اقتربت ساعة الصفر من إعلان هوية رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم وخلال الساعات القليلة المقبلة تنصب القارة الصفراء قائدها الرياضي لأربعة مواسم جديدة، خلفا للقطري المثير للجدل محمد بن همام الذي شهدت حقبته تحولا نوعيا على مستوى الرياضة في أكبر قارات العالم لكنها لم تخل من جملة أزمات انتهت بها أخيرا خارج السابق بقرار اختياري لكنه ليس محضا، ليترك على عاتق خلفه مسؤولية جسيمة في إعادة وحدة الاتحاد وهيبته التي تصدعت في الأشهر الماضية بشكل واضح. وبين أربعة مرشحين هم يوسف السركال وسلمان الخليفة وحافظ المدلج ووراوي ماكودي، تدور رحى حرب انتخابية ضروس هي في كل الأحوال وبحسب قراءة أولية تمثل حسابات خاصة لدول وأقاليم تدعم مرشحيها من منطلق المصلحة والاستفادة والقناعة من وجود من يمكن أن يضيف لها في الدورة الجديدة، ومع تنازال عداد الوقت تشتعل حرارة التصريحات بين المرشحين إذ أوقد السركال شعلتها بتشكيك مثير للقلق حين انتقد تدخلات المجلس الأولمبي الآسيوي بقيادة رئيسه أحمد الفهد، متهما إياه بدعم المرشح البحريني بطريقة يراها مرفوضة وطالب بتدخل المسؤولين في الاتحاد الآسيوي والتصدي لها، وهو أمر من شأنه أن يسوغ لمرحلة نقض متوقعة قد تدخل العرب في أتون معركة جديدة للنقض أو تصفية الحسابات. استقلالية السركال يبقى تصنيف المرشح الإمارتي يوسف السركال في خندق رئيس الاتحاد الآسيوي السابق محمد بن همام مأزقا لم يفلح في الخلاص منه، كون الأخير ذهب أولا وأخيرا تحت بند مزاعم فساد، وهو ما يجعل أمر التشكيك في استقلالية قراره واردة ولربما وجد نفسه في مجابهة التكتلات التي أسقطت رئيسه السابق، وإذا ما نجح في تجاوز هذا المطب سيصبح حينها الأوفر حظا إذ يتمتع بشبكة علاقات جيدة وخبرة قد تزيد من أسهمه لدى مرشحي آسيا الوسطى وشرق القارة، إذ شغل منصب نائب رئيس الاتحاد الاسيوي لكرة القدم منذ 2007 وحتى استقالته قبيل الترشح للانتخابات رسميا، وسبق ذلك جملة من المناصب بينها عضوية المكتب التنفيذي بالاتحاد الاسيوي ورئاسة لجنة المسابقات بالاتحاد الاسيوي ثم لجنة الحكام، وكان نائبا رئيس اللجنة القانونية، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل كان عضوا في اللجنة المنظمة لمنافسات كرة القدم في أولمبياد لندن 2012، وكان عضوا في لجنة التفتيش لاستضافة ألمانيا لنهائيات كأس العالم 2006. أطلق ثلاثة وعود أساسية لمرشحيه توحيد كرة القدم الآسيوية ونبذ المركزية، زيادة المداخيل والوضوح في كشف التفاصيل والتمثيل العادل لجميع ممثلي الدول الاعضاء. شبهات ماكودي وليس ببعيد عن حظوظ السركال يواجه المرشح التايلندي وراوي ماكودي تحديا في الخروج من شباك ابن همام إذ أنه في نظر كثيرين من المحسوبين عليه بل إنه كان طرفا في بعض الإشكالات والتهم التي طالته ومزاعم الفساد التي أثارت الشكوك حوله لكنه نفذ منها بقوة، كما أنه تورط أكثر من مرة على الصعيد المحلي في بلاده، لكن ورقة النجاح بالنسبة له تعتمد على شبكة علاقاته الواسعة في الشرق والوسط الآسيوي كما أنه بات المرشح الوحيد عنه ما يعني أنه الخيار المنطقي الأبرز لأكثر من 8 دول، يملك خبرة كبيرة وشغل مناصب رفيعة لفترات طويلة كونه عضوا في المكتب التنفيذي بالاتحاد الآسيوي لكرة القدم وعضو اللجنة التنفيذية بالاتحاد الدولي، وأبرز ما وعد به هو تغيير شكل دوري أبطال آسيا ودعمه والسماح لعدد أكبر من أندية الدول الأعضاء بالمشاركة في البطولة التي تقتصر حاليا على بعض الدول، ويراهن على أنه ضمن حتى الآن 11 صوتا ما يعزز موقفه بقوة بين المرشحين. الأولمبي يدعم سلمان تبدو توازنات المرشح سلمان بن إبراهيم آل خليفة عامل قوة له في الانتخابات إذ يبدو أنه أمام مفترق طرق صعب لكنه يدرك جيدا أن وجود الدعم الأولمبي الآسيوي قد يكون جاذبا للكثير من الأصوات، إذ أتت تحركات الشيخ أحمد الفهد أؤكلها في جلب موافقات لبعض الأصوات وهي ما رأها منافسه السركال انتهاكا للعدالة والحياد من قبل المجلس الأولمبي أو من يمثله، وحتى قبل ساعات من الانتخابات يراهن الشيخ أحمد الفهد على أنه صاحب أكبر فرصة للفوز بين المرشحين الأربعة، ورغم خبرته الجيدة في الاتحاد القاري والدولي بتوليه رئاسة لجنة الانضباط بالاتحاد الآسيوي ثم الانضباط في الاتحاد الدولي (الفيفا)، لكنه لا يحظى بذات العلاقات المتينة التي يحظى بها منافساه السركال وماكودي في شرق القارة، ويشغل حاليا عضوية اللجنة التنفيذية لنهائيات كأس العالم 2014، وبعد فشله في فترة سابقة ضد ابن همام تبدو حظوظه أقوى هذه المرة وقد تضعه على هرم العرش الآسيوي في حال انسحب المرشح السعودي الذي اقتطع حصة من الأصوات التي كانت ستنحاز له أو للسركال، ويشكل تواضع الإمكانيات الرياضية في البحرين وعجزها في عدة مرات من تحقيق إنجازات على مستوى اتحادها نقطة ضعف إضافية. وفي حملته الانتخابية أعطى سلمان أولوية لمحاربة التلاعب والفساد والعقوبات الرادعة للمتورطين فيها، ويتقاطع مع السركال في الشفافية والوضوع وزيادة الموارد المالية. حافظ واللحظات الأخيرة يبقى الدكتور حافظ المدلج الأضعف حظا بين المرشحين الأربعة، ليس للحملة الانتخابية المتواضعة ولكن لما يعتقد أنه مسوغ لترشحه وهو إحداث توافق على مرشح عربي أو الحصول على مكتسبات قيمة كمنصب نائب الرئيس، إذ لا يحظى المدلج بالخبرة العريضة ذاتها لبعض المرشحين لكنه يكتسب ثقلا قويا من موقعه ضمن المملكة العربية السعودية بكل ما تحمله من ثقل سياسي واقتصادي وقبل ذلك رياضي، ورغم الاختلاف حول المرشح المدلج حتى في الداخل وانتقاد توقيت حملته التي وصفت لدى البعض بأنه «غير جدية» كونها في وقت غير مدروس ومع منافسين يفوقونه كثيرا في الخبرة والعلاقات والتشعب في الاتحاد القاري، إلا أن المدلج شغل منصب رئيس لجنة التسويق بالاتحاد الآسيوي لكرة القدم منذ 2011، وبحسب الأحداث الأخيرة كان ميل المدلج لدعم الإماراتي يوسف السركال من أجل الحصول على منصب نائب رئيس الاتحاد الآسيوي، وهو بين الثلاثة الأكثر ابتعادا عن شبهات ارتكاب مخالفات مثل معظم منافسيه، وقد يعلن انسحابه قبل الانتخابات بلحظات بحسب أنباء قوية.