا، يشمل عددا من الدول الكبرى أبرزها أمريكا وروسيا وبريطانيا والصين، فضلا عن الدول المحورية في المنطقة ومنها تركيا ومصر، ولكن ذلك الانقسام يجب ألا يسهم في استمرار إراقة الدماء ونمو التطرف وزعزعة الاستقرار العالمي، وهو المطلب الذي تتفق عليه جميع الدول المنقسمة حول الأزمة السورية، ولكنها تختلف في آلية الوصول إلى هذا الهدف، وهذا يحتاج إلى تعاون جميع الدول لعقد مؤتمر للسلام، تقدم فيه الدول الكبرى والإقليمية وأطراف النزاع في الداخل السوري، تنازلات جادة من شأنها وضع حد لتنامي العنف والقتل، من خلال تشكيل حكومة انتقالية، تحقق إرادة الشعب السوري وتضمن لجميع أطياف الشعب العيش بأمن وأمان. إن زيارة وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، أمس الأول، للمملكة واجتماعه بنظيره السعودي الأمير سعود الفيصل، يمثل أحد المفاتيح المهمة لحل الأزمة السورية، فضلا عن التحركات السياسية التي شهدها ويشهدها العالم هذه الأيام في ذات الاتجاه، ومنها زيارة جون كيري لروسيا وكذلك زيارة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس لواشنطن بعد زيارته لموسكو، وكل هذه التحركات إذا لم تسهم في تجسير الفجوة بين أطراف النزاع في الداخل والخارج السوري، فإنها ستكون بلا فائدة. لا بد أن تتواصل المشاورات والاتصالات بين جميع الدول الكبرى والإقليمية على جميع المستويات لتوسيع آفاق الحل، وتحقيق مصلحة الشعب السوري وجميع دول المنطقة، بما يعزز الاستقرار العالمي في كافة الاتجاهات الأمنية والاقتصادية، وهذا لن يتم دون تعاون جماعي يتعدى محيط المصالح الفردية والمباحثات المتعثرة وتغذية أطراف النزاع السوري بالسلاح.