بالرغم من التناقضات السلوكية لكثير من أفراد مجتمعنا وما يمارسه البعض من سوء إدارة بعض المؤسسات العامة وانعكاسها على ردة فعل أفراد المجتمع السلبية، يظل مجتمعنا ضحية لسوء الإعداد والفهم الخاطئ لمفهوم الحضارة من قبل المسؤول الذي يقضي إجازاته السنوية متنقلا بين منتجعات اوروبا الفارهة، وما إن تعرض عليه فكرة نقل تجربة ما يشاهده خلال فسحاته في تلك الدول حتى يرد بأن مجتمعنا متخلف لا يستطيع التعايش مع أي نقلة حضارية، حتى باتت هذه الفكرة موروثا إداريا مسيطرا على معظم الإدارات القيادية المسؤولة عن تنفيذ مشاريع التنمية في البلاد. ولو أن أحدا من هؤلاء المسؤولين سمح لنفسه مرة وقلب صفحات تاريخ الأمة الأوروبية لوجد أنهم لم يكونوا إلا أمة متخلفة أجبرت على التحضر من خلال الإعداد الجيد والتخطيط السليم لبناء الإنسان والفهم الصحيح لمفهوم الحضارة التي لا تقبل أن ينعت أي مجتمع بالتخلف ما لم يعد جيدا ويخطط له بشكل سليم ومدروس. قبل أن ننتقد السلوك الاجتماعي وندعو للإصلاح الذاتي، علينا أن نطالب بإصلاح مؤسساتنا الحيوية التي تشكل المنظومة الأساسية للتنمية البشرية، من خلال الإعداد السليم للقائمين عليها وغرس حقيقة أن ليس هناك أمة ولدت متحضرة، ولكنها أجبرت على التحضر، بينما هناك أمة واحدة ولدت في كنف الحضارة الإسلامية، أجبرت على التخلف. عثمان إبراهيم جابر