شيع عدد من الأهالي ورجال الأعمال والمسؤولين في جدة ظهر أمس، رجل الأعمال عبدالقادر محمد الفضل الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى أول من أمس بعد أن أديت الصلاة عليه في مسجد الجفالي، ودفن في مقبرة أمنا حواء. وأعرب عدد من المسؤولين ورجال الأعمال عن حزنهم الشديد لرحيل الفضل، مشيدين بحنكته التجارية وقدرته على تحويل شركاته إلى مجموعة اقتصادية متنوعة ترتكز على فلسفة تنظيمية وأسس راسخة هي الفصل بين الإدارة والملكية. وألمحوا إلى أنه ينتمي لأحد البيوت التجارية الرائدة في الاقتصاد السعودي، وله العديد من الأعمال الخيرية والإسهامات الجليلة في المجالات الإنسانية. وبنبرة تملاؤها الحزن قال الدكتور عبدالله صادق دحلان : «إن الشيخ عبد القادر الفضل (رحمه الله) هو رجل أعمال عصامي ونموذج فريد من رجال الأعمال في المملكة، عرفته منذ أكثر من ثلاثين عاما فوجدته مدرسة في الأدب والخلق وحسن التعامل، وكان حريصا كل الحرص على العمل الإنساني، حيث اتسم بحبه للخير ومساعدته للمحتاجين والفقراء». وأضاف أن أصدقاءه كانوا يطلقون عليه في اللجنة التجارية (حكيم التجار)، كونه مرجعا في هذا المجال. واختتم الدكتور دحلان حديثه بالدعاء إلى الله أن يغفر له ويرحمه ويدخله فسيح جناته ويلهم أهله الصبر والسلوان. من جانبه قال رجل الأعمال صالح التركي رئيس الغرفة التجارية بجدة سابقا: «إن الشيخ عبد القادر اتخذ لنفسه منذ بداياته المبكرة شعاراً بسيطاً صادقاً معبراً التزم به طيلة مسيرته فى درب التجارة والأعمال وهو (التجارة ليست شطارة)، فهذا الشعار البسيط يعكس أروع فضائل النفس الإنسانية عندما تحكم وتتحكم في نشاط المال والأعمال، وهي فضائل الصدق والأمانة والحب والرحمة، وقد كان يرحمه الله نموذجاً لذلك». وأضاف، إن المال ربما يعطي المرء مكاناً في مجتمعه ولكنه بالقطع لايمنحه المكانة، ومكانة الفضل في عالم التجارة والأعمال مستمدة من تلك الفضائل البالغة الظهور في طبائعه، وعنصراً أصيلاً لازمه في كل أعماله و أقواله ومجالسه، حيث كان له مجلس صباحي يجتمع فيه بكل الأقارب والأصدقاء، وذوي الحاجة، فيساوي بين الجميع في الترحيب والاستقبال وحسن الاستماع. وأفاد أن الفقيد (رحمه الله) كانت له قدرة عجيبة على تطييب الخاطر وإغاثة اللهفة واستنهاض القدرات، فعندما كنت أنظر إليه كان يتحدث بروح البراءة وبتلقائية وبلا تكلف، ولطالمااعتبرت مجلسه بمثابة «مجلس الأمن» لما ينتاب الحضور من مشاعر لطيفة بالأمان وأن الدنيا لا زالت بخير، وأن هناك من هو مستعد لمد يد المعونة الخالصة والمشورة الصادقة، فقد كان سمحاً متواضعاً ذو حلم لا يعرف الغضب، يلتمس العذر للمسيء ويلقاه بنفس الوجه ونفس السماحة والمجاملة الرقيقة حتى صار عند من يعرفه نموذجاً للقول. واستطرد صالح التركي، إن الشيخ عبدالقادر الفضل كان بمثابة الأب الروحي لكثير من رجال الأعمال، وكان إن تعهد أحدهم بموقف أو نصيحة فكأنما أصبحت المشكلة مشكلته والقضية قضيته، وهذه هي الأبوة الروحية التي تجعلنا جميعا مشدودين إليه بخيوط من العطف والتشجيع والأمان. رحم الله أستاذ أخلاقيات الأعمال عبد القادر الفضل الذي أفنى عمره في خدمة الوطن بحنكة استلهمها من وعيه الصحيح بدينه وانتمائه القوي لوطنه وإحساسه العميق بمجتمعه والتزاماً منه بمكارم الأخلاق. ووصف رجل الأعمال علي باسمح الفقيد بأنه من التجار العصاميين والمكافحين، ويتمتع بدماثة الخلق واحترام الجميع، فضلا عن روحه الطيبة التي اكسبته محبة كل من اقترب منه، معتبرا فقدانه خسارة على الوسط التجاري والاقتصادي. وبين أن الفقيد الفضل يعد من الرعيل الأول من التجار الذي يضم الشيخ إسماعيل أبو داوود (رحمه الله)، وإبراهيم كردي وعبدالرؤف أبو زنادة، لافتا إلى أن الفقيد يتسم بالوفاء والصدق وله العديد من المواقف الكبيرة تجاه بيت الأعمال مما كسب ثقة التجار ومحبتهم، داعيا الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته. إلى ذلك، أشار رجل الأعمال محمد حسن يوسف أن الفقيد يتمتع بالرؤية الثاقبة والفكر النير، ملمحا إلى أنه كان حريص على تماسك المجموعة كصرح اقتصادي كبير، وتبنى فلسفة تنظيمية ترتكز على أسس راسخة هي الفصل بين الإدارة والملكية. وذكر يوسف أن الراحل حرص على تنويع القاعدة الاستثمارية للمجموعة ليجسد عمق الفكر الاقتصادي لديه. من جهته، نوه رجل الأعمال محمد العبدالله العنقري بدور الفقيد خلال عضويته في مجلس إدارة غرفة جدة ومتابعته وحرصه على أن تتبوأ مكانة بارزة في مسيرة الاقتصاد الوطني. وأفاد العنقري أن الفقيد له بصمات جليلة وكبيرة في الأعمال الخيرية والإنسانية، ويفضل الابتعاد عن الأضواء، مؤكدا أن الفقيد كان همه وشغله الشاغل مد يد العون للآخرين. بدوره، اعتبر رجل الأعمال خالد الجفالي، الفقيد الفضل من رجال الأعمال الذين ينتمون للرعيل الأول، الذين وضعوا بصامتهم على الاقتصاد والتجارة في المملكة، مبينا أن المتتبع لمسيرة الفقيد يجد أنها حافلة بالعطاء والتنمية والإنجاز . يذكر أن عبدالقادر الفضل ولد في المدينةالمنورة في حارة الساحة بزقاق الطوال عام 1350ه (1931م) ودرس في المسجد النبوي الشريف على يد عدد كبير من المشايخ وحفظ بعض سور القرآن الكريم في الكتاب ثم التحق بالمدرسة الناصرية، ومن زملائه في الدراسة: عبد العزيز الحصين، نبيل بافقيه، جمال قطب، أسعد عمر أفغاني، وليد حسين أبو الفرج، عبدالله علي أبو سيف ورضا عبدالوهاب. وبدأ الفقيد العمل التجاري منذ عام 1366ه (1947م) في محل كان يملكه والده لبيع المواد الغذائية، ثم توسعت تجارته لتصبح مجموعة من الشركات المعروفة. شغل عضوية العديد من البنوك والشركات التجارية، منها: مجلس إدارة بنك الجزيرة، شركة الأسمنت العربية، مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة عام 1387ه (1967م)، كما شغل عضوية العديد من البنوك والشركات التجارية، وتولى رئاسة مجموعة شركات الفضل وشركة توكيلات ألفا للتجارة والملاحة، أسهم فى العديد من اللجان والجمعيات الخيرية منها: مشروع دار المعاقين بالمنطقة الغربية ولجنة إنشاء المقابر بجدة، أختير لسنوات قنصلا فخريا لجمهورية سيراليون بالمملكة.