صفوف طويلة من السيارات والحافلات والشاحنات تمتد لعشرات الأمتار وتبدو لأول وهلة وكأنها تقف اعتصاما أو احتجاجا في بلد بات يألف الاعتصامات والاحتجاجات. لكن هذه الطوابير الممتدة تصب في النهاية في بؤرة واحدة.. محطة وقود. والغاية هي الحصول على بضعة لترات من السولار أو بنزين أوكتين 80. نقص الوقود في مصر أشعل فتيل أزمة زادت من معاناة المواطن العادي الذي تحاصره الاختناقات المرورية مع اصطفاف العربات عند محطات الوقود وفاقمت من محنة السائقين المنتظرين لساعات مع انقطاع مؤقت لمصدر رزقهم ومن تردي الوضع الاقتصادي نظرا لتأثير الأزمة على قطاعات مختلفة. وسقط نحو 12 قتيلا وأكثر من 200 مصاب خلال الشهور القليلة الماضية في اشتباكات بأسلحة بيضاء ونارية أمام محطات الوقود في عدة محافظات بسبب التكالب على السولار أو في هجمات غاضبة على المحطات من مواطنين انتظروا لساعات ولم يجدوا حاجتهم من الوقود. واستخدام السولار لا يقتصر على الشاحنات والحافلات وبعض سيارات الأجرة والخاصة، لكن يحمل بعدا اقتصاديا خاصا، إذ يستخدم في تشغيل آلات الري ومراكب الصيد والنقل النهري وأفران الخبز والمحاجر. ويقول نقيب الصيادين المصريين أحمد نصار إن نقص السولار أوقف الصيد خلال الأسابيع الماضية في كثير من المحافظات وفي المنزلة والبرلس ورشيد على وجه خاص. وعلى الصعيد الزراعي، حذرت الدكتورة إيمان صادق رئيسة قسم بحوث القمح بمركز البحوث الزراعية من أن أزمة السولار قد تسبب خسائر كبيرة في محصول القمح هذا الموسم، الأمر الذي سيؤثر بدوره على وفرة الخبز. ويرى أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية للقاهرة أن التهريب هو السبب الرئيسي وراء نقص المنتجات البترولية. وتقول وزارة البترول إن الأزمة وراءها «مافيا» المتاجرة بالسلع البترولية المدعومة من الدولة التي تستولي على السولار سواء قبل وصوله إلى محطات الوقود أو بعده وتبيعه في السوق السوداء بأضعاف سعره الرسمي. ورغم ما تعلنه الحكومة من ضخ كميات إضافية، قال حسام عرفات رئيس شعبة المواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية إن سبب أزمة السولار يرجع لتناقص المعروض من هذه السلعة الاستراتيجية. ويرى خالد الشريف المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية أن سبب أزمة السولار هو «الفلول» وهو مصطلح يقصد به مؤيدو النظام السابق. وقال «غالبية محطات الوقود الخاصة يمتلكها أعضاء الحزب الوطني البائد والفلول». وقال المحلل الاقتصادي محمد جاد «أزمة نقص السولار ليست وليدة اليوم وحدثت مرات عديدة في السنوات الماضية لكن العامل الجديد الذي أضيف الآن هو انخفاض سعر الجنيه مقابل الدولار». وأضاف «الكل الآن يترقب الخطوة القادمة للحكومة. هل سترفع سعر السولار أم ستطلب اعتمادات إضافية لمواصلة دعمه أم ستقدم حلولا أخرى».