في حي المصفاة جنوبي جدة «الكارنتينا»، تختلط اللهجات، وتتغير السحنات والملامح، من آسيوية إلى أفريقية، وتظهر جليا مشاهد العمالة السائبة التي تمتهن البيع والشراء، والجلوس على قارعة الطرق وغسيل السيارات لدرجة تدمير الأسفلت، وليس حي المصفاة وحده، من يشهد سيناريوهات العمالة السائبة وإنما هناك الكثير من أحياء جنوبي جدة ومخططات شرقي الخط السريع تشهد تنامي أعداد العمالة السائبة التي تشكل خطورة على النواحي الأمنية وفقا لإجماع عدد من المواطنين، وفي الوقت الذي تواصل فيه الجهات المختصة ضبط العمالة السائبة وترحيلها إلى بلدانها فإن مضابط الشرط تسجل حالات للسرقة والتعامل في الممنوعات من قبل العمالة السائبة خاصة في بعض الأحياء الشعبية. وأوضح عدد من أهالي جدة أن ظاهرة العمالة السائبة تشوه الوجه الحضاري لعروس البحر الأحمر داعين إلى تكثيف البرامج لإلقاء القبض عليهم وترحليهم إلى بلدانهم، ومؤكدين في نفس الوقت أن نظام البصمة سيحد من مشاهد العمالة السائبة في المستقبل القريب. وفي هذا السياق، أوضح فهد العتيبي أن بعض أرباب العمل يتساهلون مع العمالة الوافدة ويطلقونهم للعمل في مواقع بعيدة عن المؤسسات والشركات التي استقدموا للعمل فيها ما يؤدي إلى شرخ في ملاءة ضبط هذه العمالة. وأضافوا أن تعزيز العقوبات تجاه أرباب العمل المتهاونين سوف يقلص من أعداد العمالة السائبة، ويستأصل حالات التستر وفتح المجال للفئات التي تعمل لحسابها في مهن متعددة قد لا تملك خبرة كافية لممارستها. وأضاف العتيبي أن تهاون أرباب العمل ساهم في انتشار العمالة السائبة على نطاق واسع داخل الأحياء ونشوء سلبيات نتيجة لذلك مثل هروب الخادمات وبعض الحالات الجنائية. واعتبر العتيبي أن غياب التنسيق بين الجهات المعنية من الأسباب الرئيسية التي ساهمت في تفاقم ظاهرة التسيب وعمل الوافدين خارج مظلة الكفيل. من جهته، أوضح سعود القحطاني أن تزايد أعداد العمالة السائبة يؤكد انتشار تجارة التأشيرات وفقا لقوله مبينا أن الظاهرة طالت حتى الشركات الكبرى خصوصا في مجال المقاولات وليس سرا فعدد من هذه الشركات تعاني من تسيب عمالتها واعتمادها في تنفيذ المشاريع على العمالة السائبة التي تسربت من العمل لدى كفلائها. وبين القحطاني أن بعض العمالة التي تعمل لحسابها الخاص تحولت إلى مقاولين من الباطن من خلال المطبوعات والأختام التي تهاون كفلائهم بتركها بحوزتهم من خلال إبرام العقود مع بعض الشركات من الباطن لتأمين العمالة وتنفيذ العمل في بعض المشاريع. وتابع أن العمالة السائبة تساهم في حالالت التستر والشركات الوهمية، لافتا إلى دور العمالة السائبة في ارتفاع الأسعار من خلال تحكمها في عدة سلع خاصة مواد البناء مستدلا بذلك ببسطات بيع الرمل والأسمنت المنتشرة في المخططات والأحياء الجديدة. وفي سياق، متصل بالعمالة السائبة أوضح أستاذ الإعلام في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور علي ظافر القرني أهمية تفعيل دور المؤسسات الإعلامية في بث رسائل توعوية لإيضاح مخاطر العمالة السائبة والمجهولة على أمن الوطن ومكتسباته ورفع مستوى الوعي الجمعي، لمشاركة المواطنين في محاربة هذه الظاهرة والإبلاغ عنها. وبين القرني ضرورة الاستفادة من قنوات الإعلام الجديد لبث الرسائل التوعوية بمخاطر العمالة السائبة لإيصال الرسالة التوعوية إلى أوسع نطاق في شرائح المجتمع وقال «السلبيات والأضرار الناجمة عن مخالفي أنظمة الإقامة والعمل تحتاج إلى تكاتف مجتمعي وتعاون بين كافة المؤسسات للتعريف بخطورتها على أمن الوطن والمواطن ونتائجها العكسية على مكتسبات الوطن ومقدراته». متحدث الجوازات في منطقة مكة أشار إلى، تنفيذ حملات دورية منفردة لإدارة الجوازات أو حملات مشتركة مع مجموعة من الجهات ذات الاختصاص الجوازات والشرطة وإدارة المجاهدين والهلال الأحمر وكذلك هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمرور لملاحقة المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل. وأهاب الحسين بالجميع التعاون مع الجوازات وعدم إيواء أي وافد مخالف لأنظمة الإقامة أو متخلف من العمرة بتأجير مساكن لهم وكذلك عدم التعامل مع العمالة المتخلفة واستخدامهم لتنفيذ أي أعمال مشددا على أنه لو امتنع الجميع عن الاستعانة بهؤلاء المخالفين لما زادت أعدادهم بالشكل الذي يهدد أمن وأمان المواطنين.