تتفاعل أزمة المازوت في عدد من المحافظات السورية منذ أكثر من أسبوع ، وهو الأمر الذي أقلق المزارعين بشكل خاص ، وبعض أصحاب المصانع والشركات وأعداد كبيرة من السكان المعنيين بهذه المشكلة. وتناول عدد من وسائل الإعلام المحلية "أزمة المازوت" بعد أن تفاقمت ولم يعد الصمت عنها مجديا ، إذ إن البعض اعتقد أنها طارئة لكن على ما يبدو أنها تتنقل بين المدن والأرياف نتيجة ضعف العرض مقابل الزيادة في الطلب. وقال شهود عيان إنهم شاهدوا "أرتالا من وسائط النقل الجماعية (السرافيس) العاملة على خطوط المدينة وبلدات ومناطق المحافظة كافة ، وكذلك وسائط العمل الزراعي تقف أمام عدد من محطات الوقود في ريف دمشق". وذكرت وسائل الإعلام المحلية أن الأزمة في محافظة حماة ، التي تشهد تظاهرات مستمرة ضد السلطات السورية ، ازدادت في الأيام الأخيرة إذ إن بعض أصحاب محطات الوقود قالوا إن مخصصاتهم تم تقليصها نتيجة زيادة الطلب وافتتاح عدد إضافي من محطات الوقود ، ويؤكد الأهالي أن السلطات المختصة تعرف حجم الطلب المتزايد ويجب أن تضع في حسبانها حاجة الناس إلى الكميات الحقيقية المطلوبة. وفي محافظة حمص بوسط البلاد ، والتي تشهد أيضا احتجاجات ، فيقضي سائقوها ساعات في سبيل نيل 40 لترا يوميا من مخصصات مادة المازوت اليومية وتجعلهم هذه الكمية الصغيرة يتنفسون الصعداء قليلا لتسيير بعض مصالحهم العملية. وأرجعت السلطات المختصة السبب في ذلك إلى "تهريب المازوت" إلى الدول المجاورة ، وخاصة إلى لبنان ، نتيجة فارق السعر. وتقول مديرية الجمارك إن تهريب مادة المازوت خارج سورية بعد انخفاض قيمة اللتر من 20 ليرة إلى 15 ليرة (الدولار حسب السعر الرسمي يساوي حوالي 47 ليرة بينما في السوق الحر يقترب من 51 ليرة في الأيام الأخيرة) وصلت كمياتها إلى 23 ألفا و500 لتر خلال تسع عمليات تهريب تم ضبطها الشهر الماضي و36 ألفا و945 لترا جراء ست عمليات سجلت من بداية الشهر الحالي إلى الآن. وأقر رئيس شعبة المقاييس والمكاييل في مديرية الاقتصاد والتجارة الداخلية بحمص زهير سعدية بوجود ازدحام على محطات الوقود، مبينا أنه اتخذ في مديريته بالتنسيق مع كافة المحطات قرارا بعدم تزويد الحافلات إلا بموجب بطاقة تمنح من قبل الاقتصاد والتجارة تحدد عليها الكميات اللازمة للسيارات العامة و(السرافيس) العاملة على خطوط المحافظة وحددت بكمية 40 لترا ضمن المدينة يوميا. من جانبه أكد عضو المكتب التنفيذي لقطاع التموين والتجارة الداخلية المهندس بسام الحجي أن رئاسة مجلس الوزراء خفضت المخصصات لمحطات الوقود فلجأت المحافظة لتطبيق التعليمات ما أدى إلى الازدحام الشديد على محطات الوقود. وفي محافظة السويداء /100 كم جنوبي دمشق/ ، فإن أصحاب بعض محطات الوقود الخاصة أكدوا أنهم يتعرضون لهذه الأزمة باستمرار والمعاناة تزداد مع المواطنين لعدم توافر المازوت إلا لساعات قليلة وبعدها هو غير موجود بحجة المخصصات التي تقرها لجنة المحروقات في المحافظة وخاصة مع قدوم فصل الحصاد نظرا للطابع الزراعي الذي تتسم به المحافظة والذي لم تأخذه الجهة صاحبة القرار في الحسبان. وقال صاحب محطة منطقة "الكفر" في السويداء نبيل حديفة إن قانون المخصصات لم يأخذ بالحسبان زيادة الكثافة السكانية ولا الزيادة في عدد الآليات علما بأن الحكومة كانت سابقا تعطي المحطات زيادة خمسة بالمئة من مخصصات كل عام ولكنها توقفت منذ أربع سنوات تقريبا عن هذه الزيادة. وأشار إلى أن محطة "الكفر" سحبت في الشهر السادس من العام الماضي 426 ألف لتر أي ما يقارب 23 صهريجا وفي هذا الشهر تحتاج المحطة إلى 600 ألف لتر وذلك بناء على طلبات المواطنين والفلاحين وهذا يعني أن المحطة ستسجل نقصا يقدر ب174 ألف لتر. وقال مسئولون في المحافظة إنه إذا كانت بعض مشاكل المحافظات الأخرى هي تهريب المازوت إلى خارج الحدود، فان محافظة السويداء لم تسجل أي اعتداء على خطوط النفط منذ بداية العام ولم تسجل أي حالة تهريب لأنها لا تمتلك المنافذ الحدودية أصلا. وكانت الحكومة السورية قد خفضت مؤخرا سعر لتر المازوت من 20 ليرة إلى 15 ليرة نظرا لتكرار مطالب الأهالي في هذا الاتجاه حيث أرهقتهم التكاليف الباهظة في مواجهة ضعف القوة الشرائية. وتدعم الحكومة المواد الأساسية في البلاد مثل بعض المواد البترولية والخبز والمواد التموينية الرئيسة، حيث لا يتجاوز متوسط دخل الفرد في البلاد 300 دولار شهريا، ويزداد الأمر سوءا، في الجانب الاقتصادي، مع استمرار التظاهرات والاحتجاجات ضد السلطات السورية والتي دخلت شهرها الرابع من خلال تزايد الحديث في المجتمع عن أن بعض الشركات والمصانع قد تضطر لطرد عدد من موظفيها وعمالها في الفترة المقبلة، نتيجة التراجع في حركة الاقتصاد.