صمدت العصابة العسيرية أمام التمدن الذي طال مختلف نواحي الحياة في المملكة. وقاوم الطوق الذي يزين رؤوس الرجال بالنباتات العطرية، الاندثار، إذ ظل محافظا على وجوده في المنطقة من مئات السنين، وتعددت مسميات عصابة الرأس وفقا لاختلاف مناطق عسير، ويطلق عليها في المرتفعات الجبلية «الغراس» أو «اللوية» وفي تهامة يتعارف عليها باسم «المخضارة» أو «الخظور». وتصنعها النساء لرجالهن، على شكل طوق مزين بالنباتات العطرية، كالكادي والبرك والريحان والورد والبعيثران والوزاب والسكب وغيرها. ويضع الرجل الجنوبي هذه الغراس على رأسه لتزين شعره وتضفي عليه رائحة عطرية، ويحرص على ذلك عند حضور المناسبات الاجتماعية والذهاب إلى الصلاة وخصوصا الجمعة. ويحرص العسيريون على ارتداء الغراس، كإشارة إلى محافظته على هذه العادة الأصيلة وتعبيرا عن عشقه لزهور ورياحين المنطقة، ويرون أن ربط الرأس بالغراس تقليد ضارب في القدم لدى أبناء المنطقة الذين ولدوا وتربوا منذ طفولتهم عليها كعادة رجالية، كما أن اللوية أو العصابة اشتقت تسميتها من طريقة وضعها على الرأس، فهناك من يعصبها على رأسه فتسمى عصابة، وهناك من يلويها فقط على الرأس وتسمى في هذه الحالة لوية. وكانت النساء قديما تقوم بحياكتها بطريقة فنية ومتناسقة في منازلهن، لدرجة أنهن يتنافسن فيما بينهن حول العصابة الأكثر جمالا والأزكى رائحة، أما الآن فيمكن شراؤها من كبيرات السن المتواجدات في أسواق المنطقة الشعبية، والعصابة لا تدوم طويلا بحكم أنها نباتات تتعرض للجفاف ومع ذلك تحتفظ بعبقها ورائحتها الزكية حتى بعد ذبولها، ويمكن الاستفادة منها في هذه الحالة بطحنها وتعليقها لاحتفاظها بالرائحة لمدة طويلة، وهي تحتاج إلى عناية خاصة خلال لبسها ونزعها كي لا تسقط منها النباتات. وأوضح سعيد مفرح العسيري أنهم عرفوا الريحان منذ طفولتهم، مؤكدا أن تلك النبتة كانت مزروعة في المنازل والمساجد، لافتا إلى أنه يندر أن يوجد منزل يخلو من الريحان والزهور.. بينما، أفاد عبدالله محمد العمري أن العصابة العسيرية تقاوم الاندثار، لافتا إلى أن الشباب يعزفون عنها، في ظل انتشار العطور، ولم يعد يستخدمها سوى كبار السن.