ينظر الكثيرون للعمل التطوعي على أنه أهم رموزِ التكاتف والتعاون بين أفراد المجتمع لِما يمثِّله من تجسيد عملي لمبدأ التكافل الاجتماعي وما يحتويه من قيَمٍ وأعمال إنسانية وخيرية، ويخضع العمل التطوعي في مجمله لقناعة الفرد ومدى شعوره بالمسؤولية ،لذلك يرى عددٌ من المختصين أن التحدي الحقيقي في هذا الجانب يكمُن في توظيف المتطوعين «رأس المال الاجتماعي» في ثورة علمية تصب في خدمة المجتمع بأكمله، ففي المملكة ثمّة معوِّقات تقف حجرعثرة أمام تنظيم العملية التطوعية تنظيما دقيقا يعيد فوائدها على كافة أفراد المجتمع . عقلية محترفة يقول فاروق الزومان المتطوِّع هو ذلك الشخص الإيجابي الذي يحاول المساعدة في أي مجال يستطيع أن ينجز فيه عمل ما ويسعى إلى التعاون مع أفراد المجتمع للرُقي إلى حياة أفضل ، مشيراً إلى أنه من الأهمية بمكان تدريب المتطوعين وتأهيلهم على طبيعة المهام الموكّلة لهم وتعميق خبراتهم بتبادلها مع من سبقهم، وإكسابهم مهارات جديدة تُحسِّن من أدائهم، مبيناً أن العمل التطوعي في السعودية يعاني من عدم الإحترافية، لذلك فان توجه جمعية ناشئة مثل «تكاتف» لإقامة مثل هذه الدورات يؤكد أن مستقبل العملية التطوعية بخيرٍ طالما أن هناك تخطيط بهذه العقلية. هناك كثير من المعوّقات التي تواجه المتطوّعين مثل ضعف الموارد المالية للمنظمات التطوعية وسيادة بعض الأنماط الثقافية السائدة في المجتمع كضعف الوعي بمفهوم وفوائد المشاركة في العمل الاجتماعي التطوعي أنماط سائدة وتؤكد نادية فهد الصعيدي وهي مدربة متخصصة في العلاقات الانسانية وتطوير الذات أن العمل التطوعي في المملكة يحتاج لمزيد من التنظيم حتى يؤدي رسالته على أكمل وجه، مشيرةً إلى أن المتطوع إذا لم يجد الجرعات التدريبية اللازمة التي تعينه على أداء دوره في الحياة سيتحرك بدون دراية وبالتالي لن يُحقّق الهدف المنشود. تحفيز المتطوعين ونبّه سلطان الحربي «مدرب معتمد» إلى مسألة «تحفيز» المتطوعين باعتبار أنه يلعب دوراً كبيراً في المحافظة عليهم ويجعلهم يبذلون قصارى جهدهم لخدمة العمل ،منوَّهاً إلى أن التحفيز يمكن أن يكون بإشراكهم في صنع القرار أو شكرهم على مسمع من أقرانهم المتطوعين. تطوير الأنظمة والتشريعات من جانبه أكد عضو المنظمة العالمية للأسرة والمدرب المعتمد في التنمية الأسرية الدكتور عبدالله العويرضي أن الالتزام بالتعهدات والجديَّة في العمل والاندماج الفعلي في الخدمة التطوعية مطلبٌ ضروري ومُلِحٌ لكسب ثقة المجتمع بأبنائه، وطالب العويرضي بمزيد من العلمية والمؤسسية في ممارسة العملية التطوعية، مشيراً إلى أن جمع «تكاتف» وتدريبها لعدد من القيادات على نشر ثقافة العمل الطوعي خطوة في الاتجاه الصحيح، منبها لضرورة معالجة عدد من المعوقات التي تعترض العمل التطوعي في السعودية مثل قلة التعريف بالبرامج والنشاطات التطوعية التي تنفذها المؤسسات الحكومية والأهلية وعدم السماح للشباب بالمشاركة في اتخاذ القرارات داخل هذه المنظمات وقلة البرامج التدريبية إضافةً إلى قلة التشجيع على العمل التطوعي . مرجعية تطوعية أما المدربة المتخصصة في التنمية البشرية وتطوير الذات عفاف القاضي فقالت أصبح العمل التطوعي ركيزة أساسية في بناء المجتمعات ونشر التماسك الاجتماعي بين المواطنين، مشيرةً إلى أنها ظلت تعمل في هذا المجال منذ العام 2007، لكنها لاحظت عشوائية كبيرة في التنظيم وهو ما يؤكد الحاجة إلى جهة مشرِّفة تكون مرجعيّةً لكل الجهات العاملة في هذا المجال . فجوة ثقافية كبير المحلِّلين الاداريين في مستشفى الملك فيصل التخصصي شدا الدهش قالت هي الأخرى:» رغم البيئة الخصبة التي تتميز بها المملكة والممهدة لانتشار ثقافة العمل التطوعي، إلا أن خطوات كثيرة ما زالت تنتظر القائمين على هذا الأمر للوصول للاحترافية اللازمة في هذا المجال»، مشيرةً إلى أن الحاجة لجهة راعية ومنظمة للعمل التطوعي أصبح ضرورة مُلِحَّة خاصة في ظل الفجوة الثقافية التي تعاني منها الأجيال الجديدة، فكثير من شبابنا اليوم لا يعرفون حتى قيمة الفلوس أو قيمة الحياة، فهؤلاء بحاجة لمزيد من الوعي الذي يمكن أن يُسهِم في تعزيز انتمائهم ومشاركتهم في المجتمع وتنمية قدراتهم ومهاراتهم الشخصية والعلمية والعملية.