كشف إعلان المملكة العربية السعودية عن تفكيكها لشبكة تجسسية، في عدادها إيراني ولبناني وعدد من السعوديين، عمق الانغماس الإيراني في التدخل بشؤون الدول الإسلامية والعربية، تحت ذرائع عديدة يجمع بينها مبدأ تصدير الثورة تحت راية ولاية الفقيه الإيراني الذي أنتج لنا نظاما عراقيا دمويا وطائفيا، والذي يدفع الشعب السوري الآن ثمنا غاليا على يد أتباع ولايته اللبنانيين الغارقين حتى الأذنين في نصرة النظام الأسدي المتهالك. كشف شبكة التجسس ليس الأول، وحتما لن يكون الأخير في مسلسل برز بقوة في المشهد اليمني على ما جاء على لسان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي اتهم صراحة وبوضوح حرس الثورة الإيرانية بالعمل الاستخباراتي واللوجستي في صنعاء، وفي الوقوف خلف عرقلة الحوار الوطني بتحريكهم قوى الحوثيين ورعايتهم للحراك الجنوبي الانفصالي. إيران الحاضرة في أكثر من محطة عربية وإقليمية، وفي أكثر من محفل دولي، تسعى وبقوة لتكون ممثلة لمحور تحاول روسيا تشكيله مع حليفتها الصين ودول البركس مستفيدة من «زمن التسامح» العربي معها الذي قبلها كبلد مجاور مسالم لا تتعدى طموحاته حدود بلاده، فإذا بها تتعداه لتمتد إلى أفغانستان فالعراق فلبنان وسوريا واليمن، وها هي وبكل وقاحة تحاول حثيثا استغلال العوز المصري لتشكل لها حصان طروادة إلى بلد يضمن لها وبقوة حضورا في الداخل الفلسطيني المستخدم الدائم منها لإسكات شعوبنا عن حركتها التي لا يمكن أن تكون إلا فارسية خارجة عن قيم وسماحة الإسلام، وهي التي كانت وما زالت تصر على تسمية خليجنا «بالفارسي»؛ تأكيدا لمطمحها الشعوبي، وتنكرا لعروبة أخرجتهم من عبادة النار يوما لتدخلهم رحابة الإسلام وفضله. إيران بحق لم تعد دولة إقليمية جارة ترعى حق الجوار والأخوة الإسلامية، بل هي تقترب أكثر من عقلية وحضور وأداء كوريا الشمالية التي تقذف العالم بعداوتها، وتحاول جاهدة أن تفهم جيرانها أنها قادرة على إحراق بلادهم، وصولا لإقامة علاقات ترعى لها حضورا سياسيا وأمنيا ودوليا، وربما اقتصاديا واجتماعيا. هذه «الجمهورية» القاتلة في سياستها وخططها يجب أن يكون لجامعة الدول العربية في اجتماعها المقبل موقف واضح تجاهها يعزلها أمام شعوبنا العربية، ويخرجها من أي تسويات خاصة بنا، فلا يلدغ المسلم من جحر واحد مرتين، فكيف بالذي لدغ في أفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين واليمن. كفى رهانا على الفراغ والوهم، وليعلم العرب أن اتكالهم على غيرهم لن يجلب لهم السعادة والحضور والاستقرار، وأن طلبهم للصدقات كما يقول المثل الشامي لا يكون من شحاذ.