مدينة أشباح كبيرة.. هذا هو مفاد ما آلت إليه الأوضاع في قطاع غزة، حيث أصبحت الشوارع خالية من المركبات بعد توقف 90% من السيارات الخاصة التي تعمل علي البنزين والسولار، كما توقفت مؤسسات التعليم العالي حين أعلنت الجامعات بتعليق الدوام حتى أشعار أخر، وشلت الحركة التعليمة في جميع المدارس ورياض الأطفال. ناهيك عن مجموعة من التداعيات الخطيرة الأخرى والناجمة عن أزمة الوقود الخانقة التي فرضها الإحتلال الإسرائيلي الجائر على القطاع. سمير حمتو المحلل في الشئون الاقتصادية يقول في اتصال هاتفي من الأراضي المحتلة:" إن أزمة الوقود التي يعاني منها القطاع تنذر بأوضاع كارثية محققة تهدد الكثير من المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة كما تهدد بانهيار كل القطاعات في غزة المحاصرة". وأكد أن غالبية السيارات والحافلات في قطاع غزة توقفت عن الحركة، حتى باتت الشوارع التي كانت تضيق بالازدحامات المرورية تشهد هدوءا غير معهود. وحذر حمتو من أن كل القطاعات معرضة للانهيار إذا استمرت أزمة الوقود، مشيراً إلى توقف كل المحطات عن تسلم الكميات المقلصة جدا من السولار والبنزين ، لأنها كميات مهينة ومذلة ولا تفي بالحد الأدنى من حاجة البلد. وأضاف: إن الأمر خطير للغاية حيث اشتعلت أسعار الاحتياجات المعيشية لتصل إلى ضعفي أو ثلاثة أضعاف سعرها الأصلي في الآونة الأخيرة، وبات الغلاء مشكلة تؤرق الناس وتشكل قلقا كبيرا لمعظم الأسر في القطاع. فتشديد الحصار من وجهة نظره واستغلال التجار للظروف الصعبة وعدم إدخال الاحتلال إلا لنحو 20% من السلع التموينية التي يحتاجها القطاع، وغياب الدور الرقابي تسبب في ارتفاع الأسعار بشكل جنوني فاق كل التصورات. وأفاد حمتو أن كل شرائح المجتمع تأثرت بظاهرة ارتفاع الأسعار، لكن شريحة العمال العاطلين عن العمل وشريحة الموظفين هما أكثر الشرائح تضررا وتأثرا بهذه الظاهرة. واعتبر أن أول خطوة لخفض هذا الغلاء الفاحش في الأسعار هو تدخل دولي وإقليمي لرفع الحصار وفتح المعابر، ومساعدة السلطة على حماية الأسر الفقيرة التي تجاوزت نسبتها 80% من مجموع الأسر الفلسطينية. أما من جانبه، فيخشى يوسف مسعود المسئول في مديرية الإسعاف والطوارىء في وزارة الصحة من انعكاسات عدم توافر الوقود على حركة سيارات الإسعاف، لافتاً إلى أن سيارات الإسعاف يمكن أن تتوقف في أي لحظة لأنه لا يوجد لدينا مخزون مما يعد تهديداً لحياة المرضى. وأضاف أن مخزون القطاع من الوقود والغاز يساوي صفر. سلمان منصور الطالب بكلية الهندسة والبالغ من العمر 21 ربيعاً قال في حديثه ل "محيط": إن وقف العملية التعليمية بشكل كامل بات متوقعاً إذا استمر نقصان الوقود ، حيث أصبحت نسب حضور الطلاب والمعلمين تتناقص بشكل مستمر في مختلف المدارس وبات استمرار العملية التعليمية أمراً في غاية الصعوبة. ومن جانبه، يقول الدكتور ماهر تيسير الطباع، مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية الفلسطينية:" إن البنزين لم يدخل إلي محطات الوقود في غزة منذ تاريخ 18/3/2008 أي منذ 32 يوم والسولار الخاص بالمركبات لم يدخل منذ 2/4/2008 أي منذ 18 يوم". وحذر الطباع من انهيار قطاع الصيد في قطاع غزة بفعل أزمة الوقود بفعل الحصار الجائر والممارسات الإسرائيلية، في الوقت الذي يعمل في هذا القطاع ما يزيد عن (5000) فلسطينياً، بين صيادين وتجار أسماك وعاملين . وأضاف: أن القطاع الزراعي مهدد بالتوقف عن الإنتاج أيضاً بفعل أزمة الوقود حيث تسبب النقص الحاد في الوقود بضرب القطاع الزراعي، وتضررت المزروعات وتلفت كميات كبيرة منها مما تسبب بخسائر فادحة للمزارعين. وأردف قائلاً فنتيجة عدم وصول السولار إلى آبار ضخ مياه الري الزراعي، توقف عدد كبير من هذه الآبار و البالغ عددها بحوالي 4000 بئر عن ضخ المياه ، وجفت نسبة كبيرة من المزروعات، مما زاد من تكاليف الإنتاج بمبالغ ضخمة، أدت إلى ارتفاع أسعار الخضروات المحلية أمام المستهلك الذي يعاني من ضائقة اقتصادية ومالية كبيرة بسبب الحصار و علي سبيل المثال ارتفع سعر كيلو البندورة من أقل من 1 شيكل إلي 5 شواكل للكيلو. وذكر أن قطاع غزة يحتاج إلي ما يزيد عن 70 ألف لتر وقود في اليوم للقطاع الزراعي وما يتم توفيره قبل منع دخول المحروقات لا يزيد عن 30% يمن هذه الاحتياجات ومع دخول فصل الصيف والحاجة إلى الري المستمر من المتوقع أن يتدهور القطاع الزراعي بشكل كبير في حال تواصل أزمة الوقود . وسرد لأهم تداعيات توقف تزويد قطاع غزة بالوقود والمحروقات ومنها توقف خدمات البلديات مما ينذر بكارثة بيئية سوف تحل على قطاع غزة ، فضلاً عن توقف خدمات القطاع الصحي مما يؤثر علي حياة المواطنين . ودعا المجتمع الدولي والمنظمات والمؤسسات الحقوقية والدولية والإنسانية للتدخل العاجل و الفوري و الضغط على الحكومة الإسرائيلية لفك الحصار الظالم عن غزة قبل فوات الأوان وحلول الكارثة الإنسانية بقطاع غزة المحاصر.