ينظر الكثيرون للعمل التطوعي على أنه أحد أهم رموز التكاتف والتعاون بين أفراد المجتمع لما يمثله من تجسيد عملي لمبدأ التكافل الاجتماعي وما يحتويه من قيم وأعمال إنسانية وخيرية. وفي المملكة، ورغم التنشئة الإسلامية للمجتمع التي تحض على التكاتف والتعاضد إلا أن ثمة معوقات تقف حجر عثرة أمام تنظيم العملية التطوعية تنظيما دقيقا يعيد فوائدها على كافة أفراد المجتمع «عكاظ» كانت حاضرة في افتتاح دورة (إعداد وتدريب المدربين الحاصلين على رخصة TOT) التي نظمتها الجمعية السعودية للعمل التطوعي (تكاتف) بهدف نشر ثقافة العمل التطوعي وضمت نحو 20 مدربا ومدربة ووقفت على حجم الجهد المبذول للقضاء على العشوائية التي تلازم العملية التطوعية في المملكة، حيث أكد جميع المشاركين ل«عكاظ» الحاجة لأنظمة ولوائح تضبط العملية التطوعية وتضفي طابعا من الاحترافية عليها. عقلية محترفة يقول فاروق الزومان: المتطوع هو ذلك الشخص الإيجابي الذي يحاول المساعدة في أي مجال يستطيع أن ينجز فيه عملا ما ويسعى إلى التعاون مع أفراد المجتمع للرقي إلى حياة أفضل، مشيرا الى أنه من الأهمية بمكان تدريب المتطوعين وتأهيلهم على طبيعة المهام الموكلة لهم وتعميق خبراتهم بتبادلها مع من سبقهم وإكسابهم مهارات جديدة تحسن من أدائهم. وأشار إلى أن العمل التطوعي في المملكة يعاني من عدم الاحترافية لذلك فإن توجه جمعية ناشئة مثل «تكاتف» لإقامة مثل هذه الدورات يؤكد أن مستقبل العملية التطوعية بخير طالما ان هناك تخطيطا بهذه العقلية. وتؤكد نادية فهد الصعيدي وهي مدربة متخصصة في العلاقات الإنسانية وتطوير الذات أن العمل التطوعي في المملكة يحتاج لمزيد من التنظيم حتى يؤدي رسالته على اكمل وجه، عازية عدم التقدم في مجال العمل التطوعي إلى الضبابية التي تسود مجال العمل التطوعي من حيث القوانين المنظمة. تحفيز المتطوعين أما سلطان الحربي (مدرب معتمد) فنبه إلى مسألة «تحفيز» المتطوعين باعتبار انه يلعب دورا كبيرا في المحافظة عليهم ويجعلهم يبذلون قصارى جهدهم لخدمة العمل، مؤكدا أن ذلك سيصب في مصلحة العمل بشكل عام وسيمنحهم مزيدا من الاحترافية في ممارسة هذا الدور المهم وسط المجتمع. أما الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن العويرضي عضو المنظمة العالمية للأسرة والمدرب المعتمد في التنمية الاسرية فأكد أن الالتزام بالتعهدات والجدية في العمل والاندماج الفعلي في الخدمة التطوعية مطلب ضروري وملح لكسب ثقة المجتمع بأبنائه، وطالب العويرضي بمزيد من العلمية والمؤسسية في ممارسة العملية التطوعية، منبها لضرورة معالجة عدد من المعوقات التي تعترض العمل التطوعي في المملكة مثل قلة التعريف بالبرامج والنشاطات التطوعية التي تنفذها المؤسسات الحكومية والأهلية. مرجعية تطوعية وتقول عفاف عبدالعزيز القاضي المدربة المتخصصة في التنمية البشرية وتطوير الذات: أصبح العمل التطوعي ركيزة أساسية في بناء المجتمعات ونشر التماسك الاجتماعي بين المواطنين، مشيرة الى انها ظلت تعمل في هذا المجال منذ العام 2007 لكنها لاحظت عشوائية كبيرة في التنظيم وهو ما يؤكد الحاجة الى جهة مشرفة تكون مرجعية لكل الجهات العاملة في هذا المجال. فجوة ثقافية وأخيرا، تقول شدا عبدالله الدهش كبير المحللين الإداريين في مستشفى الملك فيصل التخصصي: رغم البيئة الخصبة التي تتميز بها المملكة والممهدة لانتشار ثقافة العمل التطوعي إلا أن خطوات كثيرة ما زالت تنتظر القائمين على هذا الأمر للوصول للاحترافية اللازمة في هذا المجال، مشيرة إلى أن الحاجة لجهة راعية ومنظمة للعمل التطوعي اصبحت ضرورة ملحة خاصة في ظل الفجوة الثقافية التي تعاني منها الاجيال الجديدة.