أصبح غلاء قيمة إيجارات الشقق السكنية في جدة سمة الكثير من الأحياء، بعيدا عن كون الحي في شمال أو جنوبالمدينة، الأمر الذي جعل الكثير من المواطنين في مواجهة جشع التجار وأصحاب العقارات. وفيما بات المستأجر ضحية لزيادة لا يعرف أسبابها، خاصة للبنايات القديمة التي مضت على إنشائها عقود عديدة، اعتبر عدد من العقاريين الزيادة ربما ارتبطت ببعض الأحياء وحسب عمر العمارة السكنية، إلى الدرجة التي باتت فيها العمارات القديمة والأرخص تمثل مطلبا للجميع، فيتم حجزها قبل فترة من إخلائها لأي سبب، الأمر الذي يشكل معاناة لكثير من الشباب الذين لا يعرفون معنى الاستقرار في ظل غلاء الإيجار، بل ربما ضاعفت لهم سنوات العزوبية. وأوضح الشاب سليمان الغنيمي أن «كثيرا من الشباب الذين في عمري ويعمل في عمل جديد، لا يتحصل على راتب يكفيه لتملك منزل، وهذا أمر محبط لنا نحن الشباب، ونرجو من المسؤولين سواء في وزارة الإسكان أو البلدية حل الأمر في أسرع وقت، وإلا فإن المشكلة بدت تظهر جلية على بعض من تزوجوا في عمري وانهكتهم القروض والديون». ويعتقد هاشم الزهراني العقاري الذي يعمل في نطاق أحياء شمالي جدة وغربي طريق المدينةالمنورة التي تشمل (البساتين، المحمدية، النعيم، السلامة، الروضة، الخالدية، النهضة، الرحمة، الزهراء، الشاطئ، المرجان، أبحر الشمالية، النور)، أن هذه الأحياء لا تتوفر بها إلا أراضٍ أو فلل للبيع، والشكل العام لها هي فلل مملوكة لأصحابها ويندر وجود الوحدات المستأجرة فيها بسبب حداثة الأحياء وإن وجدت فتكون مرتفعة السعر لتصل قيمة إيجار الشقة من ست غرف بمساحة تصل إلى 250 مترا إلى 55 ألف ريال في السنة. والشقة ثلاث غرف إلى 35 ألف ريال كأقل سعر في هذه الأحياء. وأوضح علي الشريف العقاري الذي يعمل في نطاق أحياء (العزيزية، الرحاب، الصفا، النزهة، البوادي، المروة، الربوة، الفيصلية)، أن هذه المناطق تشهد طلبا ورغبة ملحة للاستئجار فيها، حيث يتلقى مكتبه يوميا 70 شخصا طالبا البحث عن مسكن بسبب وفرة الخدمات وتمركزها بمكان استراتيجي لتكون قريبة من الكورنيش والمطار والطريقين الرئيسين السريعين (المدينةالمنورة، والحرمين)، مشيرا إلى أن الإيجار في الشقق يحسب بعدد الغرف لا بحسب مساحاتها، فإيجار الشقة ذات الغرفتين يكون بين 15 18 ألفا للسنة، ولثلاث غرف 25 ألفا ولأربع غرف 30 ألفا وللخمس غرف 40 45 ألفا. وبين أن حي العزيزية يشكل غالبية سكانه من الجنسيات الباكستانية والهندية لوجود مدارسهم العالمية فيها، فلا تبقى أية وحدة سكنية أياما معدودة إلا وتشغر بمستأجر جديد، كما تستأجر الفلل (الدوبلوكس) في هذه الأحياء وتصل إلى 170 ألفا. وأشار إلى أن عزوف الشباب عن الزواج بحجة غلاء الإيجارات في ظل انخفاض رواتب الفرد السعودي لتصل في حالات إلى ثلاثة آلاف ريال سعودي فلا يمكنه تحمل دفع مصاريف الزواج أو الإيجار ولا غيره من أساسيات الحياة الطبيعية. وأكد علي أحمد الزهراني صاحب مكتب عقارات يعمل في نطاق أحياء (الجامعة، النسيم، السليمانية، بني مالك، الثغر، الفيحاء)، ارتفاع أسعار إيجارات الشقق في تلك المناطق، فالشقة بخمس أو ست غرف يتراوح إيجارها من 30 ألفا حتى 50 ألفا في السنة، ولا يفرق السعر إن كانت قديمة أو جديدة، والشقة بغرفتين ب25 ألفا، مشيرا إلى أن الحي يندر فيه وجود الفلل أو الدوبلكسات المؤجرة، وتتوفر فيه فلل من نوع (روف) وجميعها تمليك. ويفيد العقاري نايف المري، عن أحياء الجنوب، مثل (الكندرة، البغدادية الشرقية، البغدادية الغربية، العمارية، الشرفية، الرويس، الصحيفة، الهنداوية، النزلة اليمانية، البلد، الوزيرية، مدائن الفهد، الغليل)، أن هناك اختلافا في السعر بين العمائر القديمة أو الجديدة في هذه الأحياء، لأن هناك عمائر قديمة ويتخطى عمرها 20 عاما، فمن البديهي لن تحسب أسعارها مثل العمائر التي يقل عمرها عن عقد من الزمان، مشيرا إلى أن إيجار غرفة واحدة وحمام يصل إلى 10 آلاف، وشقة بغرفتين تكون ب18 ألفا وخمس غرف ب35 ألفا سنويا، إذن يغلب على إيجارات جدة تقاربا واضحا في الأسعار فلا الأحياء الحديثة تسجل فرقا واضحا عن الأحياء القديمة، مبينا أن بعض أحياء في آخر شمال جدة (الحمدانية، طيبة (الرحيلي)، العليا، الفلاح) أرخص الأسعار في جدة، فتجد الشقة ذات ثلاثة غرف ب15 ألفا للسنة، وهي أرض ليست بعيدة كثيرا عن مناطق مركزية في مدينة جدة. واعتبر العقاري أحمد الثقفي أحياء (السلامة، الزهراء، الروضة، الحمراء) الأغلى إيجارا حيث تصل قيمة إيجار الشقة إلى 110 آلاف للسنة وتتراوح أخرى بين ال80 95 ألفا للسنة وتكون هذه الشقق في هذا الأحياء بخدمات كاملة ومجهزة وتكون الشقة مفروشة ومزودة بخدمات الهاتف والإنترنت وجاهزة للسكنى مباشرة. وانتقد أحمد الثقفي ما اعتبره غلاء الإيجارات: «المواطن الذي يبلغ راتبه مثلا 10 آلاف ريال شهريا سيذهب ربع راتبه في الإيجار، لذا من المهم تدخل الجهات المختصة لتوفير مساكن تؤجر بمبالغ رمزية وعليها سيضطر أصحاب العقارات تخفيض الأسعار بسبب توقعهم خروج المستأجرين للمنازل الرمزية». وبرر المسوق العقاري جمعان الغامدي ارتفاع الأسعار بأن المستأجر مستفيد وتوفر كامل الخدمات في العمارة ومجهزة للسكنى كما أن مواد البناء والعمالة والأراضي أصبحت مرتفعة السعر ويحق لصاحب العمارة أن يسترد ماله والاستثمار بها. حلول مقترحة اقترح محمد غرامة الغامدي عدة أفكار منها ألا يشترط صندوق التنمية العقاري شروطا تعجيزية مثل أن تبلغ الشقة 245 مترا مكعبا للإقراض في حين قلة توفر هذه المساحة المناسبة للقرض، إذ إن ما يدفعه الصندوق من تمويل لا يكفي إلا لتغطية 180 مترا مكعبا وما دون.