إذا كانت أغلب المناطق والمدن تشكو من حالة ما يسمى بالعمالة السائبة أو العشوائية والهاربة فإن شكوى جدة من هذا النمط من العمال .. غير! الحالة تبدو أكثر وضوحا في المدينة الساحلية، ولم تعد المعالجات الموضعية مجدية إذا لم تصحبها همة المواطن ويقظته وإحساسه بالخطر الأمني والتداعيات السلبية للسائبين، كما هي الحال في شارع الأمير متعب وفلسطين وباخشب وطريق الستين والكيلو 7 وهلم جرا. تخصصات في السائبة أغلب هؤلاء من الجنسيات العربية ويتوزع بينهم عدد مقدر من الآسيويين، لكن الغلبة للعرب خلافا للأفارقة المتخصصين في جمع المعادن المستهلكة والكراتين وعبوات المياه الغذائية، لكن ما يجمع شتات هؤلاء هو خبراتهم المتواضعة في الحرف والأعمال والصناعات وتدربهم عليها في بيوت أبرياء منحوهم الثقة ولم يحصدوا غير الندم والخسران، فالسباك يعمل في معالجات الكهرباء والبناء ولا يتورع في إصلاح الأجهزة الإلكترونية وكل ذلك يحدث تحت شعار «نلقط رزقنا». المغالاة والأيدي الرخيصة سعيد مبشر صاحب متجر لأدوات البناء يقول: إن المغالاة في الأسعار دفعت أغلب المواطنين للتعامل مع الأيدي العاملة السائبة والرخيصة، وكثيرا تحدث مشاكل وأزمات بسبب أخطاء التنفيذ والتلف وضياع المواد الخام بسبب قلة الخبرة والعجلة وعدم الجودة. ويضيف مبشر أن الحملات الأمنية أدت أدوارا كبيرة لحل جزء من الظاهرة إلا أن اكتساب المخالفين لمهارات التخفي والسكن في أحياء شعبية وأزقة تقلل من فرص نجاح التطويق، فضلا عن أن بعض ملاك المنازل يسهمون في إخفاء المخالفين دون التثبت عن وضعية إقامتهم. سليم الجهني يقول: ليس أمامنا حل غير الاستعانة بالأيدي السائبة لإتمام أعمالنا لتفادي التأخير. ويشير الجهني إلى حرصه دوما على التأكد من نظامية العامل والتأكد من هويته، إذ أن أغلب هؤلاء يحملون إقامات سارية المفعول ويعملون لحسابهم الخاص. ويذكر أن أحد جيرانه أبرم عقدا مع مقاول من جنسية عربية لبناء عمارة سكنية وفوجئ لحظة التوقيع بغياب مالك المؤسسة «الكفيل» مع وجود المطبوعات والختم الخاص للمؤسسة مع المقاول الأجنبي، ويرى الجهني أن خطأ كهذا يفتح الباب واسعا أمام مشاكل وأزمات متتالية، فقد يقود تصرف كهذا إلى تحرير كفالات وتسهيل إجراءات مخالفين من خلال منحهم أوراق تعريف تمكنهم من الحصول على قروض أو استئجار سيارات من مكاتب التأجير ما يؤدي إلى سلبيات جديدة تضاف إلى السلبيات الناجمة عن ظاهرة التسيب والعمالة المجهولة. فروق بين السائب والهارب دراسة قانونية ذكرت نتائجها أن هناك فرقا بين العمالة السائبة والهاربة، فالسائبة تمارس عملها تحت غطاء قانوني، والمشكلة الأساسية تكمن في عدم توفر معلومات دقيقة عن حجم العمالة السائبة والهاربة، وكذلك التفاصيل المتعلقة بها. وترى الدراسة أن الحل الوحيد للظاهرة يتمثل في المتابعة الأمنية وتفعيل لجان السعودة وتكليفها بجولات مفاجئة على الشركات والمؤسسات التي تعاني من اختلال في السعودة وعدم التزام بأنظمة الدولة وقراراتها في ظل لجوء عدد كبير من المؤسسات في القطاع الخاص إلى التحايل من خلال تسجيل بيانات شباب وشابات في سجلات العاملين بشكل صوري ومنحهم مبلغ 1500ريال شهريا نظير استغلال أسمائهم أمام الجهات الرقابية. ورأت الدراسة إمكانية الاستفادة من الشركات الأمنية في التعاون في متابعة المخالفين وضبطهم وتسليمهم للجهات المختصة لاتخاذ اللازم. المواطن أحق بالوظيفة أستاذ الإعلام في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور علي بن ظافر القرني أكد على أهمية تفعيل دور المؤسسات الإعلامية في بث رسائل توعوية لإيضاح مخاطر العمالة السائبة والمجهولة على أمن الوطن ومكتسباته ورفع مستوى الوعي الاجتماعي لمشاركة الجميع في محاربة هذه الظاهرة والإبلاغ عنها. وقال القرني: إن الجهات المختصة لم تدخر جهدا لفتح المجال أمام أبناء الوطن ودعمهم للمشاركة في البناء والإحلال بدلا من العمالة الوافدة وحرصت على دفع القوى الشابة لاقتحام سوق العمل والمنافسة من خلال برامج السعودة ويجب أن يستشعر القطاع الخاص ما عليه من أدوار ويعمل بشكل جاد على تحقيق توجه الدولة بفتح المجال أمام أبناء الوطن لأنهم الأحق بالعمل من غيرهم وتمكينهم من التعيين في الوظائف. الجوازات تحذر وتنبه من جانبها دعت المديرية العامة للجوازات جميع القادمين للمملكة بموجب تأشيرات للعمرة إلى المغادرة بعد انتهاء صلاحية تأشيراتهم لأن بقاءهم يعد مخالفة صريحة لنظام الإقامة ويعرضهم للعقوبة المقررة نظاما. وأوضحت الجوازات أن تقديم المساعدة والعون لمتأخري العمرة والمجهولين والمخالفين لأنظمة الإقامة والعمل سواء بالإيواء أو التشغيل أو التنقل يعرض الشخص الذي يقوم بذلك إلى العقوبة التي تشمل السجن والغرامة (عشرة آلاف ريال)، وتتعدد المخالفة والعقوبة بتعدد الأشخاص الذين وقعت المخالفة بشأنهم وترحيل المقيم الذي يسهل بقاء المتأخرين مع الغرامة المقررة. كما أكدت الجوازات على ضرورة التزام شركات ومؤسسات العمرة بمتابعة أوضاع القادمين عن طريقهم وعدم إعطاء الفرصة لأي منهم إلى التأخر، وجددت الجوازات دعوتها للإخوة المواطنين والمقيمين بالتعاون بالإبلاغ عن المتأخرين على رقم البلاغات (992). تجدر الإشارة إلى أن هيئة الخبراء انتهت مؤخرا من دراسة تعديلات على نظام العمل ومشروع قواعد التعامل مع الوافدين من مخالفي الأنظمة ويهدف التعديل إلى حل المشكلة النظامية في التعامل مع العمالة الوافدة السائبة في الشوارع والميادين وترحيلها. ومنح التعديل صلاحيات جديدة فيما يتعلق بضبط وإيقاف وترحيل وإيقاع العقوبات على المخالفين من العاملين لحسابهم الخاص (العمالة السائبة) في الشوارع والميادين والمتغيبين عن العمل (الهروب) وكذلك أصحاب العمل الذين يشغلونهم. كما جاء التعديل بتكليف وزارة العمل بالتفتيش على المنشآت والتحقق من المخالفات التي يتم ضبطها وإحالتها إلى وزارة الداخلية لتطبيق العقوبات المقررة بشأنها.